العرب لا يثقون في أنفسهم... فمن يثق فيهم؟

العرب لا يثقون في أنفسهم... فمن يثق فيهم؟

24 ابريل 2024
الأموال العربية تتدفق على وول ستريت (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الصناديق السيادية العربية والمستثمرون يفضلون استثمار أموالهم خارج الدول العربية بسبب عدم الثقة في السياسات الاقتصادية ومناخ الاستثمار المحلي، مما يعكس مخاوف من عدم الأمان والعائد المناسب.
- الأموال العربية تتجه بشكل كبير نحو الأسواق والبنوك الغربية، بما في ذلك استثمارات في سندات وأذون الخزانة الأميركية والبورصات الأميركية، مع تجاوز استثمارات الصناديق السيادية الخليجية تريليوني دولار في الغرب.
- هذا التوجه يعكس عدم الثقة في الاقتصادات العربية ويسلط الضوء على الحاجة الماسة لتحسين مناخ الاستثمار المحلي والشفافية لجذب والاحتفاظ بالثروات العربية داخل المنطقة.

نظرة عامة إلى الدول والمواقع والفرص والقطاعات والأنشطة التي يستثمر بها العرب أموالهم تخرج بنتيجة مؤلمة مفادها أن الصناديق السيادية العربية ومعظم المستثمرين ورجال الأعمال العرب لا يثقون في دولهم وحكوماتهم والسياسات الاقتصادية المطبقة ومناخ الاستثمار بشكل عام، وأن قد لا تتوافر لأموالهم شروط الأمان والضمان والعائد المناسب.

وبالتالي فإن السؤال الطبيعي هو: ومن يثق في العرب من المستثمرين الأجانب، ومن يثق في حقيقة وجدوى الفرص المتاحة لديهم ومناخ الاستثمار لديهم إذا كانوا لا يثقون في أنفسهم.

ومن يثق أصلا في منطقة تعيش على بحور من الفساد والحروب والصراعات والمخاطر الجيوسياسية والاقتصادية والمالية والبيروقراطية وإساءة إدارة المال العام وغياب الشفافية والإفصاح وغيرها من العوامل الطاردة للاستثمار المحلي قبل الأجنبي؟

تكتشف حقيقة مُرة وهي أن مسار الأموال والثروات العربية تسير في اتجاه واحد هو خارج دول المنطقة، لا إلى داخل الأوطان وشرايين الاقتصادات الوطنية

كما تكتشف حقيقة مُرة أخرى وهي أن مسار الأموال والثروات العربية تسير في اتجاه واحد هو خارج دول المنطقة، لا إلى داخل الأوطان وشرايين الاقتصادات الوطنية والأنشطة الاقتصادية المختلفة.

وإذا أردنا الدليل فانظر إلى مسار فوائض الصادرات العربية من النفط والغاز والتي تقدر بمئات المليارات من الدولارات سنويا، واتجاه حصيلة القروض والمنح والمساعدات الخارجية التي لن تضل طريقها نحو الداخل في يوم ما مفضلة كالعادة التوجه نحو بنوك سويسرا وبريطانيا وألمانيا وأميركا الآمنة والدافئة بأموال العرب، وكذا لعقارات لندن وباريس وميونخ وغيرها، أو على الأقل الهروب نحو دول الملاذات الضريبية والبنوك السويسرية، كما تكشف الوثائق والأوراق الدولية التي يتم تسريبها من وقت لأخر بشأن أموال حكام الدول العربية والنامية.

وحتى لا يكون الكلام مرسلا سأعطي عدة أمثلة على ذلك، فحجم استثمارات الدول العربية في سندات وأذون الخزانة الأميركية بلغ بنهاية شهر فبراير/شباط الماضي 258.2 مليار دولار، وقيمة استثمارات أكبر 4 دول عربية هي السعودية والكويت والإمارات والعراق في أدوات الدين الأميركية ارتفعت إلى 249.2 مليار دولار في نهاية يوليو/تموز 2022.

ومعظم أموال الصناديق السيادية العربية موجودة لدى الأسواق والبنوك والأنشطة الاقتصادية الغربية سواء في أوروبا أو الولايات المتحدة، وأصول الصناديق السيادية الخليجية التي تتجاوز تريليوني دولار مستثمرة في أصول وبنوك وشركات داخل بريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرها من الدول الأوربية والولايات المتحدة.

معظم أموال الصناديق السيادية العربية موجودة لدى الأسواق والبنوك والأنشطة الاقتصادية الغربية سواء في أوروبا أو الولايات المتحدة

ونظرة لحجم الأموال العربية المستثمرة في البورصات الأميركية تجدها تعادل مئات المرات حجم ما هو مستثمر من أموال العرب في بورصاتهم وأسواق أموالهم.

ونظرة للأرقام يمكن أن تلحظ ذلك بسهولة، فقد ارتفعت استثمارات العرب إلى 654.6 مليار دولار في بورصات "وول ستريت" الأميركية في نهاية العام الماضي، مقابل 549 مليار دولار بنهاية 2022، في ظل ماراثون الارتفاعات لمؤشرات أسواق المال الأميركية بقيادة قطاع التكنولوجيا.

ونظرة أخرى لقيمة استثمارات وودائع العرب في البنوك الغربية، وحجم استثمارات العرب الضخم والمتنامي في العملات الرقمية يؤكد مجددا أن أموال العرب تأخذ طريقا واحدا هو خارج الحدود.

المساهمون