استمع إلى الملخص
- التحديات الاقتصادية لإسرائيل: تواجه إسرائيل خسائر اقتصادية ضخمة نتيجة الحرب، بلغت تكلفتها نحو 100 مليار دولار، مما أدى إلى خفض تصنيفها الائتماني من قبل وكالتي موديز وفيتش مع توقعات سلبية.
- تداعيات الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي: يعاني الاقتصاد الإسرائيلي من عجز في الموازنة، تراجع الإيرادات، وفقدان قطاع السياحة 75% من زبائنه، مع هروب المستثمرين وتراجع مبيعات الأسلحة.
أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية، يوم الخميس الماضي، أنها ستحصل على حزمة من المساعدات الأميركية بقيمة 8.7 مليارات دولار لدعم إسرائيل في عملياتها العسكرية الحالية. وجاء الإعلان عن تلك المساعدات بعد تأجيل دام شهوراً من إدارة جو بايدن مع الضغوط التي يمارسها نصف الأميركيين على الرئيس الاميركي بضرورة تقييد المساعدات العسكرية المقدمة لدولة الاحتلال، وفق أحدث استطلاعات الرأي. لكن المساعدات مرت، كالعادة، ورغم المعارضة الشعبية من منطلق أن الولايات المتحدة
كانت، وما زالت، ملتزمة بالتفوق العسكري الحاسم لإسرائيل في المنطقة والدفاع عنها.
الملفت أن المساعدات الأميركية التي تم الإعلان عنها "عسكرية" بالدرجة الأولى، حيث تتضمن 3.5 مليارات دولار لتمويل مشتريات أسلحة للحرب الدائرة في فلسطين ولبنان، وهذا المبلغ جرى تحويله بالفعل نهاية الأسبوع الماضي، و5.2 مليارات دولار مخصّصة لتحديث أنظمة الدفاع الجوي، بما في ذلك القبة الحديدية ومقلاع داوود ونظام ليزر متقدّم، ووفق الإعلان الإسرائيلي، فإنه سيتم تحويل تلك الدفعة بحسب تفاهمات يجري التوافق عليها بين واشنطن وتل أبيب.
لكن في مقابل المساعدات الأميركية لا توجد منح مالية ضخمة ومساعدات نقدية مباشرة مقدمة لإسرائيل، سواء من الولايات المتحدة أو من دول أخرى داعمة لحرب الإبادة الحالية مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا، بل ركز الداعمون على المساعدات العسكرية والأسلحة الفتاكة التي تساعد دولة الاحتلال في حرب الإبادة الجماعية التي تقوم بها في المنطقة.
ومن هنا يمكن النظر إلى المساعدات الأميركية لإسرائيل التي أقرها مجلس النواب في أغسطس/آب الماضي بقيمة 26.4 مليار دولار وتمنح على أربع سنوات، على أنها لأغراض الحرب ومجرد "نواية لا تسند زير" الخسائر الضخمة التي تتعرض لها دولة الاحتلال واقتصادها المأزوم، سواء الناتجة عن تكلفة الحرب الضخمة والبالغة نحو 100 مليار دولار، أو هروب مليارات الدولارات من البنوك والبورصة وأدوات الدين، أو تهاوي أنشطة اقتصادية وانسحاب شركات عالمية كبرى.
هذه الخسائر الضخمة تعكس قرار وكالة موديز العالمية، يوم الجمعة الماضي، خفض التصنيف الائتماني لإسرائيل درجتين مرة واحدة إلى بي إيه إيه1 (Baa1) من إيه 2 (A2) والإبقاء على توقعاتها للتصنيف عند "سلبي". وهو أدنى مستوى تمنحه مؤسسة تصنيف عالمية لدولة الاحتلال على الإطلاق ومنذ تاريخ تأسيسها.
لم تكتفِ موديز بهذا الخفض، بل قالت إنه: "من المرجح أن يتم تخفيض التصنيف الائتماني لإسرائيل بشكل أكبر، ربما بدرجات متعددة، إذا تحولت التوترات المتصاعدة الحالية مع حزب الله إلى صراع واسع النطاق".
يمكن النظر إلى المساعدات الأميركية لإسرائيل التي أقرها مجلس النواب في أغسطس/آب الماضي بقيمة 26.4 مليار دولار وتمنح على أربع سنوات، على أنها لأغراض الحرب ومجرد "نواية لا تسند زير" الخسائر الضخمة
وقبل خفض "موديز" خفضت وكالة فيتش التصنيف الائتماني لإسرائيل من A+ إلى A، وأبقت على توقعات التصنيف "سلبية". ومن المتوقع زيادة الضغوط المالية على إسرائيل في الفترة المقبلة، خاصة أن وكالة فيتش العالمية توقعت الشهر الماضي امتداد الحرب في المنطقة، إلى عام 2025 والإشارة إلى أن الحرب مع غزة هي الأطول التي تخوضها إسرائيل منذ إقامتها في العام 1948.
ورغم الهجوم الشديد الذي وجهته حكومة نتنياهو لمؤسسة موديز والزعم بأن الاقتصاد الإسرائيلي قوي وصلب، إلا أن تصريحات زعيم المعارضة الإسرائيلية يئير لبيد، أمس الأحد، جاءت لتؤكد المأزق المالي الشديد الذي تمر به دولة الاحتلال، إذ وصف قرار "موديز" خفض تصنيف إسرائيل درجتين دفعة واحدة، بأنه مؤشر على غرق البلاد في وحل اقتصادي بسبب سوء الإدارة.
إذاً، فالاقتصاد الإسرائيلي يواصل نزيفه الحاد، وهو ما يعبر عنه العجز الحاد في الموازنة العامة، وتراجع الإيرادات الحكومية ومعدل النمو وفقدان قطاع السياحة 75% من زبائنه الأجانب، وهروب المستثمرين من قطاع التكنولوجيا الذي يعتمد الاقتصاد الإسرائيلي عليه بقوة في جذب الاستثمارات المباشرة وتوليد النقد الأجنبي. حتى القطاعات التقليدية أصابها الكساد وفي مقدمتها الزراعة والصناعة والإنشاءات والخدمات.
ورغم محاولات بعض الدول العربية مساندة قطاع الأسلحة الإسرائيلي عبر صفقات استيراد ضخمة، إلا أن هذا القطاع تراجعت مبيعاته بشدة في ظل تحويل المقاومة الفلسطينية مدرعات ميركافا إلى خردة يتلاعب بها أطفال غزة، وانهيار أسطورة الجيش الذي لا يقهر، واستعانة جيش الاحتلال بالأسلحة الأميركية والبريطانية الفتاكة في قتل أطفال ونساء وعجائز غزة والصفة الغربية ولبنان، وتشوه صورة إسرائيل أمام الرأي العام العالمي.