الليرة التركية تهبط إلى قاع غير مسبوق وسيناريوهات غامضة في 2022

20 ديسمبر 2021
شركة صرافة في إسطنبول (Getty)
+ الخط -

هبطت الليرة التركية إلى قاع غير مسبوق في بداية تعاملات اليوم الاثنين، ليكسر الدولار الأميركي حاجز 17.5 ليرة، ما يزيد من ضبابية المشهد في سوق الصرف الذي يتعرض لهزات عنيفة بانجراف الليرة إلى أسوأ العملات أداء في الأسواق الناشئة عالمياً، رغم المؤشرات الإيجابية للاقتصاد التركي وتحقيق معدلات نمو قوية.

وتجاوز سعر صرف الدولار 17 ليرة للمرة الأولى نهاية الأسبوع الماضي، بعد أن خفض البنك المركزي التركي الفائدة إلى 14% مقابل 15%، فيما كان الدولار بنحو 9.6 ليرات مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

ويأتي التراجع الجديد في سعر العملة التركية بعد ساعات من تصريحات الرئيس رجب طيب أردوغان، أمس السبت، حيث أعلن ما أسماها بـ"حرب الاستقلال الاقتصادي" متعهدا بخفض معدل التضخم الذي تجاوز 21%.

أردوغان يتعهد بخفض التضخم

وقال أردوغان خلال لقاء مع شبان أفارقة أمس، وأُذيع اليوم الأحد: "عاجلاً أو آجلاً، مثل ما خفضنا التضخم إلى 4% عندما وصلت إلى السلطة، سنخفضه مرة أخرى، وسنجعله ينخفض ​​مرة أخرى".

 المواطنون يمتلكون 226 مليار دولار من العملات الأجنبية حتى الثالث من ديسمبر/ كانون الأول الجاري، أي ما يعادل أكثر من 60% من جميع الودائع، حسب آخر بيانات البنك المركزي

وأضاف مجددا أنّ أسعار الفائدة تسبب التضخم، مشيرا إلى أنه لن يسمح لأسعار الفائدة "بسحق" المواطنين. وكان التضخم انخفض إلى حوالي 4% في عام 2011، قبل أن يبدأ في الارتفاع تدريجياً من عام 2017. وقفز 3.5% في نوفمبر/ تشرين الثاني إلى 21.3% على أساس سنوي.

ويرجع محللون ماليون هبوط الليرة إلى ردة الفعل البديهية للأسواق بعد خفض سعر الفائدة رغم ارتفاع معدلات التضخم، بينما يعتبر الرئيس التركي أن السبب يعود إلى التلاعب بسوق الصرف.

وكلّف أردوغان مجلس الرقابة الحكومي، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بتحديد المؤسسات التي اشترت كميات كبيرة من العملات الأجنبية، وتحديد ما إذا كان قد حدث أي تلاعب، بعدما أكد أن زيادة سعر الصرف وارتفاع الأسعار حصلا جراء "تلاعب من قبل أولئك الذين يريدون إخراج بلادنا من المعادلة".

لكن الغموض يزداد مع استمرار تدهور الليرة إلى مستويات قياسية في بضعة أسابيع، وتحديداً منذ سبتمبر/ أيلول الماضي، إذ فقدت نحو 40% من قيمتها منذ ذلك التاريخ.

ما الذي تحتاجه الليرة للتوقف عن التدهور؟

وتتصاعد التساؤلات حول ما الذي يتطلبه الأمر لوقف انحدار الليرة؟ هذا هو السؤال الذي يطرحه المستثمرون مع دخولهم إلى 2022 وهم يفكرون في أسوأ العملات أداءً في الأسواق الناشئة هذا العام.

وينعكس تدهور الليرة على مختلف الأنشطة الاقتصادية والخدمية. ويوم الجمعة الماضي، أوقفت تركيا التعاملات في جميع الأسهم المدرجة بعد انخفاضات حادة.

ورغم أن الأسهم لا تزال مرتفعة بنسبة 41% هذا العام حسب المعايير المحلية، فإنها الأسوأ أداءً على مستوى العالم مقابل الدولار الأميركي مع انخفاض بنسبة 36%.

وبلغ الانخفاض 500 نقطة أساس منذ سبتمبر/ أيلول، ما تسبب في تصنيف تركيا واحدةً من أقل الأسواق الناشئة من حيث العائدات الحقيقية.

ويرى محللون أن الغموض يخيم على سيناريوهات 2022 بالنسبة لواقع السياسة النقدية والمالية في تركيا، ما دعا وكالة بلومبيرغ الأميركية إلى التساؤل حول ما إذا كان البنك المركزي سيضطر إلى تغيير وجه السياسة النقدية بالكامل، كما فعل خلال أزمات الليرة في الماضي.

لكن بول غرير، مدير الأموال في مؤسسة "فيديليتي إنترناشيونال" التي يقع مقرها في لندن، قال :"يبدو أن الإدارة الحالية مدفوعة بإيجاد الوظائف والنمو الاقتصادي، وهي أقل اهتماماً بالعملات الأجنبية واستقرار التضخم، ويتعارض هذا المزيج من الأولويات الكلية مع ما يبحث عنه مستثمرو الدخل الثابت في الخارج في الوقت الحالي".

 الأسهم التركية الأسوأ أداءً على مستوى العالم بالدولار الأميركي مع انخفاض قيمتها بنسبة 36%

ومع مغادرة الكثير من المستثمرين الأجانب في الدخل الثابت بخفض أسعار الفائدة، يبدو أن مدخرات العملة الصعبة التي تحتفظ بها الأُسَر التركية والشركات المحلية هي التي ستؤدي إلى تقلبات الليرة في عام 2022.

ويمتلك المواطنون 226 مليار دولار من العملات الأجنبية حتى الثالث من ديسمبر/ كانون الأول الجاري، أي ما يعادل أكثر من 60% من جميع الودائع، حسب آخر بيانات البنك المركزي.

مخاطر خارجة عن سيطرة أردوغان

وقال نيك ستادميلر، مدير استراتيجية الأسواق الناشئة في "ميدلي غلوبال أدفيازرز": "ربما كان لفقدان ثقة المواطنين الأتراك بالليرة تأثير أكبر في انخفاض العملة من تصورات المستثمرين الأجانب".

ومع ذلك، فإن الشركات والأفراد بحاجة إلى مبلغ معين من الليرة في الودائع لدفع النفقات العادية، ما سيبقي على وجود قدر معين من الليرة في النظام".

وتوجد مخاطر خارجة عن سيطرة الرئيس التركي. ففي الوقت الذي تستعد فيه البنوك المركزية في الغرب، ومن بينها الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، لمواجهة التضخم في المستقبل برفع أسعار الفائدة، وبالتالي جذب رؤوس أموال خارجية، ستضعف جاذبية الأسواق الناشئة المحفوفة بالمخاطر، بما في ذلك تركيا.

وقال كارلوس هاردنبرغ، مدير المحفظة في "موبيوس كابيتال بارتنرز"، إنه إلى جانب فقدان الثقة بإدارة البنك المركزي، سيضعف الاهتمام الأجنبي بالاستثمار في تركيا.

المساهمون