يرتقب أن ترتفع الديون غير المؤداة (المتعثرة)، التي توجد في ذمة الأسر والشركات المغربية للمصارف، مع استمرار تداعيات جائحة كورونا على بعض الأنشطة الاقتصادية، في الوقت نفسه الذي يفترض بالمصارف الامتثال للقواعد الاحترازية بهدف عدم توسع هذه النوعية من القروض.
ويتوقع تقرير لـ"سي دي جي كابيتال" التابع للمصرف الاستثماري، أن ترتفع القروض غير المسددة من قبل عملاء المصارف بنسبة 9.3 في المائة.
ويأتي ذلك نتيجة التداعيات الناجمة عن الجائحة على العديد من القطاعات الإنتاجية والخدماتية، ما سيؤثر على الملاءة المالية للشركات والأسر.
وكانت المصارف قد منحت لعملائها في العام الماضي مهلة لسداد ما في ذمتها لمدة ستة أشهر، وهي المهلة التي انتهت في سبتمبر/ أيلول الماضي، ما ساهم في تأجيل تأثير تدهور جودة الأصول.
بلغت الديون المتعثرة في العام الماضي 8 مليارات دولار، مقابل 7 مليارات دولار في 2019، والبنك المركزي المغربي توقع في أغسطس/ آب 2020 أن ترتفع نسبة القروض المتعثرة بنسبة 10.8 في المائة في العام الحالي
وكان البنك المركزي المغربي قد توقع في شهر أغسطس/ آب من العام الماضي أن ترتفع نسبة القروض المتعثرة بنسبة 10.8 في المائة في العام الحالي، و9.9 في المائة في العام المقبل، وهو تطور مقلق مقارنة بإنجازات المصارف.
وبلغت الديون المتعثرة في العام الماضي 8 مليارات دولار، مقابل 7 مليارات دولار في 2019، حيث كان مستوى القروض غير المؤداة قد دفع البنك المركزي إلى إثارة الموضوع مع المصارف في العام الماضي، التي يفترض فيها في هذه الحالة تكوين مؤن من أجل تغطية هذه القروض.
ويأتي ارتفاع الديون المتعثرة في سياق لجوء الدولة إلى ضمان القروض الموجهة لخزانة الشركات وتلك الموجهة للإنعاش الاقتصادي، حيث تسعى الدولة إلى مواكبة القطاعات الإنتاجية والخدماتية، خاصة تلك التي عانت كثيرا من تداعيات الجائحة.
وكان بنك المغرب قد قرر في ظل الجائحة، تحرير الاحتياطي الإلزامي الذي يجب أن يتوفر لدى المصارف، كما خفض معدل الفائدة الرئيسي من 2.25 في المائة إلى 1.5 في المائة.
ويعتبر الخبير في القطاع المصرفي محمد العربي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه رغم ضمان الدولة للقروض الخاصة بالإنعاش الاقتصادي، إلا أن المصارف مجبرة على التقيد بالعديد من القواعد التي قد تجنبها زيادة معدل المخاطر، مضيفا أن المصارف مضطرة إلى تفادي ارتفاع القروض المتعثرة مع دعم أموالها الذاتية التي تتيح لها مواصلة توفير القروض.
وحث رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب شكيب لعلج، الذي يمثل مصالح رجال الأعمال، في اجتماع مع الحكومة أخيراً، على التدخل من أجل الحفاظ على الملاءة المالية للشركات والحفاظ على فرص العمل.
وذهب إلى أن بعض الشركات عمدت، بهدف توفير السيولة لخزانتها أو مواجهة تداعيات تراجع النشاط، إلى الاستدانة من المصارف، غير أنه بعدما لم يتحقق الانتعاش الاقتصادي وجدت تلك الشركات نفسها مثقلة بالديون، وهو ما يتجلى أكثر في قطاع السياحة والصناعات الثقافية والإبداعية والمطاعم.
وتشير بيانات دراسة لمؤسسة "أنفوريسك"، التي تعنى بتتبع وضعية الشركات، إلى أن 6612 شركة تعرضت للإفلاس في العام الماضي، ويمثل ذلك انخفاضا بنسبة 21.6 في المائة مقارنة بعدد الشركات المفلسة في العام ما قبل الماضي.
غير أن المؤسسة تترقب أن تظهر حقيقة الإفلاسات في العام الحالي، على اعتبار أنه في العام الماضي كان أداء المحاكم محكوما بالحجر الصحي الذي أثر على صدور أحكام المحاكم التجارية.
وشددت الدراسة على أن الشركات التي تواجه صعوبات مرتبطة بمواصلة نشاطها تضطر لتسريح العمال، مشيرة إلى أن بيانات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تؤكد فقدان 420 ألف فرصة عمل.
ورغم ارتفاع القروض غير المسددة من قبل العملاء، ينتظر أن تتحسن نتائج القطاع المصرفي في العام الحالي، كما سترتفع القروض الموزعة بفضل التدابير التي اتخذتها الحكومة من أجل دفع الاقتصاد، رغم أنها ستكون بوتيرة أقل من العام الماضي.