الكهرباء التجارية تثقل كاهل اليمنيين في تعز

03 سبتمبر 2024
عائلات نازحة تستخدم ألواحاً شمسية بسبب أزمة الكهرباء (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **أزمة الكهرباء في تعز:** يعاني اليمنيون من أزمة كهرباء بسبب سيطرة المحطات التجارية الخاصة، بعد تأجير مؤسسة الكهرباء الحكومية معداتها بشكل غير قانوني. رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي أعلن عن منح المدينة 30 ميغاوات من البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن.

- **تدمير البنية التحتية:** منذ اجتياح الحوثيين لتعز في 2015، توقفت الخدمات العامة وتعرضت محطات الكهرباء للتدمير. تقرير 2018 قدر الأضرار بـ12.2 مليون دولار، مع تدمير محطة توليد عصيفرة ونهب معدات بقيمة 3 ملايين دولار.

- **البدائل والفساد:** لجأ المواطنون إلى ألواح الطاقة الشمسية، بينما رفعت المحطات التجارية الأسعار. وثائق الرقابة كشفت عن أرباح شركات الكهرباء الخاصة بأكثر من ستة مليارات ريال خلال عامين، مما يعكس الفساد. ناشطون أطلقوا حملات لمقاطعة الشركات الخاصة والضغط على السلطات.

 

يعاني اليمنيون في محافظة تعز من تصاعد أزمة الكهرباء في ظل سيطرة المحطات التجارية الخاصة على القطاع. وكانت مؤسسة الكهرباء الحكومية قد أجّرت معدات شبكة الكهرباء لشركات خاصة، في مخالفة قانونية أثارت حالة من الجدل.
وفي محاولة للقضاء على أزمة الكهرباء، زار رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي مدينة تعز، في نهاية أغسطس/ آب الماضي، وصفت بالتاريخية، حيث دشن ووضع حجر الأساس لعدد من المشاريع الخدمية والإنمائية التي من شأنها تحسين الخدمات العامة في المدينة.
وأعلن العليمي عن منح تعز 30 ميغاوات من الكهرباء، مقدمة من البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، في محاولة منه لاستعادة الكهرباء الحكومية التي توقفت منذ بدء الحرب.
 

اجتياح الحوثيين

ومع اجتياح جماعة أنصار الله (الحوثيين) مدينة تعز في مايو/ أيار 2015، توقفت الخدمات العامة في المدينة بما فيها الكهرباء التي تعرضت لتدمير كبير وممنهج، حيث أدت الاشتباكات المسلحة في المدينة إلى توقف محطتي "عصيفرة" و"المخا" بسبب صعوبات في وصول مادة الديزل نتيجة الحصار الذي فرضه الحوثيون على منافذ المدينة.
كما أدت الاشتباكات العنيفة التي شهدتها المدينة إلى انقطاع أسلاك التيار الكهربائي، وتدمير واحتراق عدد كبير من المولدات، وهو ما فاقم حجم المشكلة.

وخلص تقرير أنجزه مكتب كهرباء تعز في العام 2018، إثر مسح ميداني للأضرار الحاصلة لهذا القطاع، شمل محطة توليد عصيفرة وشبكات التوزيع المختلفة (الهوائية والأرضية)، التي تعرضت للدمار والنهب والسرقة، إلى أن الكلفة التقديرية للأضرار الناتجة عن تدمير خطوط ومحطات نقل الطاقة (132 ك.ف)، وشبكات توزيع الضغط العالي والمنخفض، ومحطات التحويل الفرعية (11 33 ك.ف)، نتيجة الحرب والسرقات والنهب لكابلات النحاس والمحولات، بلغت 12.2 مليون دولار.
وبلغت الكلفة التقديرية للتدمير الحاصل في محطة توليد عصيفرة 6.3 ملايين دولار، فيما قدرت أضرار قصف وتدمير مبنى المؤسسة العامة للكهرباء، منطقة تعز، وجميع المباني التابعة لها، بالإضافة إلى نهب وسرقة جميع أدوات العمل والأجهزة ووسائل النقل التابعة لقطاع الكهرباء 3 ملايين دولار، حسب تقرير مكتب الكهرباء بتعز.
وكانت محطة عصيفرة تحوي عددا كبيرا من المولدات تقدر بـ35 مولداً سعة كل مولد 2 ميغاوات تمت مصادرتها من قبل مسلحين، وتوزيع بعضها على شركات تجارية.

