السيسي يدعو لمراجعة الموقف مع صندوق النقد: نضغط بشكل لا يتحمله الناس

20 أكتوبر 2024
العاصمة الإدارية، 11 سبتمبر 2023 (الأناضول)
+ الخط -

دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حكومته إلى "مراجعة الموقف مع صندوق النقد الدولي"، على خلفية الغضب الشعبي المصاحب لقرار رفع أسعار بيع الوقود بنسبة 17.3%، استجابة لاشتراطات الصندوق مقابل الإفراج على شريحة بقيمة 1.3 مليار دولار، ضمن برنامج القرض الموسع بين الطرفين البالغة قيمته ثمانية مليارات دولار.

وقال السيسي، في مؤتمر السكان والصحة المنعقد في العاصمة الإدارية الجديدة، اليوم الأحد، إنه "إذا كانت التحديات ستجعلنا نضغط بشكل لا يتحمله الناس، فلا بد من مراجعة الموقف مع صندوق النقد"، مشيراً إلى أن "الدولة المصرية جزء من اقتصاد العالم، وتتأثر بالتحديات التي تواجهه، حيث فقدت ما بين ستة وسبعة مليارات دولار في آخر عشرة أشهر بسبب الأحداث (الحرب) في المنطقة، والمتوقع أن تستمر تداعياتها لمدة عام مقبل".

وأضاف: "نعمل على برنامج إصلاح اقتصادي في ظروف إقليمية ودولية صعبة، والتحدي الاقتصادي الذي نواجهه قائم منذ عام 2011. والدولة تحركت في برنامجين خلال مسارها للإصلاح الاقتصادي، الأول كان في 2016 مع الاتفاق الأول لصندوق النقد، ونجحنا فيه بسبب استقرار الأوضاع الإقليمية والدولية، عما نحن عليه الآن".

وأكمل السيسي بالقول: "نعمل على تنفيذ برنامج الإصلاح الحالي في ظل ظروف شديدة الصعوبة، ولها تأثيرات سلبية للغاية على الاقتصاد في العالم كله. والبعض يتصور أن الأزمة الاقتصادية في مصر هي العنوان، ويتجاوز حجم الجهد والنجاح والإنجاز الذي يجري في الموانئ، والمطارات، وشبكة الطرق، وهيئة السكك الحديدية"، وفق قوله.

وزاد: "التنمية في مصر تواجه تحديات أهمها النمو السكاني، إذ إن حجم الخريجين من الجامعات والمعاهد يتراوح ما بين 700 ألف إلى مليون شخص، وبالتالي كنا بحاجة إلى توفير ما بين سبعة وعشرة ملايين فرصة عمل خلال السنوات العشر الماضية. نحن عانينا من حالة عدم استقرار أمني نتيجة التطرف والإرهاب، وحالة الفوضى، غير أن الأزمات توفر فرصاً حقيقية للنجاح وإيجاد الحلول لها".

وواصل السيسي بقوله: "أي أزمة من الممكن أن تتحول إلى فرصة، والمحنة إلى منحة. وطبقاً لمعايير الأمم المتحدة، نحن نعيش حالة فقر مائي شديد، ولكننا دخلنا في برنامج ضخم جداً لمعالجة المياه على نحو متطور، بما يجعلنا في المرتبة الثانية عالمياً في إعادة تدوير واستخدام المياه، علماً أن حصة مصر من مياه النيل لم تتغير على مدى مئات السنين، ومع ذلك لم ندخل في صراعات مع أحد"، في إشارة إلى إثيوبيا.

وكان رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، قد قال، أمس السبت، إن قرار الحكومة رفع أسعار بيع الوقود ليس الأخير، و"ستعقبه قرارات أخرى بتطبيق زيادات تدريجية في الأسعار حتى نهاية عام 2025"، مدعياً أن "الدولة ليس لديها بديل آخر عن رفع الأسعار، حتى الوصول إلى عملية التوازن بتحرير أسعار البيع".

وأضاف مدبولي أن "حسابات تسعير المنتجات البترولية في الموازنة استندت إلى سعر 80 دولاراً لبرميل خام برنت، وتراجعُ السعر إلى 73 دولاراً للبرميل معناه وجود فرصة لعدم زيادة الأسعار إذا ما استقرت على هذا المتوسط"، مستطرداً أن "الحكومة قررت تثبيت أسعار البنزين والسولار (الديزل) لمدة ستة أشهر قادمة، من أجل خلق حالة من الثبات تساعد في خفض معدلات التضخم المرتفعة".

وسجل التضخم الأساسي في مصر ارتفاعاً من 25% إلى 25.1%، في سبتمبر/أيلول الماضي على أساس سنوي، بينما سجل التضخم السنوي بأسعار المستهلكين في أنحاء البلاد ارتفاعاً بمقدار 2.3 نقطة مئوية في سبتمبر، عن شهر أغسطس/آب 2024، ليصل إلى 26% على أساس سنوي. 

