يعيش اليمن على غير العادة، على وقع ارتفاع مفاجئ لتكاليف نقل المياه في صنعاء ومدن أخرى بعد أن قفز سعر الصهريج المحمل على الشاحنات إلى أكثر من 11 ألف ريال من 8 آلاف ريال (الدولار = نحو 1200 ريال).
ويعزو ملاك شاحنات والتي يطلق عليها "وايتات" في معظم المناطق اليمنية، أسباب ذلك إلى التغيرات المناخية التي طرأت مؤخراً بسبب حلول الشتاء وتحول اعتمادهم بشكل كبير من الألواح الشمسية إلى المولدات الكهربائية لاستخراج المياه من الآبار ومواقع تجمعها إلى الصهاريج نتيجة للغيوم المتواصلة التي تغطي سماء صنعاء وعدد من المدن والمناطق الأخرى.
ويلفت مالك شاحنة لبيع المياه، صالح قنان، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن تحول استخدامهم للمولدات بدلا من الألواح الشمسية، ضاعف تكاليف إنفاقهم على متطلبات تشغيل هذه المولدات من وقود وغيرها من الاحتياجات.
من جانبه، يشرح بائع مياه، فارس الحزمي، لـ"العربي الجديد"، أن انعدام الشمس في صنعاء خلال الأيام الماضية والغيوم التي لا تفارقها طوال اليوم أدى إلى تعطيل أجهزة الطاقة البديلة التي يعتمدون عليها والمتمثلة بألواح الطاقة الشمسية لتشغيل مضخات المياه من الآبار وتعبئة "الوايتات" على حد تعبيره.
وتقوم الحكومة اليمنية بعملية مسح للمشاريع المنفذة في مجال الكهرباء والطاقة الشمسية، والاستعداد للبدء بتنفيذ مشروع ينتج 120 ميغاواطاً من الطاقة الشمسية والجدول الزمني المعد لذلك وإنشاء خطوط النقل والمحطات التحويلية لنقل وتوزيع الطاقة التي سيتم توليدها، بالمقابل أعلنت المؤسسة العامة للكهرباء في صنعاء تسعيرة جديدة للطاقة الكهربائية العامة والتجارية بتحديد سعر للكيلوواط يتراوح بين 300 و350 ريالا.
وتضرب اليمن موجة صقيع شديدة خلال الأيام الماضية أثرت على القطاع الزراعي وعدد من الأنشطة الاقتصادية.
ويقول مواطنون من سكان مدن يمنية متعددة إنهم تفاجؤوا بملاك "وايتات" المياه، (الصهاريج المحملة على الشاحنات) الذين زادوا أسعارهم بصورة لم يعهدوها من قبل في هذه الفترات من العام التي تقل فيها عملية استخدام المياه وبالتالي تستقر أسعارها.
وتتفاوت أسعار المياه على مستوى المدينة الواحدة في معظم محافظات اليمن، إذ يصل سعر الصهريج المحمل على الشاحنات في مناطق بصنعاء إلى نحو 11 ألف ريال، فيما يتجاوز في مناطق أخرى داخل المدينة 15 ألف ريال، في حين يبلغ سعره في مدن مثل عدن وتعز أكثر من 19 ألف ريال.
بالرغم من ذلك، يعتبر المواطن عبد المغني مطيع، من سكان العاصمة اليمنية صنعاء، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن تكاليف المياه المرتفعة ساهمت في تفاقم معاناتهم ومعيشتهم التي أصبحت مكلفة بمستويات تفوق قدراتهم على تحملها.
أما ثابت السامعي، من سكان مدينة تعز جنوب غربي اليمن، فيؤكد لـ"العربي الجديد"، أن الحصول على الخدمات العامة كالكهرباء والمياه والغذاء ومتطلبات الطبخ وغيرها تحول إلى مهمة شاقة تتطلب إنفاقا هائلا يدفع كثيرا من المواطنين والأسر إلى الاقتراض أو بيع ممتلكات لتوفيرها.
تضرب اليمن موجة صقيع شديدة خلال الأيام الماضية أثرت على القطاع الزراعي وعدد من الأنشطة الاقتصادية
ويرى خبراء في مجال المياه أهمية العمل على صيانة " تنظيف"، الآبار الواقعة في حوض صنعاء وإيقاف عملية التراخيص التي تمنح لحفر وتعميق الآبار في معظم احواض المياه الرئيسية في اليمن.
ويشدد الخبير في مجال المياه، أسامة العمادي، في حديث لـ"العربي الجديد" على أن المشكلة لا تقف عند حدود الأزمة الإنسانية والتردي المعيشي والذي من أسبابه ارتفاع تكاليف الخدمات، بل تتعدى ذلك إلى تبديد موارد اليمن المائية التي تتعرض لاستنزاف واسع وجائر، الأمر الذي يتطلب الاستنفار من كافة الجهات المعنية للحفاظ على مصادر مياه الأحواض اليمنية، ومنع الحفر العشوائي والجائر للآبار.
ويمتلك اليمن 4 أحواض للمياه في حالة حرجة للغاية تتمثل إلى جانب حوض صنعاء، في أحواض تبن في أبين جنوبي البلاد، والمرتفعات الشمالية والمرتفعات الوسطى، حيث تعاني هذه الأحواض من الإجهاد والاستنزاف الشديد بمستويات تتراوح بحسب تقديرات تقارير حكومية بين 23% و26%.
وأكدت اللجنة المصغرة لحوض صنعاء في اجتماع طارئ عقدته مطلع الأسبوع، على أهمية حماية مصادر مياه حوض صنعاء واتخاذ الإجراءات للحفاظ على المياه الجوفية في الحوض والحد من الاستنزاف الذي تتعرض له عن طريق الحفر العشوائي للآبار الأرتوازية.
وأشارت إلى أن الحفر العشوائي للآبار يؤثر سلباً على مياه الحوض، ما يستدعي قيام الجهات ذات العلاقة بدورها في تفعيل الرقابة على أية مخالفات وإيقافها.