العالم يتطلّع مجدداً لاجتماع البنك الفيدرالي.. والرفع هو أقرب الاحتمالات

29 مايو 2023
جيروم باول رئيس البنك الفيدرالي وجانيت يلين وزيرة الخزانة الأميركية (Getty)
+ الخط -

بعد إعلان بيانات وزارة التجارة الأميركية، الجمعة الماضي، وبالتزامن مع توصل المتفاوضين لاتفاق لتعليق سقف الدين الأميركي، عادت أسعار الفائدة لتسيطر على اهتمام المحللين والمتابعين، وخاصة مع تزايد احتمالات رفعها في اجتماع البنك الفيدرالي، المنتظر قبل انتصاف شهر يونيو/حزيران.

ورغم استبعاد مسؤولي البنك الفيدرالي، في أكثر من مناسبة، تخفيض الفائدة قبل نهاية العام الحالي، كانت أسواق العقود الآجلة والمستقبلية، حتى الأسبوع الماضي، تشير إلى توقع تخفيض واحد على الأقل، خلال الربع الأخير من العام، قبل أن تتعقد الأمور مؤخراً.

ورفع البنك المركزي، الأكبر في العالم، معدل الفائدة على أمواله في اجتماعاته العشرة الأخيرة، وصولاً إلى نطاق 5% - 5.25%، بعد أن كان قريباً من الصفر في الربع الأول من العام الماضي، في محاولة لكبح جماح أقوى موجة تضخم تضرب البلاد في أكثر من أربعة عقود.

وبعد الإعلان عن قرار الرفع الأخير، مطلع الشهر الجاري، ألمح جيروم باول، رئيس البنك، إلى إمكانية تثبيت معدلات الفائدة في اجتماع يونيو القادم، إلا أنه أشار أيضاً إلى أن قرار كل اجتماع سيتأثر بالبيانات الصادرة قبله.

وأظهر محضر الاجتماع الأخير، الذي جرى نشره الأربعاء الماضي، أن بعض الأعضاء لا يزالون يرون الحاجة إلى مزيد من الرفع، بينما توقع البعض الآخر أن يزيل تباطؤ الاقتصاد، كما القيود التي فرضت على البنوك، الحاجة إلى مزيد من التشديد.

وأشار كل من رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي في سانت لويس جيمس بولارد، ورئيس بنك الاحتياط الفيدرالي في مينيابوليس نيل كاشكاري، قبل أيام، إلى أن التضخم العنيد قد يبقي السياسة النقدية أكثر تشدداً لفترة أطول، وأن المزيد من رفع الفائدة قد يجري في وقت لاحق من العام.

وأوضحت بيانات الجمعة أن مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي، وهو المقياس المفضل لمجلس الاحتياط الفيدرالي، ارتفع بنسبة 4.7% على أساس سنوي في إبريل/نيسان، ما أوضح استمرار عناد التضخم، وزاد الرهان على استمرار معدلات الفائدة على ارتفاعها لفترات أطول مما كان متوقعاً.

وتباطأ مؤشر أسعار المستهلكين الرئيسي في الولايات المتحدة بشكل ملحوظ منذ أن بلغ ذروته فوق 9% في يونيو/حزيران 2022، ليسجل 4.9% فقط في إبريل/نيسان الماضي، إلا أنه بقي بعيداً عن مستواه المستهدف من البنك المركزي الأكبر في العالم، والبالغ 2%.

وارتفع أيضاً مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي، الذي لا يشمل أسعار المواد الغذائية والطاقة شديدة التقلب، بنسبة 5.5% سنوياً في إبريل.

وأبرزت أرقام الوظائف الأميركية، وبيانات الناتج المحلي الإجمالي التي جاءت أقوى من المتوقع، وجود تهديد قوي لخطة البنك الفيدرالي للقضاء على التضخم، حيث بدا واضحاً استمرار ضغط سوق العمل القوية، والأجور المرتفعة، على التضخم الجاسم على صدور الأميركيين.

ورغم تنامي الجهود الهادفة للتخلي عن الدولار، وزحزحته عن عرش التعاملات الدولية، وتقليص سيطرته على التجارة العالمية، سُمع صدى تحول نظرة المحللين لقرار البنك الفيدرالي القادم في مشارق الأرض ومغاربها.

والتقت البيانات الصادرة على تزايد توقعات رفع الفائدة، رغم أن احتمالات ذلك قبل أسبوعين كانت قريبة من الصفر. 

ووفقاً لأداة مراقبة البنك الفيدرالي، التابعة لمجموعة CME، تشير توقعات المتداولين إلى احتمالية رفع الفائدة ربع نقطة مئوية، بنسبة توقع تتجاوز 60%، بعد أن كانت في حدود 26% قبل إعلان بيانات وزارة التجارة يوم الجمعة.

وقال باتريك أرمسترونج، كبير مسؤولي الاستثمار في مجموعة "بلوريمي" لإدارة الثروات، لشبكة "سي أن بي سي" الاقتصادية، الأسبوع الماضي: "نظراً لأن مؤشر مديري المشتريات الخدمي قوي بشكل لا يصدق، فإن خلفية التوظيف قوية بشكل لا يصدق، والإنفاق الاستهلاكي كله قوي، إنه ليس من النوع الذي يحتاج البنك الفيدرالي فيه حقاً إلى ضخ السيولة هناك، أو تخفيض معدلات الفائدة، ما لم تكن هناك أزمة ديون".

ونقلت "سي أن أن" عن كبير مسؤولي الاستثمار في "بن ميوتشوال أسيت مانجمنت" مارك هيبنسول، قوله إن "البيانات الاقتصادية، جنباً إلى جنب مع الهدوء الأخير في القطاع المصرفي الإقليمي، بعد انهيار بنك "فيرست ريبابليك" في وقت سابق من هذا الشهر، جعلت المستثمرين يراهنون على رفع البنك الفيدرالي الفائدة الشهر المقبل".

وعلاوة على ذلك، تُظهر سوق السندات بعض الإشارات على تخفيف المتداولين رهاناتهم على الركود المنتظر خلال النصف الثاني من العام. ووصل عائد سندات الخزانة لأجل عامين إلى أعلى مستوى له منذ أوائل مارس/آذار، قبل أن يثير فشل بنكي "سيليكون فالي" و"سيغنتشر"، مخاوف من حدوث ركود، ويتسبب في تراجع العائد بشكل حاد.

ويوم الجمعة، اقتربت معدلات العائد على السندات الأميركية من جديد من مستوياتها مطلع شهر مارس/ آذار الماضي.

وتبقى البيانات الاقتصادية المتوقع صدورها قبل اجتماع البنك القادم، وفي مقدمتها تقرير الوظائف لشهر مايو/أيار المتوقع صدوره يوم الجمعة القادم، لتكون صاحبة التأثير الأكبر في القرار الذي سيتلوه علينا باول في الرابع عشر من يونيو.

المساهمون