دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكومة إلى تأمين احتياجات المواطنين والأنشطة الاقتصادية من الكهرباء بشكل مستدام وثابت، وتجنب تكرار قطع التيار الكهربائي مستقبلاً، من خلال وضع سيناريوهات متعددة للتعامل مع الاحتمالات كافة، مع الأخذ بالاعتبار ما أُنجِز في قطاع الكهرباء خلال السنوات القليلة الماضية من مشروعات واستثمارات ضخمة.
وحسب بيان للرئاسة المصرية، الخميس، أشار السيسي إلى تضاعف إجمالي القدرات الإنتاجية للكهرباء من حوالى 30 غيغاوات إلى ما يقارب 60 غيغاوات، ما أتاح توفير التيار الكهربائي بثبات واستمرارية على مدى الأعوام الماضية، سواء تلبية لاحتياجات المواطنين في المنازل، أو مشروعات التنمية المنتشرة في المحافظات.
وشدد السيسي، في اجتماع مع رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، ووزير الكهرباء محمد شاكر، ووزير البترول طارق الملا، على أهمية التصدي لأية مشكلات أو أزمات تواجه المواطنين، وحلها على مستويين: الأول هو التعامل مع الظروف الطارئة والعاجلة، والثاني يتضمن الحلول الجذرية والهيكلية التي تضمن منع تكرار المشكلات مجدداً.
ووجه السيسي الحكومة بمواصلة العمل المكثف لاحتواء الأوضاع الحالية، وتخفيف الأعباء عن المواطنين في أسرع وقت ممكن، مع تعزيز جهود ومسارات تعظيم العائد والقيمة المضافة من مشروعات الكهرباء والطاقة، بما يوفر الموارد المطلوبة للتعامل مع جميع الاحتمالات، في ظل التقلبات المستمرة عالمياً جراء العوامل السياسية والاقتصادية والبيئية.
ووجه بتعزيز الخطط الوطنية لزيادة مقدار الطاقة المتجددة، وتعظيم قيمتها، بغرض تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وذلك بالشراكة مع القطاع الخاص، وأعرق الخبرات العالمية في هذا المجال، وفق البيان.
واستعرض الاجتماع الإجراءات التي اتخذتها الحكومة للتغلب على أزمة انقطاع الكهرباء، أو منع تكرارها في المستقبل، ومنها التنسيق بين وزارتي الكهرباء والبترول لتوفير الوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء، وتمكينها من مواصلة عملها، في ظل ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق، الأمر الذي يستلزم ضخّ كميات أكبر من الوقود للحفاظ على القدرات الإنتاجية للمحطات.
وبحث الاجتماع زيادة الطلب العالمي على الوقود من العديد من دول المنطقة وخارجها، بسبب تعرّض تلك الدول لذات الظروف، على نحو فاقم المشكلة، وأدى إلى حتمية اتباع سياسة مؤقتة لتخفيف الأحمال، وترشيد الاستهلاك، مع مواصلة الحصول على الوقود الإضافي اللازم لتشغيل المحطات، وتوفير الموارد المالية المطلوبة لذلك.
وأشار السيسي إلى دعم خزانة الدولة لفرق السعر الكبير بين تكلفة شراء الوقود لتشغيل محطات الكهرباء من الخارج بالعملة الأجنبية، وأسعار الكهرباء المدعومة في السوق المحلية، وفقاً لما جاء بالبيان.
ومنذ 17 يوليو/تموز الماضي، تنقطع الكهرباء بانتظام يومياً على أكثر من 100 مليون مصري، لمدة تراوح ما بين ساعة وثلاث ساعات، بحجة تخفيف الأحمال، مع استثناء 3 محافظات من أصل 27 من قرار قطع الكهرباء، هي البحر الأحمر وجنوب سيناء ومطروح، بحجة أنها محافظات سياحية، وتشهد معدلات استهلاك أقل للطاقة الكهربائية.
والمحافظات الثلاث المستثناة تضم مجموعة كبيرة من المدن والقرى السياحية المطلة على البحرين الأحمر والمتوسط، مثل مرسى علم والغردقة وشرم الشيخ ودهب وطابا ومارينا والعلمين الجديدة وهاسيندا باي وتلال ومراسي وأمواج. وهي تمثل ملاذاً لطبقة الأثرياء والميسورين والمسؤولين الحكوميين في مصر، للهرب من الموجة الحارة التي تشهدها المدن الرئيسية حالياً.
وبينما يعاني ملايين المواطنين من انقطاع الكهرباء المتكرر منذ 25 يوماً، وعدم قدرتهم على الذهاب إلى المناطق الساحلية بسبب التضخم والغلاء، وفرت الحكومة مجموعة كبيرة من الفيلات والشاليهات والوحدات الفندقية في مدينة العلمين الجديدة، المطلة مباشرة على شاطئ البحر المتوسط، في أكثر المناطق تميزاً على طريق الساحل الشمالي، لصالح رئيس الحكومة وجميع الوزراء ونوابهم، وأسرهم، مع تحمّل خزانة الدولة تكاليف إقامتهم بالكامل، بدعوى عقد اجتماعات الحكومة في مقرها بالعلمين طوال فترة الصيف.
وتبرر الحكومة المصرية قطع التيار الكهربائي باستمرار الموجة الحارة، في وقت سجل مرصد الكهرباء متوسطات استهلاك تقدَّر بنحو 35 ألف ميغاوات، بما يعادل قيم الاستهلاك نفسها المحققة خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
وفشلت الحكومة في الحفاظ على تعهداتها بمنع قطع التيار الكهرباء بعد منتصف الليل حتى الساعة الثانية عشرة ظهراً، حيث تعرضت مناطق سكنية عديدة لقطع التيار بطريقة غير منتظمة، ولمدد غير محددة، على فترات متقطعة، ليلاً ونهاراً.
وتحولت أزمة انقطاع الكهرباء إلى كابوس يهدد حياة المصريين داخل منازلهم، إذ تشتعل الحرائق في الأجهزة الكهربائية، في أثناء عودة التيار متذبذباً وعالياً، ويصعب عليهم الحصول على الماء، من دون ماكينات الرفع، وتتعطل شبكة الإنترنت، فتفرض عليهم العزلة عن اتصالاتهم وأعمالهم.
وكان مدبولي قد صرّح بأن بلاده تحتاج يومياً إلى 129 مليون متر مكعب من الغاز الطبيعي والمازوت لتوفير الكهرباء في وقت الذروة، موضحاً أن متوسط الاستهلاك كان يبلغ 33 ألف ميغاوات، ثم ارتفع إلى 36 ألفاً بسبب الموجة الحارة منتصف الشهر الماضي، ما استلزم تخفيف الأحمال بقطع الكهرباء بالتناوب بين المناطق المختلفة، لتوفير نحو 3 آلاف ميغاوات يومياً.
وفرضت الإدارات المحلية بالمحافظات على المحالّ التجارية تخفيض الإضاءة على واجهتها، وتعطيل أجهزة التكييف بالمساجد والكنائس خارج أوقات الصلاة، وإغلاق المنشآت الرياضية بعد الانتهاء من المباريات والتدريبات، بالإضافة إلى استبدال لمبات الصوديوم كثيفة استهلاك الكهرباء بأخرى موفرة للطاقة، وهو ما أثار حالة من السخط العام، خصوصاً بين أصحاب الأنشطة التجارية الصغيرة.