العراق: دعوات إلى تنويع مصادر الدخل والخروج من دائرة الاقتصاد الريعي

31 اغسطس 2024
يفتقر العراق إلى الاكتفاء الذاتي في كثير من السلع، بغداد 23 يناير 2021 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- دعا خبراء الاقتصاد في العراق إلى تنويع مصادر الدخل لتجنب تأثير التقلبات الجيوسياسية على عائدات النفط، مشيرين إلى اختلال الميزان التجاري بسبب الاعتماد الكبير على الصادرات النفطية.
- أكد عضو اتحاد الغرف التجارية على ضرورة دعم الإنتاج الوطني لتحقيق الاكتفاء الذاتي وتنشيط قطاع التجارة الخارجية لزيادة الإيرادات المالية وتقليل البطالة والفقر.
- أشار أستاذ الاقتصاد إلى أن الاعتماد على الاقتصاد الريعي يؤدي إلى توسع الإنفاق وتأثره بتقلبات أسعار النفط، مع تقرير يظهر ارتفاع التبادل التجاري بنسبة 10% وفائض ميزان تجاري.

دعا عدد من الباحثين وخبراء الاقتصاد في العراق حكومة بلادهم إلى تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد على عائدات النفط في ظل التقلبات الجيوسياسية في العالم التي تؤثر في مصدر الدخل الرئيس للبلاد. وأكد الخبراء، اليوم السبت، أنّ عدم تطوير قطاعات إنتاجية مهمة يقف وراءها قوى نافذة لا تريد خروج العراق من دائرة الاقتصاد الريعي.

وقال الباحث المختص بالتجارة الدولية، أحمد عبد الله، إن العراق يعاني من اختلال ميزانه التجاري إذا ما قورن حجم الصادرات غير النفطية بحجم الاستيراد الكامل من الخارج، مع تقلبات سعر الصرف والازدواجية في الحصول على الدولار لأغراض تجارية. وأوضح عبد الله، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أنّ الارتفاع الكبير في الاعتماد على الصادرات النفطية أدى إلى تعميق مبدأ أحادية الاقتصاد العراقي دون العمل على تنويع الصادرات، بفعل الإدارة الخاطئة التي تتبعها المؤسسات الحكومية. 

وأوضح عبد الله أنّ العراق يعاني من اختلال ميزانه التجاري إذا ما قورن حجم الصادرات غير النفطية بحجم الاستيراد الكامل من الخارج، مع تقلبات سعر الصرف والازدواجية في الحصول على الدولار لأغراض تجارية. وبيّن عبد الله، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أنّ الارتفاع الكبير في الاعتماد على الصادرات النفطية أدى إلى تعميق مبدأ أحادية الاقتصاد العراقي دون العمل على تنويع الصادرات، بفعل الإدارة الخاطئة التي تتبعها المؤسسات الحكومية. 

ضعف الصادرات غير النفطية

في السياق، قال عضو اتحاد الغرف التجاري، ماجد الموزاني، إن صادرات العراق لبقية البلدان لا تصل إلى مرحلة التصدير التجاري التي يمكن اعتمادها صادراتٍ رسمية للدولة بعيداً عن الصادرات النفطية. وأضاف الموزاني، لـ"العربي الجديد"، أنّ حجم التبادل التجاري المعلن يتعلق بالصادرات النفطية فقط، ولا يتم الحديث عن صادرات أخرى، لأن العراق يفتقر إلى الاكتفاء الذاتي في مختلف المجالات الإنتاجية.

وبيّن أن فتح الدولة المجال أمام دخول كميات كبيرة من السلع والبضائع انعكس على السوق المحلية، وسبّب حالة من التذمر لدى المنتجين العراقيين الذين يعانون قلة الدعم وغياب فرص الإنتاج الحقيقية. وأكد الموزاني أن العراق بلد مستورد، وهذه مشكلة كبيرة تواجه الاقتصاد العراقي، بسبب عدم وجود إنتاج محلي، ما يرفع من نسبة البطالة ومعدلات الفقر، مؤكداً أن أموال العراق تذهب إلى الخارج، وأن موقفهم في اتحاد الغرف التجارية ثابت من أجل دعم الإنتاج الوطني العراقي وتحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات المحلية.

وطالب الموزاني الحكومة العراقية بالعمل والسعي لتطوير قطاعات الإنتاج الصناعي العراقية، والزراعة المتنوعة من أجل تنشيط قطاع التجارة الخارجية للدولة لتحقيق أعلى قدر من الإيرادات المالية التي تساهم في تحقيق أعلى عائد للدخل القومي وخزينة الدولة العراقية. 

