الغلاء لم يصرف المغاربة عن الفواكه الجافة
لم ينل الغلاء وتضرر قدراتهم الشرائية من الامتثال للعادة التي دأب عليها المغاربة بمناسبة ليلة القدر، فقد أقبلوا على الأسواق من أجل شراء الفواكه الجافة التي لا تخلو منها الموائد في هذه الليلة.
وحلوا بأسواق الدار البيضاء التي ضاقت متاجرها المتخصصة في عرض الفواكه الجافة بروادها، بحثا عن الجوز واللوز والفستق والتمور.
وتقبل الأسر في رمضان، وخاصة قبل ليلة القدر والعيد، على شراء الفواكه الجافة، المحلية والمستوردة بكثرة، فقد دأبت على على شراء لب الجوز واللوز والتمور. تلك فواكه مركزية لا غنى عنها على موائد المغاربة، غير أن الأسر أضحت تشتري في الأعوام الأخيرة الفستق والكاجو.
تخبر إحدى ربات البيوت "العربي الجديد" بأهمية شراء الفواكه الجافة في هذه المناسبة. ربة البيت، التي فضلت عدم ذكر اسمها، تؤكد أن الكميات التي تتطلع إلى شرائها تقل عن تلك التي اعتادت على تزيين مائد ليلة القدر بها، ستكتفي، كما تقول، بالقليل من الجوز واللوز والفستق، كي يفرح الأبناء.
وفي السياق نفسه، يؤكد التاجر الحاج محمد على الإقبال الذي تعرفه السوق قبل ليلة القدر، بعد عامين أفضت فيهما التدابير الاحترازية التي فرضتها الجائحة إلى استنكاف العديد من الأسر عن التردد عليه.
غير أنه يؤكد رغم الانتعاش الذي تعرفه تجارة الفواكه الجافة، على الارتفاع الكبير في الأسعار، خاصة بالنسبة للمستورد، ما يخفض الطلب من قبل الأسر التي تضطر إلى تقليص مشترياتها.
ويذهب التاجر المغربي إلى أن بعض الأسر تشتري نصف كيلوغرام من الجوز عوض كيلوغرام، وكذلك تفعل بالنسبة لأنواع الفواكه الأخرى، حتى تستطيع الحصول على ما يوافق موازناتها التي تقلصت بفعل ارتفاع أسعار السلع الغذائية في الأشهر الأخيرة.
ويؤكد عبد العزيز أيت براهيم، وهو أحد موردي الجوز بسوق الجملة بمراكش، أن الأسعار ارتفعت في العام الحالي مقارنة بالعام الماضي، حيث انتقل سعر الجملة من 6 دولارات إلى ما بين 7 و8 دولارات للكيلوغرام في الأيام التي سبقت ليلة القدر.
غير أنه يلاحظ أن سوق التجزئة بالدار البيضاء والرباط تشهد ارتفاعا في أسعار الجوز، حيث يراوح سعره بين 10 و12 دولارا للكيلوغرام وربما أكثر، موضحا أن ذلك يسري على اللوز المحلي، أما المستورد منه فبلغ أكثر من 12 دولارا للكيلوغرام.
دأبت الحكومة المغربية في الفترة الأخيرة على الحديث عن دور الوسطاء والتجار في رفع الأسعار في السوق، ما يؤثر على القدرة الشرائية للأسر التي تعاني من ارتفاع أسعار السلع الغذائية والوقود.
دأبت الحكومة المغربية في الفترة الأخيرة على الحديث عن دور الوسطاء والتجار في رفع الأسعار في السوق
وإذا كان المغرب يؤمن جزءا كبيرا من طلب الأسر على الجوز واللوز والتمور في ليلة القدر والعيد عبر الإنتاج المحلي، فإن فواكه جافة أخرى مثل الفستق يتم تأمينها عبر الاستيراد، علما أن الأسعار زادت في السوق الدولية.
ووفق بيانات مكتب الصرف التابع لوزارة الاقتصاد والمالية، فإن فاتورة واردات الفواكه الجافة والطرية بلغت 37 مليون دولار في الشهرين الأولين من العام الجاري، ما يمثل كمية في حدود 24597 طنا، مقابل 46 مليون دولار لكمية في حدود 25 ألف طن في الفترة نفسها من العام الماضي.
ويبدو من البيانات ذاتها أن قيمة واردات التمور في الشهرين الأولين من العام الجاري بلغت نحو 42 مليون دولار، مقابل 49 مليون دولار، مع تراجع الكميات المشتراة من 33917 طناً إلى 21428 طناً.
ومن جانبه، يؤكد التاجر الحاج محمد لـ"العربي الجديد"، أن التجار يراهنون كثيرا على ذكرى المولد النبوي وعاشوراء ورمضان، وخاصة ليلة القدر والعيد، من أجل تحقيق إيرادات مهمة، على اعتبار أن تلك المناسبات تساهم، حسب تقديره، بنسبة 50 في المائة في الرواج التجاري في سوق الفواكه الجافة.