العراق: من المسؤول عن انهيار سعر الدينار؟

18 ديسمبر 2020
تدهور العملة ينعكس ارتفاعاً جنونياً في أسعار السلع والمواد بالأسواق العراقية (Getty)
+ الخط -

مع استمرار تدهور سعر صرف الدينار العراقي أمام الدولار، وما يتسبب به من اضطراب بأسعار السلع والبضائع في السوق المحلية، تتقاذف قوى سياسية اتهامات بالمسؤولية إزاء ذلك، وسط توجه برلماني لمساءلة محافظ البنك المركزي بشأن ذلك.

وبلغ ارتفاع سعر الدولار، بعد ظهر اليوم، 132 ألف دينار مقابل 100 دولار، بعد صعود إلى 137 ألفا يوم أمس الخميس، ليهبط الى 130 ألفا عصرا، ويعود للارتفاع إلى 132 ألف دينار، وقد كان في بداية الشهر 123 ألف دينار عراقي للـ100 دولار. 

ائتلاف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي وجه الاتهام إلى حكومة مصطفى الكاظمي بمسؤولية ذلك، معتبرا أنها "تتعمد رفع سعر الدولار" ضمن إجراءاتها.

وقال النائب عن الئتلاف عبد الهادي السعداوي إن "محافظ البنك المركزي أبلغ اللجنة المالية في البرلمان بأن البنك سيرفع سعر صرف الـ100 دولار إلى 145 ألف دينار عراقي"، مبينا في تصريح متلفز "كانت اجتماعات سابقة لدى الحكومة، بأن يقسم الارتفاع إلى مرحلتين ولا يكون مفاجئا، حيث يكون بخطوتين، الأولى إلى 130 ألف دينار وبعد ذلك إلى 145 ألفا، لكن الحكومة ارتأت أن تتوجه بقضية 145 ألف دينار".

وأوضح النائب، وهو عضو اللجنة المالية البرلمانية، أن "محافظ البنك المركزي أبلغ اللجنة المالية، بشكل رسمي، أنه بعد غد الأحد سيكون سعر صرف الدولار 145 ألف دينار في السوق المحلية".

"ائتلاف النصر"، الذي يتزعمه حيدر العبادي، أكد التوجه برلمانيا نحو استجواب محافظ البنك المركزي بشأن هذا الملف، مؤكداً أن ارتفاع سعر الصرف "متعمد". وقالت النائبة عن الائتلاف ندى شاكر إن "سبب ارتفاع سعر بيع الدولار ناتج عن تدخلات سياسية في مزاد العملة". وأوضحت أن "الشركات المضاربة التي تقودها جهات سياسية تقف خلف ارتفاع بيع الدولار في الأسواق المحلية، وأن الارتفاع هو أمر مقصود وتقف خلفه جهات سياسية".

وأضافت أن "البرلمان بدأ جمع تواقيع نيابية لاستجواب محافظ البنك المركزي، للوقوف على التفاصيل ومحاسبة المقصرين".

غراف الدينار العراقي خلال شهر
مسار تدهور الدينار العراقي خلال شهر (غوغل فاينانس، العربي الجديد)

عضو كتلة النهج الوطني النائب حسين العقابي اتهم الحكومة بعدم اتخاذ أي إجراءات للسيطرة على سعر صرف الدولار. وقال في بيان إن "الارتفاع بسعر صرف الدولار وظفه عدد من المصارف الوسيطة، التي ترتبط بالبنك المركزي بشكل مباشر، لأجل تحقيق أرباحا من مزاد العملة"، مؤكدا أن "تلك المصارف هي حلقة زائدة في مجال العمل المصرفي، ولا داعي لوجودها لأنها تحقق أرباحا على حساب استنزاف أموال التجار والناشطين في السوق وقوت المواطنين، وتعتاش على مقدرات الدولة من خلال ذلك".

وأكد أن "شخصيات متنفذة بالدولة العراقية تهيمن على عمل تلك المصارف، الأمر الذي يتسبب بخسارة كبيرة للدولة العراقية، ويصب في مصلحة تلك الجهات"، محملا الحكومة مسؤولية ذلك، متهما إياها بـ"تجاهل الملف وعدم اتخاذ أي خطوات للسيطرة على سعر الصرف"، مطالبا إياها بـ"توضيح ذلك".

وألقى استمرار ارتفاع سعر الصرف بظلاله على السوق المحلية، وقد تسبب بارتفاع أسعار المواد الغذائية والأدوية والسلع الأخرى، فيما حذر مختصون بالشأن الاقتصادي من أن البلد مقبل على "كارثة" في حال عدم السيطرة على سعر صرف الدولار.

وقال الخبير الاقتصادي جمال الربيعي، لـ"العربي الجديد"، إن "عدم اتخاذ إجراءات حكومية عاجلة للسيطرة على سعر الصرف سيتسبب بكارثة في السوق المحلية، من خلال ارتفاع كبير في الأسعار بشكل عام"، مبينا أن "هناك حاليا حالة ارتباك وشلل في السوق المحلية، وأن أغلب البضائع سجلت قفزات بأسعارها".

وشدد على أن "الملف مرتبط بتداخلات كثيرة، بعضها سياسية وأخرى تتعلق بتأثير أطراف منتفعة على سعر بيع العملة، الأمر الذي يعقد الموضوع بشكل خطير، وستكون له تداعيات خطيرة إن لم تتخذ الحكومة إجراءات حازمة وسريعة".

يأتي ذلك، في ظل أزمة مالية صعبة يمر بها العراق، نتجت عن انخفاض أسعار النفط عالمياً، الأمر الذي انعكس على إمكانية إقرار الموازنة وتوفير الرواتب.

المساهمون