سلبيات الاقتصاد الريعي في العراق

من جانبه، أكد أستاذ الاقتصاد علي عبد الهادي، أن من بين أخطر المشاكل التي تواجه الدول التي تعتمد على الاقتصاد الريعي، غياب القدرة على إدراك حقيقة أوضاعها المالية، لأنها تنساق نحو التوسع في الإنفاق لتأثرها بالفوائض المالية التي يوفرها الريع النفطي، متناسية أو متجاهلة حالة التذبذب التي تصيب مواردها المالية عند تراجع أسعار النفط العالمية. وأوضح عبد الهادي، لـ"العربي الجديد"، أنّ العراق يعتمد في موازنته العامة على إيرادات خارجية بالاعتماد على إيرادات النفط، الأمر الذي جعل البلد يعيش حالة التخلف في قطاعاته غير النفطية، على الرغم من توافر الموارد والإمكانات، بسبب إهمال القطاعات الإنتاجية الأخرى والاعتماد على القطاع النفطي في تكوين الناتج المحلي الإجمالي.

وأضاف عبد الهادي أنّ النفقات العامة التي تعتمد عليها الدولة العراقية تُغطى من الإيرادات النفطية، ما يشكل خطورة على مجمل الاقتصاد العراقي، إذ تتعرض الإيرادات النفطية لتقلبات الأسعار اليومية، أو الموسمية، أو مع الأحداث السياسية والأمنية في العالم، ما يعني حدوث خلل في الميزان التجاري.

وشدد على أهمية إعطاء دور أكبر للإنفاق الاستثماري على حساب الإنفاق الاستهلاكي، ولا سيما في الأمد القصير والمتوسط، وذلك لكون الإنفاق الاستثماري هو الأساس في تطور الاقتصاد والوسيلة الأساس لتنويع وزيادة الدخل والاستهلاك في الأمد الطويل، ليحقق الاكتفاء ويتجه نحو تطوير صادراته من المنتجات والصناعات الوطنية بعيداً عن الإيراد الريعي للنفط. 

ارتفاع حجم التبادل التجاري مع 11 دولة 

وارتفع حجم التبادل التجاري للعراق مع 11 دولة في النصف الأول من عام 2024 بنسبة 10% إلى 65 مليار دولار، مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي 2023، وفقاً لتقرير صادر عن مؤسسة "عراق المستقبل" للدراسات والاستشارات الاقتصادية (غير حكومية)، التي ذكرت أن مجموعة الدول هي: الصين، الهند، تركيا، كوريا الجنوبية، الولايات المتحدة الأميركية، ألمانيا، الأردن، البرازيل، اليابان، السعودية، وأستراليا.

وذكرت المؤسسة، في تقرير حديث لها، في وقت سابق من الشهر الجاري، أن العراق صدّر إلى هذه الدول في النصف الأول من 2024 سلعاً بقيمة 45 مليار دولار بارتفاع بلغت نسبته 11.6% مقارنة بالفترة نفسها، وتصدرت الصين الدول الأكثر استيراداً من العراق، تليها الهند، ثم كوريا الجنوبية، والولايات المتحدة، وجلّ هذه الصادرات من النفط الخام، بحسب التقرير. بالمقابل، استورد العراق من هذه الدول ما قيمته 19.6 مليار دولار، بارتفاع بلغت نسبته 8.1% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وتصدرت الصين الدول الأكثر تصديراً للعراق، ثم تركيا والهند، بحسب التقرير. 

وأشار التقرير إلى أن فائض الميزان التجاري للعراق مع هذه الدول بلغ 26 مليار دولار لصالح العراق بارتفاع بلغت نسبته 14.4% مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي. وطبقاً للتقرير، فإن كلاً من الإمارات وإيران لم تعلن حجم تبادلها التجاري مع العراق في النصف الأول من السنة الحالية، بالرغم من أن الإمارات صدّرت في 2023 بضائع بقيمة 22 مليار دولار إلى العراق، بينما صدّرت إيران سلعاً إلى العراق خلال 2023 بقيمة 10 مليارات دولار تتضمن الكهرباء والغاز.

وبحسب هذه البيانات، فإن أكبر خلل للميزان التجاري للعراق مع تركيا، إذ بلغ 5.2 مليارات دولار لصالح تركيا، مرتفعاً بنسبة 15.3% عن الفترة نفسها من عام 2023. ووفقاً للبيانات نفسها، من المتوقع أن يبلغ حجم التبادل التجاري مع هذه الدول لغاية نهاية 2024 حدود 130 مليار دولار، وإذا ما أضيف إليها حجم التبادل التجاري للعراق مع الإمارات وإيران، فمن المتوقع أن يبلغ حجم التبادل التجاري للعراق مع كل هذه الدول حدود 160 مليار دولار. 

المساهمون