السيسي يوافق على "وثيقة سياسة ملكية الدولة".. هذه أبرز مضامينها

29 ديسمبر 2022
الحكومة المصرية: "سياسة ملكية الدولة" تهدف إلى رفع معدلات النمو الاقتصادي (فيسبوك)
+ الخط -

أعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الخميس، عن موافقة الرئيس عبد الفتاح السيسي على وثيقة سياسة ملكية الدولة، المعروفة إعلامياً بـ"وثيقة بيع أصول الدولة المصرية"، وذلك على هامش اجتماع المجلس الأسبوعي، في مقره الجديد بالعاصمة الإدارية، والمقام على مساحة 26 ألف متر، بالإضافة إلى منطقة خضراء بمساحة 50 ألف متر.

وأوضح مدبولي أن الوثيقة تؤكد حرص الدولة على إتاحة مجال أكبر لمشاركة القطاع الخاص في توليد النمو الاقتصادي، وتوفير فرص العمل، وزيادة مستويات الاستثمارات والصادرات، فضلاً عن رفع معدل الاستثمار إلى ما يتراوح بين 25% و30%، بما يسهم في زيادة معدل النمو الاقتصادي إلى ما يتراوح بين 7% و9%، وخفض نسب البطالة.

وقال مدبولي، بحسب بيان لمجلس الوزراء، إن الوثيقة تهدف إلى توفير فرص متنوعة للقطاع الخاص في الأنشطة الاقتصادية المختلفة، بما يساعد في رفع نسبة مساهمته الاقتصادية في الناتج المحلي الإجمالي، بالإضافة إلى الاستثمارات المنفذة والتشغيل والصادرات والإيرادات الحكومية،  مستطرداً بأن الوثيقة من شأنها تهيئة البيئة الاقتصادية الداعمة والجاذبة للاستثمارات، عن طريق وضع الأسس والمرتكزات الرئيسة لتواجد الدولة (الجيش) في النشاط الاقتصادي.

وأضاف أنها تتضمن أهم ملامح سياسة ملكية الدولة المصرية للأصول، بما يشمل أهداف هذه السياسة، وتوجهاتها، ومنهجية تحديد قرارات الإبقاء على بعض الأصول المملوكة للدول، أو التخارج منها (بيعها) خلال الفترة المقبلة، مشيراً إلى أهمية دور صندوق مصر السيادي في هذا الإطار، والشراكات بين القطاعين العام والخاص كآلية للمزيد من تعزيز دور القطاع الخاص.

وأشار مدبولي إلى أهمية وضع إطار الحياد التنافسي، ومبادئ حوكمة الأصول المملوكة للدولة، وتدخلها من أجل ضخ الاستثمارات وملكية الأصول في قطاعات رئيسية يعزف القطاع الخاص عن الدخول فيها، الأمر الذي ينعكس على تطويرها بشكل مباشر، وتحسين بيئة العمل للقطاع الخاص.

وتابع أن الوثيقة تستهدف كذلك حوكمة تواجد الدولة في الأنشطة الاقتصادية وفقاً لمعايير محددة، والتحول من إدارة مؤسسات الدولة إلى إدارة رأس مال الدولة من خلال تحديد آليات تخارجها من الأصول المملوكة لها، عبر العديد من الآليات التي تعظم العائد من ملكية الدولة للأصول.

وأكمل مدبولي أن تنفيذ "وثيقة سياسة ملكية الدولة" من شأنه تحقيق وفورات مالية تمكن من دعم أوضاع الموازنة العامة، وتحقيق الانضباط المالي، وضمان الاستدامة المالية، وتعزيز قدرة الدولة المالية على دعم شبكات الأمان الاجتماعي لحماية الفئات الهشة، علاوة على زيادة مستويات قدرة صمود الاقتصاد المصري أمام الأزمات.

واستدرك بقوله إنه سيتم مراعاة بعض الموجهات الأساسية في سياق تنفيذ الوثيقة من قبل الحكومة المصرية، ومنها التنفيذ على مراحل، وبشكل تدريجي، حتى ولو كانت المراحل قصيرة الأمد، وأن يكون التخارج بحسب طبيعة الأنشطة الاقتصادية، وما تفرضه طبيعة التطورات الاقتصادية المحلية والدولية، ومراعاة الأبعاد الاستراتيجية والأمنية للأنشطة الاقتصادية عند اتخاذ قرارات ملكية الدولة للأصول.

