جاء قرار السلطات العراقية بوضع إشارة "عدم التصرف" على المئات من العقارات في محافظة نينوى شمالي العراق بقيمة تتجاوز الـ 85 مليار دينار عراقي (ما يعادل 56.6 مليون دولار)، ليؤشر إلى استمرار عمليات التلاعب والتزوير بعقارات المحافظة وخاصة في مدينة الموصل مركز المحافظة والأكثر من ناحية التجاوزات الحاصلة على القانون في هذا الملف، بينما يتهم سياسيون جماعات مسلحة وقوى سياسية بالوقوف وراء التلاعب.
وقالت هيئة النزاهة العراقية، في بيان لها، أمس الاثنين، إن محكمة تحقيق النزاهة في نينوى وضعت إشارة عدم التصرف على 844 أرض تابعة للدولة تم تخصيصها لجهات مختلفة"، موضحة في بيان أن قرار عدم التصرف صدر بسبب وجود مخالفات في عملية التخصيص والاستملاك".
وبينت أن "قاضي التحقيق توصل إلى أن الأسعار التي بموجبها منحت الأراضي والعقارات من خلالها كانت بمبالغ زهيدة جداً، وهذه المبالغ تقل عن القيمة الحقيقية لها، فضلاً عن منحها على فئات لا تنطبق عليهم الضوابط والشروط".
تأييد برلماني
وأيدت عضو البرلمان العراقي عن محافظة نينوى، انتصار الجبوري، قرار هيئة النزاهة بوقف التصرف بمئات العقارات في المحافظة، مؤكدة في حديث لـ "العربي الجديد" حصولها على معلومات تؤكد وجود تلاعب بعقارات نينوى.
ولفتت إلى أن بعض العقارات التي جرى التلاعب بها أثرية، وتوجد خشية من تحويلها إلى مناطق سكنية، متهمة بعض الجهات التي لم تسمها بالتلاعب في أوراق الأراضي الزراعية، وتحويلها إلى سكنية ثم بيعها.
وتابعت: "حدثت حالات استيلاء على عقارات لمواطنين في نينوى"، محذرة من وجود محاولات لأحداث تغيير ديموغرافي في المحافظة من خلال منح أراضٍ أشخاص من غير سكان المحافظة.
ولفتت إلى أن محافظة نينوى سجلت حالات تزوير وتمليك غير صحيح لبعض العقارات، معبرة عن أن أملها في أن تحدّ إجراءات النزاهة من عمليات التلاعب.
وأشارت إلى أن هيئة النزاهة سبق أن ألقت القبض على موظفين متهمين بالتلاعب، داعية القضاء إلى الكشف عن الجهات التي تتلاعب بعقارات نينوى بعد انتهاء التحقيقات.
يذكر أن هيئة النزاهة كانت قد أعلنت مطلع العام الحالي ضبط المئات من معاملات تمليك الأراضي غير الأصولية في محافظة نينوى، موضحة أنها ضبطت 6 موظفين متهمين بالتلاعب.
اتهام مليشيا الدعم الشعبي
كذلك وصف عضو البرلمان السابق عن محافظة نينوى، ماجد شنكالي، قرار هيئة النزاهة بوقف التصرف بمئات العقارات في المحافظة بـ "السليم جداً"، متهماً فصائل مسلحة وقوى سياسية بالاستيلاء على بعض الأماكن في نينوى.
وعبّر عن أمله في تطبيق قرار هيئة النزاهة الجديد بخصوص عقارات نينوى، وألا يكون كسابقاته التي لم تطبق، موضحاً لـ"العربي الجديد" أن وقف التلاعب يصب في مصلحة أهالي المحافظة.
وأشار إلى أن الموظفين المتهمين بالتلاعب بالعقارات إما كانوا تحت الضغط، أو أنهم تعاونوا مع الجهات المستفيدة، مضيفا أن "الإجراءات غالبا ما تطبق على الموظفين الصغار الذين قد ينفذون إجراءات التلاعب تحت الضغط".
وتابع: "توجد اتهامات لفصائل مسلحة بالتورط في التلاعب"، لافتا إلى أن فصائل وقوى سياسية سيطرت على ساحات وعقارات في محافظة نينوى.
وعام 2019، كشف تقرير لجنة برلمانية لتقصي الحقائق في مدينة الموصل عن سيطرة فصائل تعمل ضمن مليشيا "الحشد الشعبي" على مقدرات المدينة، فيما أكدت مصادر محلية في حينها أن بعض الأشخاص المدعومين من "الحشد" استولوا على مساحات واسعة من الأراضي، وقاموا بفرض إتاوات على التجّار.