المزارعون في المغرب يتطلعون إلى توسيع التأمين لتخفيف أضرار الجفاف

15 ديسمبر 2024
مواطن يسير بدراجته بين أشجار النخيل الميتة بفعل الجفاف في واحة سكورة بالمغرب (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يواجه القطاع الزراعي في المغرب تحديات مناخية تؤدي إلى انخفاض المحاصيل، مما دفع وزارة الفلاحة لإطلاق برنامج التأمين متعدد المخاطر المناخية في 2012 لتشجيع المزارعين على التأمين.
- رغم الجهود، لا يزال انخراط المزارعين ضعيفاً، حيث ارتفع من 7% إلى 24% خلال العقد الأخير، وزادت الدولة دعمها لتأمين الحبوب والبقوليات بنسبة 27%، مع هدف تغطية 2.5 مليون هكتار بحلول 2030.
- تعمل وزارة الزراعة مع البنك الدولي على تطوير منتج تأميني جديد، وتؤكد وزيرة الاقتصاد على تعزيز الشراكة بين القطاعين لتغطية المخاطر القصوى.

يتطلع الكثير من المزارعين في المغرب إلى تحسين شروط التأمين الخاص بالمنتجات الزراعية، في ظل الجفاف الذي يؤدي إلى تراجع حاد في المحاصيل، ويدفع شركات التأمين وإعادة التأمين إلى التخوف من تكبد خسائر كبيرة في حال المضي قدماً في توفير منتجات التأمين متعدد المخاطر المناخية.

وكانت وزارة الفلاحة أطلقت، بشراكة مع "التعاضدية الفلاحية المغربية للتأمين" في 2012، برنامج التأمين متعدد المخاطر المناخية، الذي يراد منه تشجيع المزارعين على الانخراط في التأمين الفلاحي، الذي يعد من بين البرامج الرامية إلى التكيف مع التغيرات المناخية.

ويذهب المجلس الأعلى للحسابات (مؤسسة رقابية)، في تقريره السنوي الذي نشر في العدد الأخير من الجريدة الرسمية، قبل أيام، واطلعت عليه "العربي الجديد"، إلى أن القطاع الزراعي يواجه تحديات مرتبطة بالتغيرات المناخية، بفعل تراجع تساقط الأمطار وارتفاع درجات الحرارة وزيادة تواتر وشدة ظواهر مناخية غير عادية.

وتفضي الظروف المناخية وانخفاض الموارد المائية إلى تراجع المحاصيل، بفعل تقلّص مدة الموسم الزراعي وانخفاض المردودية، في وقت يفترض فيه زيادة الإنتاج لتحقيق هدف الأمن الغذائي. ويقلق تأخر الأمطار في الموسم الزراعي الجديد المزارعين، حسب الفني الزراعي ياسين أيت عدي، الذي يشير في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن توالي سنوات الجفاف يدفع المزارعين إلى التخوف من تحمّل تكاليف إنتاج مرتفعة، رغم التأمين الزراعي الذي تعلن عنه الحكومة.

وكانت وزارة الزراعة أعلنت عن توفير التأمين الزراعي متعدد المخاطر المناخية للحبوب والقطاني (البقوليات) والزراعات الزيتية، حيث سيتم تغطية حوالي مليون هكتار، مع المضي في برنامج التأمين متعدد المخاطر الخاص بالأشجار المثمرة، لتأمين حوالي 50 ألف هكتار (الهكتار يعادل 10 آلاف متر مربع).

ويفترض أن يسمح تأمين المحصول بتغطية سلاسل الحبوب، القطاني الغذائية والزراعات الزيتية، ضد 6 مخاطر مناخية، والتي تتمثل في الجفاف والبرد والصقيع والرياح القوية والرياح الرملية وركود المياه في الحقول الفلاحية. ويلاحظ أيت عدي أن بعض الظواهر المناخية أضحت أكثر شدة، حيث يصعب على المزارعين، خاصة الصغار والمتوسطين الذين يراهنون على الأمطار، تحمّل تأثيراتها، علما أن التأمين لا يشمل كل المزارعين.

