العقوبات الغربية على روسيا... الأبعاد الاستراتيجية ودلالات الفشل

02 يونيو 2023
روسيا قوة وازنة في الاقتصاد الدولي (Getty)
+ الخط -

تعلّمنا الخبرة التاريخية ألا نلقى بالاً للادعاءات الرسمية؛ فمهما كانت الأسباب المُعلنة لفرض العقوبات على روسيا، يظل من غير الممكن تجاهل دوافعها الحقيقية المُنبثقة عن الصراع الاستراتيجي الدائر عالمياً بين الشرق والغرب، والمتشابك مع تحولات جذرية تتراكم تدريجياً في بنية الاقتصاد الدولي، فلا بد من التمييز ابتداءً بين الدعاوى المُعلنة والأهداف الحقيقية للعقوبات، إذا ما أردنا تقييماً جاداً لمدى ونطاق نجاحها وفاعليتها، والحق أن الإجابة في هذا الشأن ملتبسة ومتداخلة، فهي "نعم" حاسمة من جهة مساهمتها في إضعاف ومحاصرة روسيا اقتصادياً وعسكرياً وعزلها سياسياً ودبلوماسياً، لكنها "لا" صريحة ولا قاطعة من جهة الأهداف المُعلنة المتعلقة بإجبار روسيا على إيقاف العملية العسكرية في أوكرانيا، ما يتوافق مع الخبرة التاريخية العامة التي تؤكد أن العقوبات لم تفلح سوى مرة من كل ثلاث في تحقيق أهدافها المُعلنة، بل وتنخفض نسبة نجاحها إلى أقل من 15% عندما يتعلّق الأمر بمحاولة عرقلة حرب.

أما لماذا قد تستهدف الولايات المتحدة إضعاف روسيا، فالحقيقة أنه رغم التقزّم الكبير لروسيا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991، فإنها لا تزال عموماً قوة ذات تأثير معتبر؛ تأثير يكتسب جوهره أساساً من التضافر الطبيعي ما بين القوتين العسكرية والاقتصادية في صنع الأوزان الدولية، والترجمة المتبادلة فيما بينهما كقوتين نوعيتين، والذي يكتسب أهميته "الأعلى نسبياً" من طبيعة نظام عالمي، قائم على هيمنة اقتصادية ومالية بالدولار المُستند للنفط المحمي أساساً بالأساطيل؛ فتستلزم التغذية المتبادلة الحتمية ما بين القوتين العسكرية والاقتصادية، محاولة إدارة وموازنة العلاقة بينهما كجزء أساسي من الصراع؛ فأي تهديد للتوازن القائم عبر أي من شكلي القوة، يؤدي لاهتزاز استقرار النظام عموماً، وهو ما تدفع إليه الاحتمالية المرتفعة -التي تؤيدها الوقائع- لتحالف روسيا مع الصين الصاعدة لسُدّة المنافسة على القمة الاقتصادية للنظام، فضلاً عن المحاولات -الموؤدة حالياً- للتعاون "الأوراسي-الغرب/أوروبي"، الذي تتخوّف منه الولايات المتحدة بشكل خاص.

وفي هذا السياق، يشكّل تزايد الثقل الروسي في أسواق الطاقة قلقاً أميركياً أساسياً؛ كونها قوة عسكرية معتبرة، على أقل التقديرات للحدّ الذي يمنع إخضاعها لمنظومة الهيمنة، بل إن قوتها تلك مُتضافرة مع ثِقلها في أسواق الطاقة، وما يستتبعه من علاقات وتعاون مصلحي طبيعي مع بقية أطراف تلك الأسواق، يسهم في إضعاف كامل منظومة الهيمنة على تلك الأسواق والموارد وديناميات تكوين أسعارها، مع أهميتها الخاصة لاستمرار سيطرة الدولار النقدية، بل ولكامل منظومة الهيمنة الأميركية؛ لهذا يكون ضرورياً إضعاف ذلك الثقل سوقياً، ومحاولة عزلها سياسياً بالجُملة، باعتبارها حلقة شاذة في سلسلة الهيمنة، يحسن استبعادها لتعزيز قوة تلك السلسلة؛ وهكذا فمساعي السيطرة الأميركية على نفط وسط آسيا والقوقاز كبديل مُحتمل مكلّف، وكذلك "الروسوفوبيا" كظاهرة ثقافية أو عِرقية أو أمنية المظهر، مجرد وسائل لتحقيق هذه الضرورة الاستراتيجية.

