الكويت تتصدر دول الخليج بتوظيف المواطنات

21 يوليو 2024
خطط لتمكين المرأة الكويتية بمختلف الأنشطة (ياسر الزيات/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **رحلة نورة المهنية وارتفاع نسبة العاملات**: نورة العنزي تمثل العديد من النساء الكويتيات اللاتي دخلن سوق العمل لمواجهة التحديات الاقتصادية. بلغت نسبة المواطنات العاملات 57.9% في 2023، وهي الأعلى في دول مجلس التعاون الخليجي.

- **التقاليد الاجتماعية والتوظيف الحكومي**: ارتفاع نسبة المواطنات العاملات يرتبط بالتوظيف الحكومي والتقاليد الاجتماعية. تكاليف المعيشة المرتفعة تدفع النساء للعمل، والمواطنون الذكور يفضلون الزواج بالنساء العاملات.

- **تمكين المرأة والتحديات المستقبلية**: تصدر الكويت لدول الخليج في نسبة المواطنات العاملات يعكس جهود تمكين المرأة. التحديات تشمل فجوة الأجور وصعوبة التوازن بين العمل والحياة الأسرية.

ابتسمت نورة العنزي لدى خروجها من منزلها متجهة إلى عملها في إحدى الشركات الخاصة بالكويت، بعدما قرأت عنواناً في إحدى الصحف عن ارتفاع نسبة المواطنات العاملات في الكويت، ما استدعى تذكرها لرحلة مهنية بدأت قبل 5 سنوات، حين واجهت ضغوطاً اجتماعية للاكتفاء بدورها زوجةً وأمّاً، غير أن ارتفاع تكاليف المعيشة دفعها إلى البحث عن وظيفة، لتصبح اليوم جزءاً من القوى العاملة في الكويت، تساهم في دخل أسرتها وتحقق طموحاتها الشخصية، وهو ما عبرت عنه بفخر لـ "العربي الجديد".

نورة ليست حالة فردية، فبحسب مركز دراسات وأبحاث المرأة بكلية العلوم الاجتماعية في جامعة الكويت، فإن نسبة المواطنات العاملات في الكويت هي العليا في دول مجلس التعاون الخليجي، إذ بلغت 57.9% في العام الماضي 2023.
فالنساء المتعلمات تعليماً جيداً يشكلن مورداً قيماً للاقتصاد المستدام، بحسب تقرير أصدره المركز في 12 يوليو/تموز الجاري، مشيراً إلى مساهمة "اعتماد السياسات الصديقة للأسرة" في جذب الشابات المتزوجات إلى تولي الوظائف. 

التقاليد الاجتماعية في الخليج

لكن الخبير الاقتصادي، محمد رمضان، دعا، بإفادته لـ "العربي الجديد"، إلى التحقق من دقة البيانات المستخدمة في التحليل، ونوه في الوقت ذاته إلى أن ارتفاع نسبة المواطنات العاملات في الكويت يرتبط بالتوظيف الحكومي بشكل أساسي، مشيراً إلى أن هذا التوظيف هو ما يقف وراء الارتفاع الملحوظ في نسبة العاملات المواطنات.

فالالتزامات الحياتية المتزايدة وفق التقاليد الاجتماعية تلعب دوراً مهماً في دفع المرأة إلى العمل بالكويت، بحسب رمضان، موضحاً أن هذه الالتزامات تتطلب من المرأة أن يكون لها دخل خاص، حتى عند الزواج. ويلفت رمضان، في هذا الصدد، إلى أن المواطنين الذكور في الكويت أصبحوا يفضلون الزواج بالنساء العاملات، للمساهمة في نفقات الأسرة أو لتحمل نفقاتهن الخاصة على الأقل. 