ويذهب المجلس الأعلى للحسابات، إلى أن معدل انخراط المزارعين في التأمين متعدد المخاطر المناخية، ظل ضعيفاً رغم الارتفاع الذي سجله في العشرة أعوام الأخيرة من 7% إلى 24%. ويؤكد تقرير المجلس أن الدولة سعت إلى تشجيع انخراط المزارعين عبر تحمّلها نسبة من تكلفة التأمين، حيث ارتفع حجم إعانات الدولة لدعم تأمين الحبوب والبقوليات بنسبة 27% في الفترة الفاصلة بين 2016 و2023، حيث انتقل من 38.53 مليون دولار، بهدف تأمين مليون هكتار إلى 49 مليون دولار لفائدة 1.2 مليون هكتار.

وتشدد وزارة الزراعة، على أن زيادة الدعم مردها إلى التغيرات التي همت أقساط التأمين في الخمسة أعوام الأخيرة التي شهدت عودة الجفاف، ما أفضى إلى زيادة المخاطر المؤمّن عليها، هذا في الوقت الذي عبّرت شركات التأمين وإعادة التأمين عن تكبدها خسائر بفعل تسويق التأمين متعدد المخاطر المناخية.

غير أن المجلس الأعلى للحسابات، يعتبر أن التأكيد على مسألة إرساء نظام فعال للتأمين، يأتي في ظل ارتفاع نسبة تعرّض المحاصيل للمخاطر المناخية واستحقاقها للتعويض إلى 100% في 2022، و82% في الموسم الزراعي الماضي، علماً أن تلك المخاطر ما فتئت تشتد في الخمسة أعوام الأخيرة.

ودفعت تلك المخاطر الدولة إلى تحديد هدف تغطية 2.5 مليون هكتار بالتأمين متعدد المخاطر المناخية في السياسة الفلاحية التي تمتد إلى عام 2030، غير أن مجلس الحسابات يسجل أنه لم يتم بعد التوقيع على اتفاقية بين وزارة الزراعة والمؤسسات المختصة بالتأمين من أجل بلوغ ذلك الهدف. ويؤكد المجلس أن التأخر في توقيع تلك الاتفاقية، عائد إلى عدم التوافق مع شركة التأمين بهدف تمديد الاتفاقية، خاصة في ظل تحفّظ شركة إعادة التأمين على الالتزام باتفاقية طويلة الأمد، كما يعزو ذلك التأخر إلى انتظار نتائج دراسة حول إصلاح منظومة التأمين الزراعي.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وتشدد وزارة الزراعة على أنها بصدد العمل بدعم من البنك الدولي على بلورة منتج جديد يرمي إلى تحسين شروط التأمين الخاص بالحبوب والقطاني والزراعات الزيتية، حيث تشدد على الانكباب على وضع أسس تأمين تستجيب لانتظارات المزارعين.

وكانت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح علوي، أكدت مؤخرا أن التغيرات المناخية التي عرفها المغرب في الأعوام الأخيرة، زجت بقطاع التأمين في حالة من عدم اليقين، حيث إن الطرق التقليدية للتوقع لم تعد تتيح التسلح برؤية استباقية للمخاطر. وأكدت ضرورة تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بهدف تغطية المخاطر القصوى، التي لا يمكن لقطاع التأمينات تحمّلها وحده، مشيرة إلى الجفاف الذي أثر على النمو الاقتصادي والأرياف في الأعوام الأخيرة.

وتأتي التغيرات المناخية في مقدمة التحديات التي تواجه المغرب، الذي يعد بين البلدان الأكثر معاناة من الإجهاد المائي، التي تعرف ضغوطاً متزايدة بسبب الجفاف على الفلاحة وقطاعات أخرى. ويؤثر الجفاف على الكثير من الأنشطة الاقتصادية ومعدلات النمو في الدولة. ولم يتمكن المغرب في الأعوام الأخيرة من بلوغ معدل نمو اقتصادي قوي يوفر فرص عمل تستوعب جزءاً كبيراً من الشباب المقبل على سوق العمل، حيث لم يتجاوز في المتوسط 3%، في الوقت الذي أوصى النموذج التنموي بوصوله إلى 6%.

المساهمون