أعلنت السلطات العراقية، اليوم الأحد، بدء التحقيق في قضية سرقة 3 تريليونات و700 مليار دينار عراقي؛ بما يعدل 2.5 مليار دولار من خزينة الدولة، وذلك بعد ساعات من إقرار وزير النفط إحسان عبد الجبار، الذي قدّم طلب إعفاءه في وقت سابق من منصب وزير المالية بالوكالة، بأنّ الأموال سرقت من مصرف الرافدين الحكومي، وهي أموال عائدات ضريبية.
وقالت وزارة المالية العراقية، في بيان مقتضب لها، نشرته وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، اليوم الأحد، "إنها خاطبت هيئة النزاهة العراقية لفتح تحقيق يخص مبالغ 3.7 تريليونات دينار عراقي مسروقة من أمانات الضرائب داخل مصرف الرافدين المملوك للدولة".
— Ihsan A. Ismaael إحسان عبد الجبار (@IhsanIsmaael) October 15, 2022
وأكد النائب الأول لرئيس البرلمان العراقي محسن المندلاوي، أنّ ما حصل عملية "نهب"، متوعّداً باستقدام جميع المتورطين.
وقال المندلاوي إنّ "ما حصل من نهب لأموال الهيئة العامة للضرائب، وسحب مبلغ 2.5 مليار دولار من مصرف الرافدين، لن يمر بسهولة، وهناك حساب قادم لجميع المتورطين في العملية التي يراد منها هدم الدولة وتدمير اقتصادها ونشر الفوضى"، مضيفاً أنّ "مجلس النواب سيكون له موقف صارم في الأيام المقبلة".
ان ماحصل من "نهب " لأموال الهيئة العامة للضرائب ، وسحب مبلغ ( ٢.٥) مليار دولار من مصرف الرافدين ، لن يمر بسهولة ، وهناك حساب قادم لجميع المتورطين في العملية التي يراد منها هدم الدولة وتدمير اقتصادها ونشر الفوضى ، وان مجلس النواب سيكون له موقف صارم في الايام المقبلة
— محسن المندلاوي (@mu_almandalawii) October 15, 2022
من جانبها، قالت هيئة النزاهة العراقية، في بيان لها، صباح الأحد، إنّ القضيَّة المتعلقة بفقدان 3 تريليونات دينار عراقي باتت معروضة أمام القضاء الآن، مؤكدة أنّ "القضاء أصدر أوامر استقدامٍ بحق مسؤولين كبار في وزارة المالية بشأن الثغرات التي أفضت إلى حصول هذا الخرق الكبير والتجاوز الفظيع على المال العام".
وفي شرح قدّمه مسؤول عراقي في وزارة المالية، طلب عدم الكشف عن اسمه، حيال كيفية سرقة تلك المبالغ، أكد، لـ"العربي الجديد"، أنّ "المبالغ سرقت على فترات زمنية متفاوتة، ومن خلال اتفاق شبكة مسؤولين ومدققين ومحاسبين، عبر التلاعب بنظام الضرائب والعوائد الضريبية المترتبة عن كل تعامل تجاري متعلق بالعملة الصعبة (الدولار)، وتحويلها إلى خارج العراق تحت غطاء الاستيراد التجاري".
وأضاف أنّ "المعلومات الأولية تشير إلى أنّ المبالغ نقلت إلى حسابات مرتبطة بالمتورطين في العملية داخل وزارة المالية ومصرف الرافدين"، مؤكداً أنّ "قسماً من المتهمين خارج العراق وآخرين موجودون وعليهم أمر منع سفر".
وفي أول تعليق قانوني على "أزمة الأموال المسروقة" كما اصطلح عليها شعبياً في العراق، قال الخبير القانوني محمد السامرائي إنّ "المبالغ المسروقة هي أمانات مودعة في حساب الضريبة في مصرف الرافدين جرت سرقتها بالكامل بشكل منظم".
وأضاف، في توضيح على حسابه بموقع "فيسبوك"، أنّ "قيمة مبلغ الاختلاس والسرقة في دائرة الضرائب هو 2.6 مليار دولار، بما يعادل 4000 أربعة آلاف مليار دينار عراقي".
واعتبر أنّ "هذا الرقم يمثل نصف ميزانية إحدى دول الجوار، والمبالغ المسروقة أمانات مودعة في حساب الضريبة في مصرف الرافدين جرت سرقتها بالكامل بشكل منظم".
وتابع السامرائي في إيضاحه بالقول: "لكن قبلها قد حررت صكوك من قبل موظفي الضريبة العامة الفاسدين بحدود 247 صكاً لمجموعة من الشركات، وهذه جريمة اختلاس ثم أودعت في حسابات شركات وسُحبَت نقداً".
وختم بالقول إنّ "ضعف القانون وانتشار المافيات وعصابات الفساد بشكل يفوق كل المستويات، كارثة حقيقية ونهب بلا حساب".
والأسبوع الماضي، كشفت لجنة النزاهة في البرلمان العراقي، عن فقدان مبالغ قالت إنها تجاوزت 800 مليون دولار أميركي من مصرف الرافدين الحكومي، معلنة فتح تحقيق موسّع بالملف الذي قالت إنها تمتلك وثائق وأدلة حوله، إلا أنّ وزير المالية العراقي بالوكالة إحسان عبد الجبار، أكد أنّ المبلغ هو 2.5 مليار دولار.
وشدد عضو لجنة النزاهة في البرلمان، أحمد طه الربيعيّ، على مخاطبة وزارة المالية العراقية للتزود بنتائج اللجان التحقيقية الخاصة بملف ضياع إيرادات حسابات الأمانات العائدة للضريبة العامة في مصرف الرافدين، وبيان الأرقام الحقيقية للمبالغ والأشخاص المشتبه فيهم الذين استحوذوا على تلك الأموال.
وأضاف أنّ الوزارة أجابت بأنها شكّلت لجنة تحقيق لإجراء التحقيق الإداري في الموضوع، وأعلنت عدداً من التوصيات الاحترازية، لأنّ فقدان هذه المبالغ الهائلة من حساب الهيئة العامة للضرائب، كان خلال فترة إدارة شخصيات جرى تغيير مناصبهم.
ودعا الجهات الحكومية والرقابية إلى منع سفر بعض المديرين والكوادر العليا في هيئة الضرائب الذين جرى تغييرهم في وقتٍ سابق، لحين انتهاء التحقيق الإداري والقضائي.
وحتى الآن لم تعلّق حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي على القضية التي تفاعلت خلال الساعات الماضية شعبياً داخل العراق.