ضغوط مالية جديدة على المصريين تدفعهم لمزيد من التقشف مع زيادة أسعار الخبز

17 مارس 2022
الأسر المصرية تحملت أعواما من التقشف (فرانس برس)
+ الخط -

يتقاضى محمود فرج راتبا شهريا قدره 1500 جنيه مصري (95 دولارا) من عمله كحارس عقار في القاهرة، لكن الراتب لم يعد كافيا لإطعام أسرته المكونة من خمسة أفراد.

وأسعار الغذاء بمصر في تزايد حتى من قبل الغزو الروسي لأوكرانيا. والآن ارتفع سعر الخبز الذي يعوّل عليه الكثير من المصريين كمكوّن أساسي في غذائهم مع اضطراب صادرات القمح من البحر الأسود وزيادة الأسعار العالمية.

ويفرض ذلك ضغوطا مالية على الأسر التي تحملت بالفعل أعواما من التقشف في بلد يعيش قرابة ثلث سكانه البالغ عددهم 103 ملايين نسمة تحت خط الفقر الرسمي ويكابد كثيرون منهم شظف العيش.

يقول أصحاب المتاجر إن تكلفة كيس الخبز المدعوم زادت 25 بالمئة في الأسابيع الثلاثة التي تلت بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، فضلا عن تزايد أسعار الزيت والبيض والمعكرونة وغيرها من الأغذية عالية الاستهلاك.

وقال عطية حماد رئيس شعبة المخابز بالغرفة التجارية للقاهرة إن أسعار الطحين زادت بما يصل إلى 15 بالمئة.

يقول فرج (52 عاما): "آكل أقل حتى لا يجوع أطفالي". ولم تعد ميزانيته اليومية المخصصة للخبز تكفي إلا لشراء ثمانية أرغفة صغيرة بدلا من عشرة من قبل. ويضيف "أحيانا نطبخ وجبة جيدة كل ثلاثة أيام وبقية الأسبوع نأكل شيئا مثل الخبز والجبن".

ومصر هي أكبر مستورد للقمح في العالم، وتشتري أكثر من 60 بالمئة من احتياجاتها من الخارج. وشكلت روسيا وأوكرانيا نحو 80 بالمئة من تلك الواردات في العام الماضي.

والآن يسارع التجار للاستيراد من أماكن أخرى بعد توقف الشحنات بسبب القتال في أوكرانيا والعقوبات على روسيا.

يفرض ذلك ضغوطا مالية على الأسر التي تحملت بالفعل أعواما من التقشف في بلد يعيش قرابة ثلث سكانه البالغ عددهم 103 ملايين نسمة تحت خط الفقر الرسمي

وقال تاجر في المنطقة "إذا أردت بديلا فستكون الأسعار مختلفة تماما"، في إشارة إلى تقلبات العقود الآجلة التي يستند إليها السوق.

وارتفعت العقود الآجلة للقمح في باريس تسليم مايو/ أيار بنحو 50 بالمئة من مستوياتها المتدنية في فبراير/ شباط.

خطر اجتماعي

كشفت دراسة نشرها المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، هذا الأسبوع أن زيادة الأسعار في الآونة الأخيرة قد ترفع الإنفاق الحكومي السنوي على واردات القمح إلى الضعف تقريبا من نحو ثلاثة مليارات دولار إلى 5.7 مليارات، وهو مبلغ قد تواجه الحكومة صعوبة لتدبيره نظرا لعدم تغير تكلفة الخبز المدعوم منذ الثمانينيات على الرغم من انكماش حجم الرغيف.

وأثارت محاولة لزيادة سعر الخبز المدعوم في 1977 أحداث شغب، في حين شهد عصر الرئيس الأسبق الراحل حسني مبارك اضطرابات في 2008 بسبب نقص القمح. وكان الهتاف الرئيسي في الانتفاضة التي أطاحت به بعد ذلك بثلاثة أعوام "عيش حرية عدالة اجتماعية".

والآن تحذر منظمات دولية منها البنك الدولي من أن زيادة أسعار الطاقة والغذاء قد تؤدي إلى اضطرابات اجتماعية مماثلة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط.

وحاولت الحكومة طمأنة المصريين في الأسابيع الماضية إلى أن احتياطيات القمح الموجودة والمحصول المحلي تكفي لتغطية الطلب على الخبز المدعوم لنحو ثلثي السكان لمدة لا تقل عن ثمانية أشهر.

كما رفعت الحد الأدنى للسعر المدفوع للمزارعين لزيادة توريد المحصول المحلي، وتقول إنها تخصص ميزانية لواردات قمح أعلى سعرا رغم الضغوط على المالية العامة.

ويقول مسؤولون إن إصلاحات الدعم قد تُدرج في ميزانية 2022-2023 المقرر إعلانها هذا الشهر، وإن لم يتضح بعد حجم أي إصلاحات.

ويأتي القمح المخصص لبقية أنواع الخبز من سوق خاصة متنامية يقول المتعاملون بها إن احتياطياتها أقل.

واحتجزت السلطات 12 شخصا على الأقل للاشتباه في التخزين والمضاربة في سلع غذائية ووجه الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكومة يوم الثلاثاء لتسعير الخبز غير المدعوم.

وحظرت مصر تصدير القمح والطحين وغيرهما من السلع الغذائية تشمل العدس والفول الأخضر لثلاثة أشهر.

ومن المتوقع أن تؤدي زيادة أسعار السلع الأولية إلى ارتفاع الأسعار في مختلف قطاعات الاقتصاد. وزاد التضخم الأساسي إلى أعلى مستوياته منذ نحو ثلاثة أعوام في فبراير/ شباط، ومن المتوقع أن يواصل ارتفاعه مع إقبال المستهلكين على الشراء قبيل شهر رمضان الذي يحل في مطلع الشهر المقبل.

وقال تيموثي كالداس من معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط إنه على الرغم من أن الضغوط الجديدة قد تُزيد الإحباطات المتصاعدة بسبب أحوال المعيشة، فإنها ربما لا تؤدي إلى احتجاجات شعبية أصبحت الآن محظورة فعليا بعد حملة طويلة على المعارضة السياسية.

وأضاف "رأينا المصريين يتحملون أيضا ضغوطا صعبة دون الخروج إلى الشوارع بأي عدد يذكر".

 

(رويترز)

المساهمون