قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إن تمويل مشروعات العاصمة الإدارية، ومدينة العلمين، وغيرها من المدن الجديدة، لا يكون عن طريق موازنة الدولة، التي لم تمس أو تقدم مخصصات مالية لهذه المشروعات، مشيراً إلى أن شركة العاصمة الإدارية ستقدم قوائم مالية بقيمة 100 مليار جنيه كأموال سائلة في البنوك خلال عامين، بخلاف أصول الأرض المقامة عليها، والتي قد تصل إلى 3 تريليونات جنيه.
وأضاف السيسي، خلال افتتاح مشروع سكني في مدينة بدر بالقاهرة، السبت، أن هناك مخططاً لطرح شركة العاصمة الإدارية في البورصة المصرية خلال الفترة المقبلة، وفقاً لملاءة مالية تبلغ 100 مليار جنيه.
وادعى السيسي أن تمويل العاصمة الإدارية من خارج الموازنة العامة للدولة، علماً أن جميع مشروعاتها ممولة بقروض خارجية، تُسدد أقساطها وفوائدها السنوية من أموال موازنة الدولة.
وتشمل قروض العاصمة الإدارية قرضاً صينياً من بنك إكزيم بقيمة 1.2 مليار دولار لإنشاء قطار كهربائي، وآخر لتمويل تصميم وإنشاء منطقة الأعمال المركزية بقيادة بنك ICBC بإجمالي 3 مليارات دولار، وثالث بقيمة 4.1 مليارات يورو لتمويل إنشاء ثلاث محطات كهرباء تعمل بنظام الدورة المركبة، إضافة إلى قرض مساند من وزارة المالية المصرية يعادل 900 مليون يورو.
وعن توقيت ظهوره في الذكرى الثامنة لمذبحة فض اعتصامي رابعة والنهضة، قال السيسي: "أنا قعدت أدرس مشكلات البلد 50 عاماً، وأقول إحنا ليه كده؟ وبختار التوقيتات اللي بتكلم فيها مع الناس... وربنا هايسألني أنت كنت فاهم وساكت ليه؟ عشان تستمر على الكرسي... ربنا هايقولي الكرسي ده أنا اللي جبتك فيه، وأنا اللي هأمشيك منه... والأمانة تقتضي التصدي للمشاكل المزمنة، وحلها، لتحسين أحوال الناس".
وزعم السيسي أن الهدف من توسع الحكومة في مشروعات الإسكان ليس منافسة القطاع الخاص، وإنما خلق حالة من التوازن بين المطلوب على مستوى الدولة، وما تتم إتاحته، مستطرداً "الدولة حرصت على تطوير التعامل مع القطاع الخاص، من أجل إتاحة الأراضي لبعض الشركات من دون مقابل، بشرط أن يكون البدل هو طرح وحدات سكنية في أقرب وقت ممكن لإتاحتها للمواطنين".
وجدد السيسي اتهامه النمو السكاني بعرقلة خطط التنمية، بقوله: "هذا النمو كاد أن يؤدي إلى تدمير الدولة في عام 2011، ويتسبب في قتال المصريين لبعضهم البعض، ولذلك لا بد من ربط النمو السكاني مع القضايا التي واجهها المجتمع على مدار الـ40 عاماً الماضية، والربط بين موارد الدولة القادرة على تلبية مطالب الناس، والتحرك في ضوء هذه الإمكانيات".
وتابع أن "عدد سكان مصر كان حوالي 9 ملايين نسمة في عام 1900، والآن أصبحنا أكثر من 100 مليون، ومشكلة العشوائيات ظهرت لأن الدولة غير قادرة على تلبية متطلبات النمو السكاني"، مستكملاً: "قضية الوعي أخطر قضية تواجه المجتمعات في العالم، والناس في مصر بتقول لا يوجد إرادة سياسية لحل المشكلات، ولكن الموضوع عبارة عن أمور مركبة تنتج حالة يصعب على الدولة تجاوزها".
وزاد السيسي: "المواطنون الذين نُقلوا من العشوائيات إلى وحدات سكنية بقيمة 450 ألف جنيه للوحدة، أليس ذلك احتراماً وتقديراً منا لأهلنا؟ ونحن لا نبيع الوحدة للناس أو نملكها لهم، ونلزمهم فقط بدفع ثمن الصيانة، من دون أن يكون هناك عائد على الدولة"، مواصلاً: "الحكومة بتتعذب، وهاتتعذب معايا، وأي مسؤول هايشتغل في الدولة هايتعذب... والعذاب مش هدف في حد ذاته، ولكن ظروف البلد تتطلب أننا نتعذب عشانها"، على حد قوله.
قضية الدعم
وتطرق السيسي إلى موضوع إلغاء الدعم، بالقول: "الدعم كلف الدولة حوالي 3 تريليونات جنيه في 10 سنوات، وهذه الأموال لا بد من تنظيمها"، مردفاً: "هناك فرق بين التنظير وحل المشكلة، وإحنا بنعمل كده عشان نغير بلدنا، مش عشان الناس تحبنا... والناس استغربت لما اتكلمت عن رفع سعر رغيف الخبز (المدعوم)، والذي يكلف الدولة 65 قرشاً، رغم أنه يُباع بـ5 صاغ (قروش) فقط".
واستكمل: "قيمة الجنيه الآن ليست كما كانت منذ 100 عام، ودخل الفرد في عام 2011 كان أقل من 400 أو 500 جنيه، ووصل إلى أكثر من ألفين جنيه، وفق الحد الأدنى للمرتبات حالياً... ونحن نجابه ارتفاع الأسعار بتحسين أحوال الناس، وهذا الموضوع يحتاج إلى ضبط النمو السكاني، والذي زاد بصورة أكبر من طاقة الإنفاق خلال السنوات الأخيرة".
وادعى السيسي أن تكلفة تطوير الريف المصري لا تتجاوز ثلث تكلفة الدعم، قائلاً: "تطوير الريف يتطلب اقتطاع ثلث مخصصات الدعم لصالحه، ولن ألغي الدعم كاملاً، ولكنني سأعيد تنظيمه، وسأتصدى لهذه القضية مثلما تصديت لغيرها من القضايا، وأرتب أوراق هذا البلد حتى يكون دولة ذات شأن".
وقال السيسي إن "رغيف الخبز على بطاقات التموين يكلف خزانة الدولة 65 قرشاً"، في وقت يُباع فيه الرغيف السياحي في المخابز غير الحكومية بـ50 قرشاً، والذي يزيد وزنه بطبيعة الحال عن وزن الرغيف المدعوم، والذي تقلص وزنه من 130 غراماً إلى 110، ثم إلى 90 غراماً قبل نحو عام.
ورغيف الخبز المدعوم هو السلعة الأهم للملايين من المصريين البسطاء، وتجنبت الحكومات المتعاقبة عقب الثورة المصرية المساس بأسعاره، على وقع الاحتجاجات التي أودت في بعض الحالات بحياة مواطنين في معارك أمام منافذ بيعه.
ولا تنتج مصر أكثر من 40% من احتياجاتها من القمح، وتعتبر أكبر مستورد لهذه السلعة في العالم، إذ تستورد نحو 12 مليون طن سنوياً مقابل 3 مليارات دولار تقريباً.
(الدولار=15.7 جنيها تقريبا)