أزمة الكهرباء والبدائل المتاحة

غياب خدمة الكهرباء جعل الكثير من المواطنين يلجؤون للبدائل المتاحة، ومثلت ألواح توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية أولى هذه البدائل، عبر شراء منظومة توليد الطاقة المكونة من الألواح والبطاريات.
وأجّرت مؤسسة الكهرباء معدات شبكة الكهرباء لشركات خاصة، في مخالفة قانونية أثارت حالة من الجدل، في ظل اتهام مسؤولي السلطة المحلية والقيادات العسكرية بالحصول على نسب من هذه الشركات مقابل الصمت على ذلك، حيث أبرمت هذه العقود مقابل إعطاء الشركات التجارية رسوماً للمؤسسة، مع التزام القطاع الخاص بصيانة دورية للشبكة.
كما أن هناك اتهامات لشركات الكهرباء التجارية بممارسة الغش، والإخلال بالعقود المتفق فيها على بيع خدمة كهرباء نظام 220 فولت بينما التيار الواصل للمستهلك يصل إلى 111 فولت.
عقود شكك الكثير من القانونيين بشرعيتها، حيث أكد المحامي محبوب محمد لـ"العربي الجديد"، أنه لا يحق وفقا للقانون لمؤسسة كهرباء تعز أن تبرم عقوداً مع المحطات التجارية الخاصة بتوليد الكهرباء لتأجير الشبكة العامة، كون ذلك من اختصاص الوزير بصفته رئيس المجلس الأعلى للطاقة.
 

بطلان عقود التأجير

كانت فتوى قانونية صادرة عن مكتب الشؤون القانونية بالمحافظة قد قضت ببطلان عقود التأجير، لأنه لا توجد صلاحيات للمؤسسة لإبرامها، داعية لسحب العقود والتوجه إلى الوزارة، ووضع صيغة جديدة لشراء الطاقة من أصحاب المولدات الخاصة وبيعها للمواطن من قبل المؤسسة العامة للكهرباء.
الصحافي إبراهيم الجحيشي، قال لـ"العربي الجديد"، إن هناك عرقلة مستمرة من قبل قيادات السلطة المحلية في تعز لتشغيل الكهرباء الحكومية، نتيجة الحصص المالية التي يحصلون عليها من المحطات التجارية.

وأكد الصحافي اليمني أن مركز الملك سلمان سبق وقدم عرضا بتخصيص حصة تعز من وقود الكهرباء إلى الشركات التجارية الخاصة بتوليد الكهرباء، شريطة أن تقدم الخدمة للمواطنين بسعر منخفض، إلا أنه تم رفض ذلك.
ويرى مهندسون في محطة عصيفرة أنه يمكن البدء بتشغيل المحطة بقدرة تصل إلى تسعة ميغاوات في حال توفر النفقات التشغيلية (الوقود ونفقات تشغيلية أخرى)، وإذا ما تم إصلاح خطوط شبكة الكهرباء الخارجية، أو حتى البدء بتهيئة بعض الخطوط.
ويبلغ عدد المحطات التجارية المعتمدة من عام 2018 خمس محطات داخل المدينة، وقد تم تقسيم المناطق داخل المدينة في إطار جغرافي معين لكل محطة، وهذه المحطات مارست عملها بموجب عقود مع المؤسسة العامة للكهرباء، حيث إن المؤسسة هي التي تشرف على عملها، ولها نسبة من إنتاج تلك المحطات.

محطات تجارية جديدة

وظهرت أخيرا محطات تجارية جديدة، خصوصا في المناطق القريبة من مناطق التماس مع مناطق سيطرة الحوثيين، لا توجد لديها أي تصاريح ولا تخضع لإشراف المؤسسة العامة للكهرباء ومولداتها كانت تتبع لمؤسسات حكومية تم نهبها، مثل مولد مكتب المالية، ومولدات البنك المركزي، وغيرها.
وخلال فترة عمل المحطات التجارية الخاصة بتوليد التيار الكهربائي، فقد تصاعدت الأسعار بدءا من 120 ريالا للكيلووات، وصولا إلى 1100 ريال هذا العام، بالإضافة إلى 2000 ريال رسوم اشتراك مع كل فاتورة (الدولار يساوي 1910 ريالات).
المواطن رزاز أحمد، قال لـ"العربي الجديد"، إن "شركات الكهرباء التجارية تتلاعب بالأسعار، وتقوم بإصدار فاتورة كل أسبوعين وليس كل شهر، وبلغت الفاتورة الخاصة بالاستهلاك خلال أسبوعين فقط مبلغ 58 ألف ريال، وهو ما اضطرني لإلغاء اشتراكي واستبدال الكهرباء التجارية بمنظومة طاقة شمسية".
وأظهرت وثائق نشرها الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة تقريراً ذكر أن صافي الأرباح لشركات الكهرباء الخاصة خلال عامين بلغ أكثر من ستة مليارات ريال، وهو رقم مهول يكشف حجم الفساد في ملف الكهرباء في تعز.
الارتفاع الكبير في أسعار الكهرباء قابله حراك مجتمعي يطالب بتشغيل الكهرباء الحكومية، حيث دشن ناشطون حملات على وسائل التواصل الاجتماعي تدعو لضرورة مقاطعة الشركات الخاصة والضغط على السلطات الحكومية لإيجاد حلول مستدامة لتوفير التيار الكهربائي الحكومي، أسوة بالمحافظات الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً.
وعانت مؤسسة الكهرباء في تعز من فقد أصولها بسبب الحرب الأهلية الدائرة منذ العام 2015، وتدمير المبنى الخاص بها، وتسريح موظفيها، حيث تعمل حالياً بعدد 30 موظفاً من أصل 1500 موظف.

المساهمون