تسعى الحكومة الكويتية إلى البدء بالإصلاحات الاقتصادية ومعالجة الأزمة المالية على خلفية جائحة كورونا، فيما كشفت وثيقة رسمية عن توجه حكومي لتوسيع مشاركة القطاع الخاص في التنمية والمشروعات الوطنية الكبرى في البلاد.
وسلطت الوثيقة الحكومية الضوء على أبرز التوصيات التي تم رفعها إلى مجلس الوزراء الكويتي، والتي تتضمن توسيع دور القطاع الخاص ورفع نسبة مشاركته في المشروعات التنموية في البلاد من 25 في المائة إلى 75 في المائة من خلال تطوير مختلف القطاعات الحيوية، من بينها القطاع النفطي، وتوسيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
وأكدت الوثيقة ضرورة زيادة معدلات تخصيص الشركات الحكومية وتقليص دور الدولة، وتهيئة بيئة الأعمال للقطاع الخاص، وضرورة العمل على معالجة المشكلات التي صاحبت أزمة جائحة كورونا، فضلاً عن ضرورة إصلاح الاختلالات الهيكلية للاقتصاد الكويتي، وتخفيف العبء عن مؤسسات الدولة الرسمية والحدّ من هيمنة القطاع العام وسيطرته على الأسواق. كذلك أوضحت الوثيقة أن إجمالي قيمة مشاركة القطاع الخاص الكويتي في المشروعات التنموية بلغت نحو 4.5 مليارات دولار، فيما تتضمّن الخطة الحكومية زيادة القيمة الإجمالية إلى ما يقرب من 14 مليار دولار بحلول عام 2022.
وقال مصدر حكومي كويتي لـ"العربي الجديد" إنه يتوقع أن يتم إقرار التوصيات الجديدة التي أقرتها اللجنة المكلفة بوضع برنامج الإصلاح الاقتصادي، خلال الأسابيع المقبلة، ضمن خطة شاملة للإصلاح الاقتصادي، لافتاً إلى أن الحكومة تعدّ حزمة قوانين اقتصادية لإقرارها بعد التوافق مع أعضاء مجلس الأمة الكويتي عقب إجراء الانتخابات البرلمانية.
وأضاف أن مجلس الوزراء يستهدف تطبيق برنامج لتنويع القاعدة الإنتاجية، في ظل تراجع الإيرادات النفطية المتوقع تحصيلها، بسبب الاعتماد على أجهزة الدولة والتوجه إلى الاقتصاد المعرفي ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
بدوره، شدّد الخبير الاقتصادي الكويتي علي الموسى، لـ"العربي الجديد"، على دور القطاع الخاص للنهوض بالاقتصاد الكويتي ودعم التنمية والتخفيف من الأعباء في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد. ودعا الموسى إلى تهيئة بيئة الأعمال ومعالجة مشكلات القطاع الخاص من خلال إقرار القوانين وتطوير اللوائح والتشريعات وبدء برامج لتدريب الموظفين، لافتاً إلى أن شركات القطاع الخاص لها دور حيوي ومرونة كبيرة في تنفيذ الأعمال والمشروعات.
وأكد أن أهم ما يميز القطاع الخاص هو الابتعاد عن الروتين السائد في الأجهزة الحكومية التي تعتمد على التوظيف العشوائي بهدف الحد من البطالة في صفوف الشباب، مشيراً إلى أن القطاع الخاص يستطيع لعب دور مهم في خلق فرص وظيفية للكويتيين والتنويع في الناتج المحلي للدولة، من خلال الدخول في الفرص الاستثمارية المهمة.
وقال الباحث الاقتصادي الكويتي عادل الفهيد إنه يجب توسيع دور هيئة الشراكة بين القطاع الخاص والعام، مؤكداً أن رؤية "كويت 2035" ترتكز على زيادة دور القطاع الخاص في دعم الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية المستدامة وتبني سياسات أكثر دعماً للتنمية.
وأشار الفهيد، خلال اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إلى أن دخول القطاع الخاص للمشاركة في مشروعات التنمية وخصخصة مزيد من الشركات سيساهمان في النهوض بمستوى الخدمات، داعياً إلى انتقال الحكومة من دور المشغل إلى المنظم والمراقب، ولافتاً في الوقت نفسه إلى أن القطاعين الخاص والعام يكملان بعضهما البعض.
ودعا الفهيد الحكومة الكويتية إلى الاستفادة من تجارب الدول في هذا المجال، إذ سعت الحكومات إلى تشجيع القطاع الخاص والعمل على تحفيزه لدعم الاقتصاد ومحاربة البطالة وتوفير فرص عمل للكويتيين، مؤكداً أن الاعتماد على الحكومة بشكل كامل في الاقتصاد يخلق مشاكل عدة، ولذلك يجب أن يكون هناك مجال كبير للقطاع الخاص في المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
وكانت الكويت أول دولة في مجلس التعاون الخليجي تطبق قانون الشراكة بين القطاعين واللوائح التنفيذية في عام 2008، وفي وقت سابق كشفت هيئة الشراكة عن القيمة الإجمالية للمشروعات التي بدأت في تنفيذها والتي بلغت ما يقرب من 7.2 مليارات دولار.