فالنظام الدولي مهما بدا طابعه المُهيمن اقتصادياً، تظل للقوة العسكرية المحضة فيه، بالسيطرة على منافذ الحركة ومحابس الموارد ومراكز القرار وخلافه، أدواراً مركزية في وتيرة الحركة التجارية وهيْكَلة القيم الاقتصادية، فضلاً عن -في نهاية المطاف- فرض عملة السيولة الدولية، وسيلة ضمن بنية شاملة لاستخلاص الريع الإمبريالي وتحويل القيم الحقيقية من الأطراف إلى المراكز، في نظام كهذا تكتسب الاعتبارات الجيوسياسية مكانة جوهرية في استمرار الهيمنة، وما تنتجه من تدفّقات صريحة وضمنية للقيم الاقتصادية لصالح القوى المهيمنة.

وكمثال على الفارق الضخم في القيم الاقتصادية الذي تحدثه تلك الهيكلة الرمزية القائمة على القوة، ناهيك عن الدور المباشر للقوة، ابتداءً من تعزيز وإدامة المكانة الاقتصادية نفسها، نجد أنه بينما تحتل روسيا المرتبة الحادية عشرة في الاقتصاد العالمي بمقدار 1.6 تريليون دولار وفقاً لأسعار الصرف السائدة عام 2018، تمثل ما لا يزيد عن 1.8% منه، لتضاهي بالكاد اقتصادات ككوريا الجنوبية وأستراليا، وليمثل متوسط دخل الفرد فيها فقط 15% من متوسط نظيره الأميركي، فإنها بمجرد تقدير اقتصادها وفقاً لتعادل القوى الشرائية PPP ترتفع إلى المرتبة السادسة عالمياً، بأكثر من أربعة تريليونات دولار تمثل 3.5% من الاقتصاد العالمي، لتلي ألمانيا أكبر اقتصاد أوروبي مباشرة بفارق ضئيل، وليرتفع متوسط دخل الفرد فيها إلى ما يقارب نصف نظيره الأميركي.

يكشف هذا من جهة عن فارق القيم الحقيقية الذي تحوزه القوى ذات الميزة النسبية على الصعيد الدولي، وبالأخص الولايات المتحدة بدولارها المهيمن، كما يظهر من جهة أخرى الخلّل المبدئي في تقديرات آثار العقوبات على روسيا؛ بالانطلاق من افتراضات تميل للتهوين من شأنها اقتصادياً، جزئياً لأغراض دعائية بالطبع؛ ما يؤيد بذاته فرضية أن الهدف الحقيقي للعقوبات هو فرض مزيد من العزلة على روسيا لكبح الإمكانات المُحتملة لنموها اقتصادياً واتساع نفوذها الإقليمي وعلاقاتها الدولية، كما تجلّى بوضوح في اعتراضات الولايات المتحدة سابقاً على ارتفاع تجارتها الخارجية، وتوسّع اتفاقات الطاقة مع أوروبا الغربية.

وبنظرة سريعة في حالة الاقتصاد الروسي، فإن "الاتجاهات" تعكس صورة تختلف قليلاً عن "الأوضاع"، فبينما لا يمثل الاقتصاد الروسي بوضعه الراهن عموماً، كمّاً وكيفاً، الحجم والموقع المُفترضين لقوة كبرى جغرافياً وديموغرافياً وتاريخياً كروسيا، فإن اتجاهه العام عبر العقدين الماضيين يظهر ميلاً عاماً للتماسك والتحسّن النسبيين، لم يقطعه سوى العقوبات اللاحقة على ضمّ القرم عام 2014، والتي حفّزت بذاتها لمزيد من التعاون السياسي والاقتصادي بين روسيا والصين، كما تظهر الترتيبات الإقليمية والدولية من نوع البريكس وغيرها، فضلاً عن اتفاقات الطاقة طويلة الأجل.

وتنتمي روسيا إلى مجموعة البلدان المتوسطة-مرتفعة الدخل، بحجم اقتصاد بلغ 1.78 تريليون دولار عام 2021، هابطاً من 2.29 تريليون دولار عام 2013 تحت ضغط العقوبات الاقتصادية، وهبوط أسعار النفط والغاز بعد ضمّ القرم، ما يعكس الأهمية الكبيرة للصناعة الاستخراجية، التي قدمت حوالي 19% من القيمة المضافة بالناتج المحلي الإجمالي عام 2021، مُتجاوزة الصناعة التحويلية بحصتها البالغة 14% فقط منه، والزراعة الأقل من 4% منه، فيما تبقى للخدمات 53% من الناتج في العام المعني، ما يعكس التراجع في المكانة الصناعية لروسيا، حدّ تراجعها على مؤشر التعقيد الاقتصادي، الذي يقيس التطوّر النوعي للاقتصاد، إلى المرتبة 55 من إجمالي 133 دولة غطّاها المؤشر عام 2020.

