يخوض تجار السلع الغذائية والمستثمرون في قطاعات المطاعم في الكويت معركة طاحنة مع وزارة التجارة والصناعة من أجل إنهاء قرار تثبيت أسعار السلع الغذائية للجمهور في الكويت والذي صدر في شهر مارس/ آذار عام 2020 مع بدء جائحة كورونا.
ويطالب تجار الأغذية في الكويت بضرورة إنهاء قرار تثبيت الأسعار لمواكبة المتغيرات الجديدة نتيجة للحرب في أوكرانيا، إضافة إلى ارتفاع كلفة الشحن الدولي بعد جائحة كورونا، وارتفاع أسعار التخزين والنقل داخل الكويت.
وفي المقابل، لا تزال وزارة التجارة مترددة في اتخاذ قرار مثل هذا، خوفاً من انفلات الأسعار إلى حد لا يمكنها السيطرة عليه، والمساءلة السياسية المتوقعة من قبل مجلس الأمة (البرلمان) والذي يضغط على الحكومة لمراقبة الأسعار بشكل أكبر وأدق.
وحاولت العديد من شركات المواد الغذائية رفع الأسعار تبعاً للزيادات العالمية، ودون الالتفات لقرار وزارة التجارة بعدم الزيادة، ما أدى إلى إعلان وزارة التجارة عن حملات تفتيشية على منافذ البيع للتأكد من عدم الزيادة، وإطلاق نظام إلكتروني مربوط بالجمعيات التعاونية، والتي تعتبر أكبر منفذ بيع مواد غذائية في البلاد، يراقب الأسعار ويضمن عدم ارتفاعها.
وتضغط غرفة التجارة والصناعة، والتي تمثل مصالح المستوردين وتجار السلع الغذائية، على وزارة التجارة لإجبارها على إنهاء قرار تثبيت الأسعار السابق، إذ وصف رئيس غرفة التجارة محمد الصقر، في اجتماع الجمعية العمومية للغرفة الحديث عن ارتفاع الأسعار بأنه أشبه بـ"حقل ألغام" بسبب الوجه السياسي للتضخم حالياً.
وقال الصقر إنّ العالم يشهد ارتفاعاً مستمراً في أسعار البضائع والخدمات بشكل عام، وفي أسعار السلع الغذائية الأساسية والمواد الإنشائية والمعادن بشكل خاص. وتابع: "إننا في غرفة تجارة وصناعة الكويت نقدّر تماماً النوايا الطيبة والمشاعر الإنسانية لمن ينادون بتحديد الأسعار. ولكننا في الوقت ذاته نعلم علم اليقين أن هذه السياسة لا تؤدي إلى النتائج التي يرمون إليها. ونعرف تماماً أن السياسة الأفضل للحد من الانعكاسات الاجتماعية السلبية لارتفاع الأسعار هي الانفتاح على كلّ الأسواق، وتشجيع المنافسة، ومنع الاحتكار بأي وجه كان".
ولفت الصقر في تطمينه لتجار الجملة وتجار السلع الغذائية بأنّ وزير التجارة وعده بإنهاء قرار تثبيت الأسعار خلال شهرين.
لكنّ رئيس جمعية حماية المستهلك مشعل المانع، أكد لـ"العربي الجديد" أن إنهاء قرار تثبيت الأسعار قد يؤدي إلى رفع أسعار السلع ما بين 20 إلى 45% وهو رقم كبير وضخم جداً.
وحمّل المانع الجمعيات التعاونية والإجراءات الحكومية الخاطئة جزءاً من المسؤولية، إذ قال: "في الكويت توجد عندنا منافذ بيع كثيرة، يصل عددها إلى 68 منفذاً، وهي الجمعيات التعاونية الاستهلاكية التي تبيع ما قيمته مليار و200 مليون دينار كويتي سنوياً، وبالتالي فهي من تحدد القيمة السوقية للسلعة بناء على حجم تداولها".
وأضاف المانع أنّ الجمعيات تأخذ هوامش ربح إضافية كبيرة على السلع، من منتجات مجانية وإلزام التاجر بدفع قيمة الأرفف، ما يؤدي إلى إرهاق تاجر السلع الغذائية مالياً، فضلاً عن الزيادة العالمية في الأسعار وخدمات الشحن فيضطر لزيادة سعره أو الخسارة والتوقف عن البيع، وهذه مشكلة اقتصادية، لأنّ هذه المنافذ وهي الجمعيات التعاونية باتت تفرض ضريبة خاصة بها لا تستفيد منها الدولة".
ورأى المانع أنّ الحلّ لمواجهة تضرر المستهلك والتاجر من زيادة السلع في وقت واحد، هو إلغاء الرسوم الجمركية للسلع الغذائية، وتسهيل عمليات التخزين خصوصاً في المخازن المملوكة للدولة عبر تخفيض القيمة الإيجارية لها، وإلزام الجمعيات التعاونية بعدم أخذ هذه الضرائب التي لا تدخل لخزائن الدولة، والتخزين المستمر للقمح والمواد الأولية الغذائية، مع تعهد التجار بعدم رفع السلع كون الحكومة قامت بإلغاء عبء كبير من الرسوم عن كاهلهم".
وحظرت الكويت تصدير الزيوت والحبوب لمدة 3 أشهر بدءاً من منتصف شهر مارس /آذار الماضي.
حظرت الكويت تصدير الزيوت والحبوب لمدة 3 أشهر بدءاً من منتصف شهر مارس /آذار الماضي
وقال معين ثابت، وهو تاجر جملة في سوق المواد الغذائية في الكويت لـ"العربي الجديد": "إذا استمرت الأمور بهذه الطريقة وُمنعنا من رفع أسعارنا فقد أضطر إلى إغلاق محلي، لأنني لن أستورد منتجاً وأبيعه بأقل من سعره"، مؤكداً أنّ "تجار السلع هم في الغالب من التجار المتوسطين الذين يحركون السوق".
وبلغ معدل التضخم في الكويت 4.3% في عام 2021 بحسب ما أعلنت بيانات الإدارة المركزية للإحصاء، وبينت الإحصائيات أنّ التضخم بالنسبة للأغذية والمشروبات ارتفع في ديسمبر/ كانون الأول الماضي بنسبة 7.20 بالمائة مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2020، في حين لم يتغير مؤشر أسعار المجموعة الثانية (السجائر والتبغ) وبقي مستقراً عند 135 نقطة على أساس سنوي.
وأوضحت الأرقام أن مؤشر التضخم للمجموعة الثالثة (الملبوسات) ارتفع بنسبة 5.66 بالمائة في ديسمبر الماضي على أساس سنوي، في حين ارتفعت أسعار مجموعة خدمات المسكن بنسبة 2.35 بالمائة والمفروشات المنزلية بنسبة 2.36 بالمائة.