وشدد مدبولي على أهمية تواجد الدولة في عدد من الأنشطة ذات الأولوية، أو ذات البعد الاستراتيجي، مضيفاً أنه من الاعتبارات المهمة أيضاً استهداف الوثيقة تحسين طريقة تخصيص الموارد الاقتصادية، وتنفيذ تخارج الدولة من الأنشطة والقطاعات المستهدفة، بما يتماشى مع رغبة واستجابة القطاع الخاص الفعلية بالتواجد فيها.

وذكر أن الدولة ملتزمة بمواصلة الإصلاحات التي من شأنها تعزيز وزيادة مستويات جاذبية مناخ الأعمال، وتقييم الأصول المملوكة للدولة استناداً إلى أسس عادلة ومحايدة، وبما يتوافق مع المعايير الدولية لتقييم الأصول، وتحديد منهجية التعامل بعد التخارج لتجنب التداعيات غير المواتية مثل العمالة والإيرادات.

وأردف مدبولي أن الوثيقة تتبنى منهجية تستند إلى 6 معايير رئيسة وفق مستويات متدرجة، بهدف تحديد معايير تواجد أو تخارج الدولة من الأنشطة الاقتصادية. وبناءً عليها، تم رسم خريطة تواجد الدولة على مستوى الأنشطة الاقتصادية بعدد من القطاعات والصناعات التحويلية، بإجمالي 62 نشاطاً سيتم التخارج منها، و56 نشاطاً سيتم تثبيت أو تخفيض الاستثمارات الموجهة لها، و76 نشاطاً سيتم تثبيت أو زيادة الاستثمارات الموجهة لها، مع الإشارة في الوقت ذاته إلى مبررات الدولة من وراء ذلك.

وفي سبيل تنفيذ الحكومة المصرية للوثيقة، قال إنه سيتم تبني العديد من الآليات الهادفة إلى زيادة دور القطاع الخاص على مستوى الأنشطة الاقتصادية سواء بشكل كلي أو جزئي، والتي تختلف بدورها من قطاع اقتصادي إلى آخر، ومن أصل عام مملوك للدولة إلى آخر.

كما تختلف بحسب الهدف من مشاركة القطاع الخاص في ملكية الأصول العامة، واختيار الآليات التي تعظم العائد الاقتصادي من مشاركة القطاع الخاص، وزيادة المكاسب الاقتصادية الكلية من تحرير الأسواق، وزيادة مستويات المنافسة، وتعظيم فائض المستهلك، وتحقيق أعلى مستويات للربحية والكفاءة الاقتصادية للأصول.

وأضاف مدبولي أن الوثيقة اشتملت على عدد من بدائل تنفيذ سياسة ملكية الدولة، وتشجيع القطاع الخاص، ومن بينها طرح الأصول المملوكة للدولة من خلال البورصة المصرية لتوسيع قاعدة الملكية كلياً أو جزئياً، وضخ استثمارات جديدة للقطاع الخاص في هيكل ملكية قائم للدولة عبر دخول مستثمر استراتيجي، أو زيادة مشاركة القطاع الخاص في هيكل الملكية، وكذا توقيع عقود شراكة مع القطاع الخاص تشمل الامتيازات والبناء والتشغيل والتحويل (B.O.T)؛ والبناء والتملك والتشغيل؛ ونقل الملكية والبناء والتشغيل والتملك؛ والتصميم والبناء والتشغيل؛ والبناء والتمويل والأداء؛ والإدارة؛ إلى جانب عمليات إعادة هيكلة المؤسسات العامة وخصخصتها.

كما أوضح أنه التزاماً من الحكومة المصرية بتنفيذ ما ورد في الوثيقة، فإن لجنة عليا ستشكل لتنفيذ بنودها برئاسته، وعضوية عدد من الوزراء، ورئيس مجلس إدارة جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، والرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار، والمدير التنفيذي للصندوق السيادي، ورئيس مركز المعلومات في مجلس الوزراء، لتولي مهام التنفيذ وفق برامج زمنية محددة، وتذليل التحديات التي تواجه التنفيذ، وتحديد آلية التخارج على مستوى الأنشطة.