وتحتل روسيا كمُصّدِر المرتبة 14 من 127 دولة، فيما تحتل كمُستورِد المرتبة 20 منها؛ بما جعلها في المرتبة الثالثة عالمياً من ناحية التوازن التجاري عام 2020؛ لا عجب في غلبة وضعية الفائض على ميزاني تجارتها ومدفوعاتها، وكونها إحدى أقل دول العالم مديونية للخارج، بما يناهز فقط ربع ناتجها الإجمالي تقريباً، إلا أنه لا يمكن مع ذلك تجاهل ارتفاع درجة انكشافها التجاري لحوالي نصف ناتجها الإجمالي؛ ما يعكس حالة التقزّم الإنتاجي للاقتصاد المحلي منذ الانهيار السوفييتي، كما يجعل للاهتزازات الكبيرة لعلاقاتها التجارية الخارجية آثاراً اقتصادية كبيرة، ما يؤكده التراجع الضخم في ناتجها الإجمالي من 2.29 إلى 1.28 تريليون دولار بما يربو على 44% انخفاضاً في حجم الاقتصاد خلال ثلاثة أعوام فقط، 2013-2016؛ تحت ضغط العقوبات الغربية التي تزامنت مع انخفاض في أسعار أهم صادراتها.

يعكس ما سبق بعضاً من جوانب الضعف والقوة في الاقتصاد الروسي، فهو من الوجهة الكيفية طويلة الأجل، اقتصاد متأخر نوعياً ومُتخلف هيكلياً بشكل يضعفه استراتيجياً، لكنه من الوجهة الكمّية قصيرة الأجل، يتمتع بقدر من الصلابة المالية والمؤسسية في مواجهة الضغوط والأزمات؛ ما يفسّر التعافي السريع للروبل الروسي والاستقرار المالي النسبي للاقتصاد، رغم الحرب المكلّفة والعقوبات الهائلة طوال أكثر من سنة.

وبالنظر في الخسائر المُعلنة للعقوبات الغربية، نجد خسائر عينية مباشرة نتجت عن الاستحواذات القسرية وعمليات تجميد الأصول التي فرضتها الحكومات الغربية على ما يقع ضمن حدودها من أصول روسية، والتي شملت 350 مليار دولار من احتياطيات البنك المركزي الروسي، وبلغت حسب تقديرات موقع "سي أن أن بيزنس" حوالي تريليون دولار في أول مارس 2022، وخسائر غير مباشرة على مُجمل الاقتصاد الروسي، تراوحت التقديرات بشأنها بدرجات مختلفة من السلبية، لكن بشبه إجماع على ترجيح تكرار سيناريو الانكماش السلبي لعقوبات 2014، كالتقديرات المُتقاربة لصندوق النقد الدولي والمعهد الوطني للبحث الاقتصادي والاجتماعي بإنجلترا، بأن العقوبات ستكلّف روسيا خسارة حوالي 1.5% من الناتج الإجمالي المتوقع لعام 2022، وأكثر من 2.5% منه بنهاية 2023، وهي التقديرات المُتحفظّة بمراعاة الأثر التعويضي المُتوقع لارتفاع أسعار صادرات النفط والغاز، كذا معاناة روسيا من تضخّم بنسبة 20% تقريباً، مع توقّعات أعمّ بخسارة الاقتصاد العالمي ما يربو عن 1% من الناتج بنهاية عام 2023، وارتفاع معدل التضخّم العالمي بمقدار 3% مع ارتفاع احتمالية السقوط بحالة ركود عامة.

وكتقدير أشمل، صادر عن معهد اقتصاديات التنمية التابع لوزارة التجارة الخارجية اليابانية في أبريل 2022، باستخدام نموذج المحاكاة الجغرافية (GSM)، توقع المعهد سيناريوهين للعقوبات على مدى عام 2022، يفترض أولهما تنفيذ ناجح كلياً للعقوبات بمشاركة دول العالم كافة، فيما يستثني ثانيهما الأقل نجاحاً الصين من المشاركة. ووجد في السيناريو الأول، الأكثر نجاحاً بشمول الصين، أن الناتج الإجمالي للعالم ينخفض بمقدار 0.7%، فيما ينخفض لروسيا بمقدار 15.8%، وللصين بمقدار 0.9%، وللاتحاد الأوروبي بمقدار 0.5%، والولايات المتحدة بمقدار 0.1% فقط، وإن كانت هذه المحدودية بسبب عدم شمول المحاكاة جميع آثار ارتفاعات أسعار النفط والغاز والمعادن النادرة، أما على صعيد القطاعات في روسيا، فيكون الأثر السلبي الأكبر على صناعة الأغذية بانخفاض 36% والصناعات التحويلية الأخرى كالحديد والكيماويات بمقدار 33.3%، فيما يحدث تحسّن نسبي معتبر في صناعات الإلكترونيات والأجهزة الكهربائية والمنسوجات والملابس، مما يدخل في باب الآثار الإيجابية التعويضية لما يمكن اعتباره حالة إحلال واردات إجبارية.

