قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إن بلاده أنفقت قرابة 6 تريليونات جنيه، (نحو 400 مليار دولار)، منذ توليه حكم البلاد عام 2014، للخروج من دائرة الفقر، مدعياً أن الدولة المصرية كانت على وشك الانهيار الكامل بسبب ما حدث في عام 2011، في إشارة إلى ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.
حديث السيسي جاء في مداخلة له بجلسة "تجارب تنموية في مواجهة الفقر"، ضمن فعاليات "منتدى شباب العالم" المنعقد في منتجع شرم الشيخ، اليوم الأربعاء. مع العلم أن الأموال التي تحدث السيسي عن إنفاقها تخص بند المصروفات في الموازنة العامة للدولة، والتي يذهب الجانب الأكبر منها إلى سداد أقساط وفوائد القروض التي تجاوزت 1.1 تريليون جنيه (70 مليار دولار تقريباً) في موازنة العام المالي الحالي.
وتوسع السيسي خلال السنوات الأخيرة في الحصول على القروض من الخارج بفوائد مرتفعة، من أجل تشييد القصور والمباني الفخمة في العاصمة الإدارية الجديدة، والأبراج شاهقة الارتفاع على شاطئ المتوسط في مدينة العلمين، وبينهما قطار فائق السرعة بكلفة 23 مليار دولار.
في حين شهدت مصر أحد أعلى إيراداتها من السياحة خلال عامي 2011 و2012، بواقع 10.3 ملايين سائح و11.5 مليوناً على الترتيب، ما يكذب حديثه الدائم عن انهيار الدولة بسبب الثورة.
وقال السيسي في كلمته، إن "الفقر من أهم الموضوعات التي تحتاج الاهتمام بها من الجميع، خاصة أنه من شأنه إدخال بلدنا، وبلدان كثيرة محيطة، في متاهات يصعب الخروج منها. فمثلث الفقر والتخلف والجهل يصعب على أي دولة الخروج منه بسهولة، وحين أخذنا على عاتقنا المسؤولية سعينا لمحاربة الفقر في مصر عن طريق العمل بإخلاص وجد"، وفق قوله.
وأضاف: "الدولة المصرية منذ 10 سنوات، وتحديداً في عام 2011 كانت على وشك الانهيار الكامل، حتى بعد الإجراءات التي تم اتخاذها حينها، وإجراء الانتخابات التي أتت بحكومة أو قيادة لم يستطع الشعب تحمل أدائها لمدة عام، وخرج عليها (في إشارة إلى انقلاب 2013). وحجم إنفاق الدولة من أجل الخروج من متاهة الفقر بلغ أكثر من 6 تريليونات جنيه، منها تريليون و100 مليار جنيه حصلت عليها الشركات المتعاقدة مع الدولة لتنفيذ مشروعاتها بإجمالي 4500 شركة".
وزاد قائلاً: "لم يكن هناك حلول أخرى، وهذا الحجم من الجهد لا يجب أن يُنسب إلى رئيس الجمهورية وحده، ولكن أيضاً للحكومة وأجهزة الدولة. والعالم حين احتفل قبل جائحة كورونا بخروج مليار شخص من دائرة الفقر، تركزت مساعيه على الحفاظ على المليار شخص، وعدم عودتهم إلى الفقر مرة أخرى، لأن الفقر أخطر بكثير من أي مشكلة أخرى، بوصفه جائحة قد تدمر المستقبل والحاضر".
وتابع: "مصر أدارت أزمة تفشي فيروس كورونا بتوازن ما بين الإجراءات الاحترازية والغلق المؤقت والعمل بلا توقف. والفقر يصيب الدول بفقدان الأمل، لذلك رأينا إرهاباً وتطرفاً وثورات".
وأضاف أن "مواجهة الفقر المتعدد لا تقتصر على توفير الأموال، لأن الدولة تعاني من التعليم غير الجيد، وكذلك في الصحة والسكن والدخول المعيشية، لذلك عملت على إنشاء 300 ألف وحدة سكنية، وتجهيزها وتأسيسها في ظل ظروف اقتصادية متواضعة".
وواصل بقوله: "نحن لسنا من الدول الغنية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، لكننا عملنا على تحسين حياة المواطنين، وانتشالهم من الفقر بتجهيز وحدات سكنية تليق بهم. وسنواصل العمل حتى إخرج مصر من دائرة الفقر، لأن الدولة لا تزال شابة، والقوة العاملة فيها تقدر بعشرات الملايين من الأشخاص".
وقال السيسي: "الحكومة لن تستطيع إعطاء ملايين المواطنين أموالاً وإعانات، ولكن يمكنها توفير فرص العمل لهم. والشعب المصري تحمل الإجراءات الصعبة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي عام 2016، والذي كانت الأجهزة والوزارات خائفة جداً من تطبيقه، ولكنني راهنت على الشعب والمرأة المصرية، وقلت لهم إن برنامج الإصلاح سيتقبله المواطنون، لأن البديل كان وقوع كارثة كبيرة جداً، لا سيما مع أزمة مثل جائحة كورونا".
وختم قائلاً: "نعلم جيداً أن القروض التي نحصل عليها لتنفيذ المشروعات فوائدها مرتفعة، ولكن الشعوب كلها تعاني الآن، ومن حقها أن تحلم، لأن حالة عدم الاستقرار، وخراب وتدمير الدول، لا بد أن يصاحبها ظهور الإرهاب، والهجرة غير الشرعية أيضاً. إذ إن الناس ترغب في ترك أوطانها، والذهاب إلى البلدان الغنية حتى تعيش حياة كريمة".
ويتناقض حديث السيسي مع ارتفاع نسبة الفقر الحقيقية في مصر إلى أكثر من نصف عدد السكان، والذين يعانون من إجراءات تقليص الدعم، وتحرير أسعار الوقود والكهرباء نهائياً، فضلاً عن خفض أعداد الموظفين الحكوميين، ارتباطاً بالحصول على قروض صندوق النقد الدولي البالغ إجماليها حتى الآن 20 مليار دولار منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2016.
والفقر متعدد الوجوه في مصر، فهو لا يرتبط فقط بقلة النقود والمداخيل وارتفاع حجم الإنفاق، بل كذلك بالمعاناة الطويلة من البطالة التي تطاول نحو 17% من الشباب. بينما يكثف النظام المصري إقامة الاحتفالات والفعاليات الحاشدة التي تكلف خزينة الدولة ملايين الدولارات، ومنها "منتدى شباب العالم" الذي يُقام بصفة سنوية، بغرض الترويج لـ"الإنجازات" التي تحققها الدولة في مجالات مثل الطرق والإسكان والنقل والكهرباء.
(الدولار= 15.7 جنيها تقريبا)