يتصاعد السخط في العراق إزاء صفقات بيع النفط بالدفع المسبق، الذي انتهجته الحكومة في الآونة الأخيرة، ضمن حزمة معالجات سريعة لتلافي الأزمة المالية في البلاد، ومساعيها لتأمين المرتبات ونفقات الموازنة التشغيلية، ليعرب نواب في البرلمان عن مخاوفهم من استمرار هذا النوع من الصفقات، على اعتبار أنها ترهن ثروات البلاد دون مراعاة أي تطورات مستقبلية قد تدفع الأسعار للصعود.
وأظهرت وثيقة وفق وكالة رويترز أخيرا أن شركة تسويق النفط العراقية (سومو) عرضت 4 ملايين برميل من خام البصرة الخفيف والمتوسط عبر عطاءات فورية في 13 يناير/ كانون الثاني الجاري.
وأشارت الوثيقة إلى أن إجمالي الكمية يبدو أكبر مما تشهده عادة العطاءات الفورية الشهرية لسومو في الآونة الأخيرة. وهذا الإجراء هو الثالث من نوعه خلال الشهرين الماضين، إذ سبق أن أكدت تقارير نفطية عراقية بيع العراق كميات من خام البصرة إلى الصين وتسلم ثمنها مقدماً وفق سعر البرميل المعتمد بتاريخ توقيع الصفقة.
وقال برلماني عراقي بارز لـ"العربي الجديد" إن لجنة الطاقة تستعد لتوجيه طلب استدعاء لوزير النفط للاستفهام منه حول صفقات البيع المسبق للخام التي انتهجتها الحكومة ومدى تأثيرها على البلاد، وما إذا كانت ستحدث خللا في موازنات السنوات المقبلة.
في السياق، اعتبر مقرر اللجنة المالية في البرلمان فلاح الخفاجي أن مثل هذه الصفقات قد تحمل شبهات فساد، ما يتطلب تحركا لوقف هذه المعاملات التي تؤثر بشكل سلبي على الاقتصاد العراقي.
وقال الخفاجي في حديث مع "العربي الجديد" إن بيع النفط بصفقات دفع مسبقة "سياسة غير صحيحة" من قبل الحكومة، مضيفا أن "البرلمان لا يمكن أن يسكت على مثل هذه الصفقات، إذ إنها باب من أبواب الفساد".
وتابع أن "أموال هذه الصفقات لا تدخل ضمن الموازنة، وتحتاج متابعة ومراقبة ومعرفة مصير الأموال التي تحقق منها". الصفقة أثارت حفيظة نواب محافظة البصرة، والتي عدّوها بمثابة "سرقة من أموال المحافظة"، كون النفط المباع هو من حقول البصرة.
وقال النائب رامي السكيني، لـ"العربي الجديد"، إن "الصادرات النفطية لا تعطي كل الاستحقاقات للبصرة من التصدير، وهي المحافظة المنتجة للنفط، والتي تتحمل المخلفات النفطية وأضرارها البيئية".
وأضاف السكيني: "أعتقد أن هناك اتفاقا وتنسيقا ومجاملة بين الحكومة المحلية والمركزية ووزارة النفط بشأن تلك الصفقة"، مؤكدا "إذا ما استمرت الحكومة بتلك الصفقات فإن الشارع البصري لن يسكت على ذلك، فلن نقبل بأن ترفد البصرة المحافظات الأخرى من نفطها ولا تحصل هي على استحقاقها".
في المقابل، قال الخبير في الشأن النفطي أحمد المنصوري، لـ"العربي الجديد"، إن الاعتراضات على صفقات الدفع المسبق سياسية ولا يوجد شيء يستدعي الخوف منها.
واعتبر المنصوري أن الكميات المباعة "قليلة وليست ضخمة بما يستدعي الخوف من رهن العراق نفطه لأشهر عدة من التصدير على سبيل المثال، لذا الموضوع هو مناورة حكومية لتوفير العملة الصعبة، والاعتراضات في هذا الوقت من قبل نواب بالبرلمان ذات دوافع سياسية من كتل مناوئة للحكومة.