الضربات الأميركية للحوثيين تعقد تجارة البحر الأحمر

14 يناير 2024
الحوثيون يتعهدون بمواصلة استهداف السفن الإسرائيلية (الأناضول)
+ الخط -

تتصاعد مخاوف القطاعات التجارية من اتساع نطاق الاضطرابات في البحر الأحمر وباب المندب، بعدما وجهت الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات ضد صنعاء وعدة محافظات، بهدف إضعاف قدرة الحوثيين الذين كثفوا من هجماتهم ضد السفن الإسرائيلية وغيرها التي تحمل جنسيات أخرى والتي تبحر نحو إسرائيل.

وأكد خبراء اقتصاد أن تطور الصراع واتساعه ستكون لهما تداعيات أعمق ستطاول الأسواق والتجارة الدولية، إضافة إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية في اليمن الذي لا يزال يعاني من تراكم تبعات الصراع المحلي، بينما كان اليمنيون يأملون حلحلة الأزمات الداخلية بعد حالة التهدئة الأخيرة بين المتصارعين، خصوصاً على صعيد مستوى الملف الاقتصادي والشحن التجاري وأزمة النقل ورواتب الموظفين المدنيين.

وأمس السبت، قالت القيادة المركزية الأميركية، في بيان على موقع "إكس"، إن حاملة الطائرات الأميركية كارني شنّت ضربات على الحوثيين، باستخدام صواريخ "توماهوك لاند أتاك"، في متابعة للضربات التي نُفذت قبلها بيوم وشملت 73 غارة. كذلك، أفادت قناة "المسيرة" التابعة للحوثيين، فجر أمس، بأن الضربات استهدفت قاعدة الديلمي الجوية شماليّ صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين منذ عام 2014.

وأكد الباحث الاقتصادي عصام مقبل، لـ"العربي الجديد"، أن تصاعد الصراع ستكون له تبعات جسيمة خلال الفترة المقبلة على كافة المستويات، مشيرا إلى ارتداده على الأسواق الدولية وأزمة الشحن التجاري بشكل أكبر، كما سيُحدث قفزة في تكاليف ورسوم التأمين على الشحن التجاري الدولي.

‏وشددت جماعة الحوثي على عدم ترددها في التعامل المناسب مع كافة الاعتداءات ضد اليمن، بينما أشارت إلى حرصها الكامل على استمرارِ حركة الملاحة في البحرين الأحمر والعربي إلى كافة الوجهات عدا موانئ فلسطينَ المحتلة.

وأكد خبراء اقتصاد أن الكثير من الأسواق بدأت تشعر بالفعل بتداعيات التوتر في البحر الأحمر، مشيرين إلى أن هناك قلقاً أكبر من اتساع نطاق الصراع وتزايد استهداف السفن ليطاول المصالح الغربية بشكل عام، خاصة الأميركية والبريطانية، بينما لن تكون الضربات الأميركية مجدية كثيرا في تقويض هجمات الحوثيين.

ويستمر الحوثيون في عمليات منع مرور السفن الإسرائيلية أو المتجهة نحو موانئ إسرائيل بوتيرة عالية منذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، لتخلف هذه الهجمات أزمات اقتصادية محسوسة للاقتصاد الإسرائيلي وكذلك حركة الشحن التجاري العالمي، حيث غيرت الكثير من شركات الشحن العالمية مسارات سفنها بعيدا عن البحر الأحمر.

وكشف مصادر مطلعة في سلطة صنعاء، لـ"العربي الجديد"، عن رصد ما يقرب من 17 سفينة، منها نحو 12 سفينة حاولت كسر قرار صنعاء، حيث أُوقفت بالقوة وجميعها تابعة لشركات أجنبية كانت متجهة نحو الموانئ الإسرائيلية خلال الفترة الماضية منذ بدء العمليات على البحر الأحمر.

وأكد خبراء اقتصاد أن هناك أضراراً اقتصادية كبيرة يتكبدها الاقتصاد الإسرائيلي، لا سيما أن ميناء إيلات، أحد أهم الموانئ التابعة لدولة الاحتلال على البحر الأحمر، توقف بشكل شبه كلي نتيجة منع السفن من الوصول إليه، فضلا عن أن عدداً من الشركات الملاحية أبلغ الجانب الإسرائيلي بالتوقف عن الإبحار إلى موانئه، إذ إن الشحن البحري، الذي تعتمد عليه تل أبيب في الاستيراد والتصدير، توقف في ميناء إيلات.

ورأى الباحث الاقتصادي اليمني مراد منصور، لـ"العربي الجديد"، أن على الشركات الملاحية الدولية أن توقف خدماتها في الشحن التجاري إلى الموانئ الإسرائيلية، كما حدث مع شركات الشحن الصينية وغيرها، لكي تجنب نفسها مخاطر الاستهداف.

وأكدت جماعة الحوثي استمرارها في منع السفن الإسرائيلية، أو المتجهة إلى موانئَ فلسطينَ المحتلة، من الملاحة في البحرين العربي والأحمر حتى وقف العدوان ورفع الحصار عن قطاع غزة.

بدوره، قال الباحث الاقتصادي رشيد الحداد، لـ"العربي الجديد"، إن عددا كبيرا من السفن التجارية لم يتعرض لأي أذى كونها متجهة إلى وجهات دولية، في حين أن القرار محدد بسفن تابعة لدولة الاحتلال الإسرائيلي حتى يتم وقف الحرب على قطاع غزة ودخول المساعدات الإغاثية إلى القطاع.

لكن التصعيد العسكري الأميركي ضد الحوثيين قد يتسبب في خنق تجارة اليمن أيضا، إذ يتوقع الخبير في مركز تنمية الصادرات توفيق السنباني، في حديث مع "العربي الجديد"، أن تنعكس التطورات الأخيرة على تفاقم الأوضاع التجارية المتدهورة في اليمن، حيث من المرجح أن تتسع الفجوة في الميزان التجاري لليمن، إضافة إلى خلق المزيد من الصعوبات والتحديات أمام المستوردين، وارتفاع تكاليف تمويل قيمة الواردات السلعية بصورة قياسية تفوق قدرات البلاد في الوقت الراهن.

وتقدر فاتورة الواردات السلعية اليمنية بنحو 15 مليار دولار سنوياً، حيث تشكل الواردات الغذائية والمشتقات النفطية حوالي 60% من إجمالي قيمة الواردات السلعية، في حين تصل نسبة استيراد السلع والمنتجات الأخرى إلى 40%.

وتثير هذه الفاتورة المتضخمة، التي توجه للاستيراد في بلد يعاني من أزمات اقتصادية وإنسانية واسعة، جدلاً واسعاً، وسط مطالبات بترشيد الواردات بالتركيز على الضرورية منها واستغلال حملات المقاطعة المتصاعدة بشكل تدريجي في البلاد لبضائع وسلع الدول الداعمة لإسرائيل والمساندة والمتواطئة معها، للاهتمام بالمنتج المحلي وتنمية الصناعات والمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومشاريع إنتاج الغذاء للأسر اليمنية.

المساهمون