مردود المشروعات القومية في عهد السيسي

من جانبه، قال نائب رئيس الوزراء المصري، وزير الصحة والسكان خالد عبد الغفار اليوم الأحد، إن الدولة المصرية أنجزت مشروعات قومية بتكلفة تجاوزت عشرة تريليونات جنيه (205 مليارات دولار) خلال السنوات العشر الماضية، ما دفع الحكومة إلى سؤال برامج الذكاء الاصطناعي مثل تشات جي بي تي "chat gpt" حول مردود المشروعات القومية في مصر، بداية من عام 2014 (تولي السيسي الحكم) على التنمية البشرية، فأجاب بأنها "ساهمت في تحسين مستوى المعيشة وجودة الحياة، وتوفير فرص العمل، وتحفيز النمو الاقتصادي، وتحسين جودة الرعاية الصحية والتعليم".

وأكمل في كلمة خلال افتتاح فعاليات المؤتمر ذاته أن "الحكومة تمكنت من تنفيذ مشروعات ضخمة في السنوات الأخيرة كالعاصمة الإدارية، وهو محل تقدير من المؤسسات الدولية" بحسب تعبيره، مضيفاً أن الدولة أنفقت نحو تريليون جنيه على قطاع التعليم قبل الجامعي خلال عشر سنوات، من أجل زيادة أعداد الفصول الدراسية، بالإضافة إلى 177 مليار جنيه على 1300 مشروع في مجال الرعاية الصحية.

وقال عبد الغفار إن المؤتمر الذي يعقد تحت رعاية وبحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، وعدد كبير من الوزراء والشخصيات العامة، وما يزيد على أربعة آلاف شخص من المدعوين، "يمثل حدثاً هاماً لمناقشة القضايا القومية المصيرية التي تتصل بحاضر الشعوب ومستقبلها، وتشكل تحدياً رئيسياً للجيل الحالي والأجيال القادمة، وتقف عائقاً أساسياً أمام جهود الدول للنمو والتنمية ورفع مستويات المعيشة على غرار الزيادة السكانية"، مشيداً بـ"تحقيق مصر تقدماً ملحوظاً في خفض معدلات المواليد، وتراجعها بنحو 149 ألفاً في عام 2023 مقارنة بعام 2022".

وأضاف عبد الغفار أن "معدل النمو السكاني تراجع في مصر إلى نحو 250 ألف مواطن كل 72 يوماً، حيث انخفض معدل الإنجاب الكلي إلى معدل 2.5 مولود لكل سيدة، مقارنة بـ3.5 مواليد في 2014، ومن المستهدف الوصول إلى معدل 2.1 مولود لكل سيدة بحلول عام 2030، وهو معدل جيد لو استمر المنحنى في الانخفاض، لأن "حينها ستساهم الخصائص السكانية في تحسين أحوال المواطن المصري"، على حد زعمه.

وأنفقت الحكومة مئات المليارات من أموال الشعب على إنشاء المدن الجديدة والعاصمة الإدارية، التي تقع في قلب الصحراء على بعد 45 كيلومتراً شرقي العاصمة القاهرة، بدلاً من الاهتمام بقطاعات مهمة مثل التعليم والصحة، وهو ما فاقم من أعباء الديون الخارجية، وأزمة نقص العملة الأجنبية، بحسب ما يرى خبراء. 

وتعاني مصر أزمة اقتصادية خانقة منذ توقيع الحكومة اتفاقاً مع صندوق النقد الدولي لاقتراض 12 مليار دولار عام 2016، وما تلا ذلك من تحرير سعر صرف العملة، وتراجع الجنيه مقابل الدولار من نحو 15.70 جنيهاً إلى 48.70 جنيهاً، وسط حالة من الغضب الشعبي جراء التضخم والغلاء وارتفاع أسعار الخدمات والسلع الأساسية، وكان آخرها الوقود الذي زاد بنسبة تصل إلى 17.3%.

تحدي استضافة اللاجئين

من جهته، قال وزير الخارجية والهجرة، بدر عبد العاطي، إن للدبلوماسية دوراً مهماً في التخفيف من وطأة التحديات التي يواجهها المجتمع، وتحويل هذه التحديات إلى فرص من خلال الصمود وتعزيز كفاءة المؤسسات، مدعياً أن "مصر تعد نموذجاً يحتذى به في تجاوز الأزمات، وأهمها جائحة كورونا والأزمة الأوكرانية، وصولاً إلى الأزمة (الحرب) في قطاع غزة، والأوضاع المتردية في منطقة البحر الأحمر".

وأضاف عبد العاطي أن المنطقة العربية تعاني نزوح السكان نتيجة الصراعات والأزمات الداخلية، فضلاً عن تفشي ظاهرة الهجرة غير الشرعية، التي يتعين النظر إليها باعتبارها تحدياً حقيقياً للدول التي تصل إليها، مستشهداً بمواجهة بلاده هذا النوع من الهجرة بـ"غلق السواحل المصرية أمام أي مركب يحمل مهاجرين غير شرعيين"، وفق قوله. 

وزاد قائلاً إن الدول التي تستضيف النازحين تواجه أعباءً كبيرة، ويجب دعمها من الدول المجاورة لمناطق النزاعات، مضيفاً "مصر الدولة الوحيدة في العالم التي ليس فيها معسكر للاجئين، وتتعامل معهم على أنهم ضيوف لديها، ولهم الحق في الحصول على الخدمات (المجانية) التي يحظى بها كل مصري من دون تفريق".

المساهمون