لم يسعف ضعف زراعة النباتات الزيتية المغرب لمواجهة ارتفاع مدخلات إنتاج الزيتون في العامين الماضيين، ما أفضى إلى تضاعف الأسعار، الأمر الذي دفع إلى تعالي الأصوات للدعوة إلى العودة لإنتاج تلك النباتات.
وتتجه الدولة بموجب عقد أبرم مع المهنيين إلى إنجاز استثمارات بـ275 مليون دولار، ضمن خطة ترمي إلي زيادة المردودية والإنتاج، وتحسين معدل تغطية الزيوت الغذائية وإصلاح وتحديث مسالك التوزيع والتسويق في السوق المحلية.
تلك خطة يلتزم عبرها المنتجون بنقل إنتاج النباتات الزيتية من 27600 إلى 130 ألف طن، بما يساهم في رفع الإنتاج إلى 200 ألف طن.
استيراد حاجيات المصانع
ودفع النقص المسجل على مستوى النباتات الزيتية إلى إدراك التأخر في توفيرها من قبل المزارعين، ما أفضى إلى استيراد حاجيات المصانع التي تتولى التحويل من الخارج.
وقد أكدت الجمعية المغربية لمنتجي الزيوت أن المنتجين عانوا من الارتفاع المستمر في أسعار المواد الأولية منذ شهر مارس/ آذار 2020، متأثرة بالتضخم العالمي وآثار الحرب في أوكرانيا، التي كان تأثيره قويا ومباشرا على أنظمة إمداد السوق المحلية.
وكان المغرب شرع منذ الثالث من يونيو/ حزيران من العام الماضي في وقف استيفاء الرسوم الجمركية المطبقة على بعض النباتات الزيتية، في سياق متسم بارتفاع أسعار زيوت المائدة منذ العام الماضي.
ويقضي المرسوم الذي اعتمدته الحكومة بأن يسري وقف الاستيفاء على البذور الزيتية لعباد الشمس والكوزا (الذرة) والصويا، وذلك بهدف مواجهة الزيادة التي تعرفها أسعار بعض النباتات والمواد الخام.
وكان المغرب سعى عبر عقد برنامج في إطار السياسة الزراعية التي طبقت في العشرة أعوام الماضية، إلى تحسين مردودية الزراعات الزيتية وتوسيع المساحات الخاصة بعباد الشمس، حيث كان يراد أن يغطي ذلك الإنتاج الوطني من الزيوت من 2 إلى 19 في المائة من الحاجيات المحلية، غير أن ذلك الهدف لم يتحقق.
بعث زراعة النباتات الزيتية
وارتأت الحكومة في سياق ارتفاع أسعار الزيوت التوجه نحو بعث زراعة النباتات الزيتية التي لا تغطي سوى 2 في المائة من الحاجيات الوطنية، حيث اتجه التفكير إلى إبرام عقود مع المنتجين، بما يساعد على تغطية 50 في المائة من الحاجيات.
ولم تتعد المساحة المخصصة لعباد الشمس والكوزا 27600 هكتار في المغرب، بينما لم يتجاوز الإنتاج 34500 طن، ولم تتجاوز المشاريع التي تربط المزارعين بالمصانع المنتجة للزيوت خمسة مشاريع على مدى أكثر من عقد، حسب بيانات رسمية.
ويعتبر رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، بوعزة الخراطي، أن المغرب يستورد أكثر من 98 في المائة من المواد الأولية، في ظل عدم إنجاز المحاصيل التي كان يراد إنجازها قبل عشرة أعوام.
ويضيف الخراطي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن المنتجين للنباتات الزيتية كانوا موعودين بالدعم من الدولة غير أنهم لم يتمكنوا من الإنتاج، في ظل سعي الشركات التي توفر الزيوت إلى الاستيراد في السابق مستفيدة من العرض في السوق العالمي ومستوى الأسعار.
ويشدد على أنه كما في حالة البنجر السكرى، كان يفترض في مصانع إنتاج الزيوت توفير سعر مجز لمنتجي النباتات الزيتية، وهو سعر كان يتوجب أن تحدده الدولة كي تشجع على إنتاج المادة الأولية، مؤكدا أن المزارعين يراهنون على التمويل بهدف الإقبال على زراعة النباتات الزيتية.
ويتصور أنه في ظل النقص المسجل على مستوى النباتات الزيتية يمكن للمغرب أن يشجع المصانع على تكرير زيت الزيتون واستعمالها في الطهو، بالنظر للإمكانيات التي يتوفر عليها المغرب في هذا المجال.
سياسة تحرير القطاع
لاحظ الاتحاد المهني للبذور الزيتية، في كتاب رفعه إلى الحكومة في الأسبوع الماضي، أن إنتاج البذور الزيتية يغطي مساحة تتراوح بين ما بين 30 إلى 40 ألف هكتار كأعلى مستوى، مقابل 200 ألف هكتار في التسعينيات، معتبرا أن الوضع الحالي هو نتيجة سياسة تحرير القطاع الذي بدأ سنة 1993، والتي دفعت الفلاحين تدريجيا إلى التخلص من هذه المحاصيل.
وتعاني زراعة المغرب من مشاكل عديدة في الآونة الأخيرة، أبرزها الجفاف الأمر الذي دفع الحكومة إلى اتخاذ إجراءات لمواجهته.
وأكد وزير الفلاحة والتنمية القروية المغربي، محمد الصديقي، مؤخرا، أن القطاع الزراعي يسعى إلى تعزيز قدرته على مقاومة التغيرات المناخية.