أما في السيناريو الثاني، الأقل نجاحاً بعدم مشاركة الصين، فوجد أن الناتج الإجمالي للعالم ينخفض بمقدار 0.3%، ولروسيا بمقدار 4.6%، وللصين بمقدار 0.5%، وللاتحاد الأوروبي بمقدار 0.4%، والولايات المتحدة بمقدار 0.1%، وعلى صعيد القطاعات في روسيا، تنخفض صناعة الأغذية بمقدار 21.8%، والصناعات التحويلية الأخرى سالفة الذكر بمقدار 12.1%، فيما يختفي الأثر الإيجابي لإحلال الواردات في هذا السيناريو؛ مُخلّفاً انخفاضات طفيفة نسبياً في الصناعات التي تحسّنت في السيناريو الأول.

ويكشف هذا التقدير الكمّي، بالتفاوت الكبير بين سيناريوهيه المتوقعين، عن الدور المحوري للصين في تقرير مدى نجاح العقوبات على روسيا؛ سواء لكونها أكبر شريك تجاري منفرد لروسيا، ووسيط بينها وبين كثير من الدول الأخرى، أو لدورها الصناعي والتجاري العالمي عموماً، فحسب التقديرات المذكورة، تؤدي عدم مشاركة الصين بتنفيذ العقوبات إلى انخفاض الأثر السلبي على الناتج الإجمالي للعالم بحوالي 57%، ولروسيا بمقدار هائل يبلغ 71% تقريباً؛ ما يؤكد أهمية ومردودية التقارب السياسي، الأقرب للتحالف الاستراتيجي، الذي عملت قيادات البلدين على بنائِه طوال السنوات الماضية.

مع ذلك، ورغم ما يبدو من مُعطيات مؤيدة للسيناريو الثاني، خصوصاً مع الاحتكاكات الأميركية الصينية بخصوص تايوان، وقبلها تقنيات الحرب التجارية التي أقرّها ترامب ولم يعدّل بايدن عليها شيئاً، بل وقبل كل ذلك الإعلان الصريح من الصين بعدم دعمها العقوبات، والتزامها بعلاقات اقتصادية طبيعية مع روسيا، تؤكد تقارير لمعهد بيترسون للاقتصاد الدولي أن الصين تلتزم حساباً عقلانياً للعوائد والتكاليف تجنباً للتعرّض لعقوبات مماثلة؛ بما أثّر بالسلب على بعض تعاملاتها مع روسيا، كما تجلّى في انخفاض صادراتها لروسيا بنسبة 38% بالمقارنة بالنصف الثاني من عام 2021، وإن كان يظل مع ذلك ضمن متوسط نظيره للدول التي لم تفرض عقوبات على روسيا.

يضع هذا بعض الاحترازات على السيناريو الثاني، لكن لا يلغيه بأيّة حال في ضوء "الصورة الكبيرة" للتحالفات الدولية الأساسية، خصوصاً مع التجديد بدورة رئاسية جديدة للرئيس الصيني شي جين بينغ ذي المواقف الميّالة للتقارب مع بوتين؛ ما يعني أن التوقع "الأكثر تحفظاً" هو سيناريو وسيط تلتزم فيه الصين جزئياً وظاهرياً بعدم معاندة العقوبات، دونما إقرار أو التزام بها، خصوصاً في ضوء التوتّرات المتصاعدة مع الولايات المتحدة حول تايوان. فإذا أضفنا المواقف الأقرب للحياد تجاه العقوبات من قوى اقتصادية كبيرة صاعدة كالهند، الاقتصاد الخامس عالمياً قبل بريطانيا مباشرة، والمُتوقع أن يصبح الثالث بحلول عام 2030؛ يصبح منطقياً ما يبدو من ضعف فاعلية العقوبات وقدرة روسيا النسبية على الصمود، رغم الحصار الحاد من مجموعة السبع وتوابعها، التي تمثل أكبر وأغنى اقتصادات العالم.

تتجلّى هنا الدلالة الاستراتيجية حقاً، وهي التحوّل البطيء في نقاط ارتكاز الاقتصاد العالمي، وصعود قوى جديدة بأوزان مؤثرة حقاً، تلغي تدريجياً احتكار القوة والهيمنة الغربي المستمر منذ ثلاثة قرون، وبما يفتح الباب لعودة هذا الغرب لحجمه الطبيعي عالمياً؛ ما يفتح آفاقاً لمزيد من القدرة على المناورة، ويتيح مزيداً من الفرص للدول النامية؛ بما يوفّره ذلك التحوّل من تعدّد في مراكز إنتاج التكنولوجيا وتصدير رأس المال؛ فيحسّن من شروطها التفاوضية، بدلاً من القهر الناعم والخشن الذي يمارسه عليها الغرب منذ زمن طويل.

المساهمون