فتكاليف المعيشة المرتفعة في الكويت تمثل تحدياً كبيراً للأسر، وهي تكاليف ناتجة عن أسباب اجتماعية مختلفة، تجعل من الصعب على رب الأسرة وحده تحمل جميع النفقات، بحسب رمضان، مشيراً إلى أن الفارق بين رواتب الذكور والإناث ليس كبيراً، مع وجود بعض الفروقات البسيطة مثل علاوة الزوجية وعلاوة الأبناء.
ويرى رمضان أن التحدي الأكبر الذي يواجه الكويت في المستقبل يتمثل في ضرورة توجه المواطنات العاملات نحو القطاع الخاص. 

تمكين المرأة

في السياق، يؤكد الخبير الاقتصادي، علي سعيد العامري، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، أن تصدر الكويت لدول الخليج في نسبة المواطنات العاملات يحمل عدة دلالات اقتصادية وإشارات مستقبلية، مع وجود تحديات تواجه العاملات في السوق الكويتية والخليجية عامة. ومن هذه الدلالات الاقتصادية تمكين المرأة حيث يعكس تصدر الكويت في نسبة العاملات المواطنات جهوداً ملحوظة في تمكين المرأة ودعم مشاركتها في سوق العمل، ما يعزز التنوع في القوى العاملة ويزيد من الاستفادة من كل الموارد البشرية المتاحة. 

وتساهم مشاركة النساء في سوق العمل، وفقاً للعامري، في تحسين الإنتاجية الإجمالية للاقتصاد من خلال الاستفادة من مهارات وكفاءات جديدة ومتنوعة، مؤكداً أن هذه المشاركة تعزز أهداف التنمية المستدامة وتدعم النمو الاقتصادي الشامل.

ويرى العامري أن زيادة نسبة العاملات تؤشر على عدد من الإشارات المستقبلية للاقتصاد الكويتي، منها زيادة الاستقلالية الاقتصادية للنساء، ما يساهم في تحسين مستويات المعيشة وتقليل الفقر. ويضيف الخبير الاقتصادي أن هذه الزيادة تؤدي إلى تنوع الاقتصاد الكويتي وتمكين النساء من المساهمة في مجالات جديدة ومتنوعة، ما يقلل الاعتماد على القطاعات التقليدية.

ويتوقع العامري أن يؤدي دخول النساء بشكل أكبر في سوق العمل الكويتية إلى تعزيز الاستقلالية وتشجيع الابتكار والتطوير في مختلف القطاعات، "نظراً إلى تنوع الأفكار والخبرات التي يجلبنها معهن"، بحسب تعبيره. وعلى الرغم من هذه الفوائد، يشير العامري إلى وجود بعض التحديات التي تواجه العاملات في السوق الكويتية والخليجية عامة، ومن أبرزها: فجوة الأجور بين الرجال والنساء، حيث تحصل النساء غالباً على أجور أقل مقابل العمل نفسه. 

ويلفت العامري أيضاً إلى تحدي التوازن بين العمل والحياة، حيث تواجه العديد من النساء في الكويت ودول الخليج صعوبات في الموازنة بين متطلبات العمل والحياة الأسرية، ما قد يؤثر على قدرتهن على تحقيق الاستمرارية المهنية. ويشير العامري إلى التحديات الاجتماعية والثقافية المتعلقة بالقيم والتقاليد التي قد تحد من فرص النساء في التقدم المهني أو المشاركة الكاملة في سوق العمل، لافتاً إلى أنه رغم التحسن في تقلد النساء للمناصب القيادية في الكويت ودول الخليج، لا يزال تمثيلهن ضعيفاً في المناصب القيادية والإدارية العليا.

ويخلص العامري إلى إمكانية التغلب على هذه التحديات من خلال تبني سياسات وإجراءات تدعم تحقيق التوازن بين الجنسين وتعزز مشاركة النساء في مختلف القطاعات الاقتصادية، ما يعود بالفائدة على الاقتصاد والمجتمع عامة في الكويت ودول الخليج.

المساهمون