وتختص اللجنة بتحديد التوقيت المناسب للتنفيذ، والتأكد من تحقق كافة المعايير المتبعة لضمان التقييم العادل للأصول المملوكة للدولة. وإضافة إلى ما سبق، ستشكل لجنة فنية ممثلة في مركز المعلومات لأداء أعمال وضع الخطط الزمنية، ومتابعة التنفيذ والتقييم الدوري له، بعد التنسيق مع الجهات المعنية.

وأكد مدبولي أن الدولة المصرية ستسترشد في ما يتعلق بالأصول التي سيتم الإبقاء عليها، بالمبادئ التوجيهية بشأن حوكمة الشركات المملوكة للدولة الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والتي تمثل مرجعية دولية للحكومات للمساعدة في ضمان عمل الشركات المملوكة للدولة بطريقة فعالة، وشفافة، وقابلة للمساءلة. وبما يضمن الفصل بين دور الدولة كمالك لعدد من الأصول والشركات، ودورها كمنظم للنشاط الاقتصادي.

وشدد على أهمية تحقيق المنافسة العادلة بين جميع الأطراف في الاقتصاد من جهة، واستمرار ممارسة الدولة لدورها الأصيل كمنظم ومراقب محايد ومستقل للأنشطة الاقتصادية من جهة أخرى.

وقال كذلك إن الدولة ستعمل على ضمان الحياد التنافسي، والبيئة التشريعية المواتية للنشاط الاقتصادي لضمان تنافس جميع الشركات العاملة بالسوق، سواء الشركات الخاصة المحلية منها أو الأجنبية، أو الشركات المملوكة للدولة، ومنها الكيانات الاقتصادية التي تديرها أو تخضع لرقابة مؤسسات حكومية، على نفس الأساس بشكل متكافئ، ووفق الإطار التنظيمي نفسه من دون أدنى تمييز بينها.

وختم رئيس الوزراء قائلاً إن الدولة المصرية ستعتمد استراتيجية جهاز حماية المنافسة (2021-2025)، والتي تتوافق مع رؤية بلاده للعام 2030، وأهداف التنمية المستدامة، من أجل الحد من التشريعات والسياسات والقرارات المقيدة لحرية المنافسة، وهو ما درج تعريفه في مجال المنافسة على أنه "دعم سياسات المنافسة والحياد التنافسي".

يذكر أن الدين الخارجي لمصر ارتفع إلى 157.8 مليار دولار في نهاية مارس/آذار 2022، من 145.529 مليار دولار بنهاية ديسمبر/كانون الأول 2021، علماً أن إجمالي الدين زاد أكثر من 115 مليار دولار منذ تولي السيسي الحكم عام 2014، نتيجة توسعه في الاقتراض من الخارج لتمويل ما يعرف بـ"المشروعات القومية".

وتحدد "وثيقة بيع أصول الدولة" خطة الحكومة والجيش للتخارج من بعض المشاريع، وإفساح المجال أمام القطاع الخاص لزيادة حجم استثمارات القطاع إلى 65% من إجمالي الاستثمارات خلال 3 سنوات.

وحددت مصر مجموعة واسعة من الأصول الحكومية التي ستطرحها لمستثمري القطاع الخاص، ضمن خطة حكومية للانسحاب الكامل من قطاعات اقتصادية محددة، في وقت تسعى فيه إلى جذب استثمارات بقيمة 40 مليار دولار على مدى 4 سنوات، من خلال بيع أصول هامة مملوكة للدولة لمستثمري الخليج، في سبيل الحد من ارتفاع عجز الموازنة، وسداد الديون الخارجية المستحقة عليها.

ويوم الإثنين الماضي، قال البنك الدولي إن التزامات خدمة الدين الخارجي لمصر تعد كبيرة في العام المالي الحالي (2022-2023)، حيث تصل إلى 42.2 مليار دولار يستحق سدادها من أقساط الديون والفوائد المستحقة.

وأضاف البنك الدولي، في تقرير حديث له بعنوان: "مرصد الاقتصاد المصري/ديسمبر 2022"، أن نسبة الدين الخارجي قصير الأجل ارتفعت إلى 17.1% من إجمالي الدين الخارجي المصري في نهاية يونيو/حزيران 2022، وذلك مقارنة مع 9.9% في نهاية يونيو 2021.

المساهمون