مع إعلان الحكومة الكويتية خطة مواجهة التحديات الاقتصادية المقبلة في ظل الأزمة المالية الطاحنة التي تشهدها البلاد جراء عجز الموازنة من ناحية وجائحة كورونا من ناحية أخرى، أصدرت السلطات الكويتية قراراً برسوم على المسافرين، وذلك في محاولة منها لتعزيز مواردها المالية.
وفي هذا السياق، قرر وزير الخدمات الكويتي عبد الله معرفي فرض رسوم بقيمة 10 دولارات على المغادرين والقادمين إلى الكويت للمسافر الواحد، وهو الأمر الذي أثار ردود أفعالة متباينة بشأن الجدوى من الخطوة الجديدة.
وقال مصدر حكومي كويتي لـ "العربي الجديد" إن القرار الذي صدر مساء الأحد الماضي يأتي ضمن خطوة حكومية شاملة لزيادة أسعار الخدمات والرسوم الحكومية، بالإضافة إلى فرض رسوم جديدة على العديد من الخدمات التي تقدم بصورة مجانية، مشيراً إلى أن هذا التوجه يهدف إلى زيادة الإيرادات المالية في إطار معالجة عجز الميزانية.
وأكد المصدر أن الحكومة تتوقع إيرادات تقدر بـ 60 مليون دولار من تحصيل الرسوم من المغادرين والقادمين، بعد عودة العمل في مطار الكويت الدولي بشكل طبيعي عقب الانتهاء من الإجراءات الاحترازية ورفع القيود المفروضة على خلفية جائحة كورونا.
وأشار المصدر الحكومي، الذي رفض الكشف عن اسمه، إلى أن الكويت ليست أول دولة تقوم بهذا الإجراء، لافتاً إلى أن غالبية دول العالم تفرض رسوماً على المسافرين والقادمين، وفي المقابل تسعى السلطات الكويتية ممثلة في وزارة الخدمات إلى تحسين كافة الخدمات المقدمة للمواطنين والمقيمين خلال الفترة المقبلة.
وعن القرارات المتوقع صدورها خلال الفترة المقبلة، أوضح المصدر أن الأشهر المقبلة ستشهد العديد من الإجراءات قائلاً: "انتهى عصر الخدمات المجانية في الكويت وقريباً سيتم الإعلان عن قرارات لزيادة الرسوم الحكومية مثل رسوم تجديد الإقامات ورخص القيادة وغيرها من المعاملات الحكومية".
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي الكويتي، علي الموسى، لـ "العربي الجديد"، إن قرار فرض الرسوم على المسافرين تسبب في موجة غضب وحالة جدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكداً أنه لا يوجد مبرر لحالة الغضب من القرار الذي يهدف إلى معالجة الأزمة الاقتصادية.
وأوضح الموسى أن الحكومة مطالبة بتوضيح إجراءاتها للرأي العام الكويتي، وعدم اتخاذ القراءات المفاجئة بدون ذكر الأسباب، داعياً إلى اعتماد مبدأ الشفافية وإطلاع المواطنين على الإجراءات التي تنوي اتخاذها والتي تهدف إلى تعزيز الموارد المالية لدعم ميزانية الدولة التي تشهد عجز متصاعداً، خصوصاً في ظل التداعيات الاقتصادية الخطيرة لجائحة كورونا.
وأضاف أن غالبية دول العالم تفرض رسوماً على السفر، فيما تأخرت الحكومة الكويتية عن تنفيذ تلك الإجراءات. وذكر أن المواطنين عندما يسافرون في مختلف دول العالم يدفعون الرسوم من دون أي اعتراضات، مستغرباً تلك الاعتراضات في مواقع التواصل الاجتماعي ضد القرار الأخير.
ويقول عيسى ناصر، وهو مواطن كويتي لـ "العربي الجديد"، إنه يرفض قرار زيادة الرسوم على السفر، مؤكداً أن الوقت غير مناسب لاتخاذ مثل هذه القرارات بسبب تراجع الأوضاع المعيشية والاقتصادية.
بدوره، قال المواطن عبد الناصر موسى إن الحكومة تسعى إلى معالجة أزماتها من خلال فرض الضرائب والرسوم على المواطنين والمقيمين، داعياً نواب مجلس الأمة الكويتي إلى التدخل من أجل وقف مثل هذه القرارات التي تستنزف معيشتهم.
إلى ذلك، تقدم النائب في مجلس الأمة الكويتي (البرلمان)، مهلهل المضف، بسؤال إلى وزير الدولة لشؤون الإسكان وزير الدولة لشؤون الخدمات عبد الله معرفي، لمعرفة أسباب فرض رسوم جديدة على المواطنين المغادرين أو القادمين.
وتساءل المضف في سؤاله البرلماني عن كيفية تحصيل تلك الرسوم، وهل سيتم ربط هذه الرسوم بتحسين الخدمات في المطار؟
على جانب آخر، قال الباحث الاقتصادي الكويتي، عادل الفهيد، إن الحكومة دائماً تحل أزماتها من خلال المساس بجيوب المواطنين، مؤكداً أن القرار سيكبدهم مبالغ طائلة حيث تسافر الأسر الكويتية بالإضافة إلى الخدم أيضاً، ما يعني أن الأسرة التي تتكون من 6 أفراد على سبيل المثال ستقوم بدفع 60 دولاراً ذهاباً و60 دولاراً عند العودة.
وخلال اتصال هاتفي مع "العربي الجديد" دعا الفهيد الحكومة إلى التراجع عن القرار، مشيراً إلى أن الإصلاح الاقتصادي يجب أن يبدأ بعلاج الأزمات الأخرى ومكافحة الفساد الذي استشرى خلال الفترة الماضية وترشيد الإنفاق والمضي في الإجراءات الإصلاحية.