الليرة السورية تتهاوى والنظام يقدم 20 دولاراً منحة موظفين لمرة واحدة

11 ابريل 2023
سوق الحميدية الشهير في شهر رمضان المبارك (فرانس برس)
+ الخط -

فيما تزيد تكاليف معيشة الأسرة السورية عن 5.6 ملايين ليرة (729.6 دولاراً أميركياً) شهرياً، أصدر رئيس النظام بشار الأسد اليوم، المرسوم التشريعي رقم 5 لعام 2023 القاضي بصرف منحة مالية لمرة واحدة بمبلغ مقطوع قدره 150 ألف ليرة سورية (19.54 دولاراً) للعاملين في الدولة من المدنيين والعسكريين وأصحاب المعاشات التقاعدية.

وحدد المرسوم اليوم أن المنحة تصرف، بالنسبة للعاملين المدنيين والعسكريين في الدولة، من: وفورات سائر أقسام وفروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2023 بالنسبة للعاملين الذين يتقاضون رواتبهم وأجورهم من هذه الموازنة.

ويرى الاقتصادي السوري عبد الناصر الجاسم أن مبلغ المنحة لا يكفي لمعيشة الأسرة ليوم واحد، بعد ارتفاع أسعار السلع والمنتجات بأكثر من 100% عن العام الماضي، معتبراً أن هذه المنحة "التفاف على مطلب زيادة الأجور بما يناسب الإنفاق كما تمت مطالبة الحكومة أخيراً".

ويشير الجاسم لـ"العربي الجديد" أن التضخم وتراجع سعر صرف العملة السورية جعلا من منحة الأسد اليوم "موضع تندر وسخرية" بالشارع السوري، إذ لا تشتري المنحة أكثر من 10 كيلوغرامات من الخيار ولا تشتري سوى دجاجتين مشويتين أو كيلو ونصف الكيلو لحم خروف، معتبراً أن هذه المنحة جاءت ترضية قبل عيد الفطر كما كان التوقع قبل أيام.

وكان "العربي الجديد" قد نشر أول من أمس عن مصدر مسؤول بدمشق توجه حكومة الأسد لإصدار منحة مالية قبل العيد للتهرب من زيادة الأجور والرواتب للعاملين بالدولة، بعد تراجع القيمة الشرائية لليرة وزيادة نسبة الفقر عن 90%.

ويستمر نظام الأسد باللحاق بالسوق السوداء وتسعير الليرة وفق تقلبات دولار السوق، وهو ما يراه المراقبون، تعويم الليرة بالزمن غير المناسب، لأن انسحاب المصرف المركزي من دعم الليرة والمحافظة على سعرها، وبواقع تثبيت الأجور بالليرة، حول جميع السوريين إلى فقراء وزاد من ارتفاع الأسعار، والمستوردة على نحو خاص بعد أن سجل دولار السوق السوداء بدمشق اليوم 7675 ليرة وهو أدنى سعر على الإطلاق تهوي إليه العملة السورية.

ويرجح مراقبون أن دولار السوق تأثر بتسعير المصرف المركزي الجديد لليرة، ما زاد من فقدان ثقة المكتنزين بالعملة السورية، بواقع استمرار تخفيض سعرها الرسمي الذي بدأ منذ الشهر الماضي.

وكان مصرف سورية المركزي قد رفع اليوم سعر صرف الدولار في نشرة الحوالات والصرافة، وذلك للمرة الثانية منذ بداية الشهر الجاري بمقدار 50 ليرة ليبلغ سعر الليرة السورية مقابل الدولار في نشرة اليوم 7300 ليرة.

ووفقاً لنشرة الحوالات والصرافة الصادرة اليوم عن المركزي تم تحديد سعر صرف الليرة السورية مقابل اليورو بـ7952.62 ليرة سورية لليورو الواحد.

وذكر المصرف في بيان له أن هذه النشرة تصدر بغرض التصريف النقدي وشراء الحوالات الخارجية التجارية والحوالات الواردة إلى الأشخاص الطبيعيين، بما فيها الحوالات الواردة عن طريق شبكات التحويل العالمية.

وكان المركزي قد حدّد في نشرة الحوالات والصرافة السابقة سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي بـ7250 ليرة للدولار الواحد، ومقابل اليورو بـ7901.05 ليرة سورية لليورو الواحد.

ويعاني السوريون من تفاوت كبير بين الدخل والإنفاق، خاصة بعد "خيبة الأمل بزيادة الأجور اليوم" واكتفاء نظام الأسد بـ"تسكين الجراح وتسكيت الشارع" بمنحة لا تصل إلى 20 دولاراً، بحسب مصادر من دمشق، في حين أسعار السوق تزداد يومياً.

وكان مركز "قاسيون" من دمشق قد كشف أخيراً وصول وسطي تكاليف المعيشة الأسرة المكوّنة من خمسة أفراد إلى أكثر من 5.6 ملايين ليرة سورية (أما الحد الأدنى فقد وصل إلى 3 ملايين و546 ألفاً و83 ليرة) مع انتهاء الربع الأول من عام 2023.

ويشير المركز إلى أن هذا الارتفاع يجري بينما لا يزال الحد الأدنى للأجور (92970 ليرة سورية - أي أقل من 13 دولاراً شهرياً) شديد الهزالة وغير كافٍ لتغطية أي شيء فعلياً من أساسيات الحياة.

وتتمثل طريقة المركز في حساب الحد الأدنى لتكاليف معيشة أسرة سورية من خمسة أشخاص، بحساب الحد الأدنى لتكاليف سلة الغذاء الضروري (بناءً على حاجة الفرد اليومية إلى حوالي 2400 حريرة من المصادر الغذائية المتنوعة).

ولهذا الهدف، اعتمدت "مؤشر قاسيون" على حساب الوجبة الأساسية للفرد خلال اليوم الواحد التي صاغها مؤتمر "الإبداع والاعتماد على الذات" للاتحاد العام لنقابات العمال في عام 1987، والتي يحصل من خلالها المواطن المنتج على السعرات الحرارية التي تكفل له الحياة وإعادة إنتاج قوة عمله من جديد، على اعتبار أن تكاليف الغذاء هذه تمثّل 60% من مجموع الحد الأدنى لتكاليف معيشة الأسرة، بينما تمثل الـ40% الباقية الحاجات الضرورية الأخرى للأسرة (تكاليف سكن، ومواصلات، وتعليم، ولباس، وصحة، وأدوات منزلية، واتصالات.. وغيرها).

المساهمون