"السيادي العُماني" يعظم شراكات الصناديق الدولية لزيادة الاستثمارات والتحوط للمخاطر

28 أكتوبر 2023
تشمل توسعات الصندوق إبرام اتفاقيات جديدة في قطاع الطاقة (Getty)
+ الخط -

تواصل سلطنة عُمان استراتيجية قائمة على الاشتراك مع دول أخرى في تكوين صناديق استثمارية، تتضاعف أهميتها في ضوء تصاعد المخاطر الجيوسياسية واندلاع الحرب في قطاع غزة، واستمرار الحرب في أوكرانيا، وذلك في ظل استثمار جهاز الاستثمار العماني (الصندوق السيادي) في أكثر من 50 دولة حول العالم.

وتشمل استثمارات الجهاز الأسهم العالمية، وسندات الدخل الثابت، والأصول قصيرة الأجل، فضلاً عن المشروعات العقارية، والخدمات اللوجستية، والقطاع الخدمي، والتعدين، والمشاريع الصناعية، والتكنولوجيا، والبنية الأساسية، والغذاء، والرعاية الصحية، بأصول بلغت حتى نهاية 2022 نحو 17.897 مليار ريال عماني (46.61 مليار دولار)، بحسب الموقع الرسمي للجهاز. 

وفي هذا الإطار وسّع الجهاز تعاونه مع شركة "كوفيديس"، المملوكة للحكومة الإسبانية، عبر إطلاق "الصندوق العُماني الإسباني المشترك الثاني للتملك الخاص" أخيراً، بما يحقق احتياطيات ووفورات تُسهم في الاستدامة المالية العمانية، وجذب الشركات للدخول في السوق العُمانية، والاستفادة من الخبرة والمعرفة التقنية لدى الشركات الإسبانية، حسبما أوردت وكالة الأنباء العمانية. 

ودفع الأداء الناجح للصندوق العُماني الإسباني الأول، الذي أُسِّس عام 2018 وحقق صافي معدل عائد داخلي بلغ 13.8%، الطرفين نحو توسيع مجال التعاون وتأسيس الصندوق الثاني.

كذلك تشمل توسعات الجهاز إبرام اتفاقيات جديدة مع الشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال، في 23 أكتوبر/تشرين الأول، عبر شركة قلهات، التي يُساهم فيها الجهاز، بهدف تعزيز إيراداته وتقوية الشراكات الاستراتيجية مع كبرى الشركات العالمية، حسبما أورد بيان صادر عن الصندوق السيادي.

تقليل مخاطر الاستثمارات 

ويشير الخبير الاقتصادي، محمد الوردي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن الصندوق الإسباني العماني الثاني للتملك الخاص يسهم في تقليل مخاطر استثمارات محفظة الأجيال التابعة لجهاز الاستثمار العماني عبر اتساع رقعة الانتشار الجغرافي لاستثماراته. 

كذلك، يسهم الصندوق في توطين التقنيات التكنولوجية من خلال نقل الخبرة والمعرفة من الشركات الإسبانية إلى السوق العمانية، وتعزيز فرص النمو الاقتصادي في كل من السلطنة وإسبانيا، حيث يستهدف الصندوق جذب الشركات الإسبانية للعمل في السوق العمانية. 

وفي السياق، يشير الخبير الاقتصادي العماني، خلفان الطوقي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن استراتيجية جهاز الاستثمار العماني تقوم على الاشتراك مع دول أخرى في تكوين صناديق استثمارية خلال الفترة المقبلة، مشيراً إلى عدد من التجارب الناجحة في هذا الإطار، على رأسها تجربة تشارك سلطنة عمان مع سلطنة بروناي وفيتنام والسعودية وكازاخستان وإسبانيا. 

ويوضح الطوقي أن الصندوق العماني الإسباني الأول حقق أرباحاً بنسبة تقترب من 14% العام الماضي، ما يعتبر عائداً جيداً جداً في عالم الصناديق الاستثمارية، مشيراً إلى أن صندوق التملك الخاص يعتبر امتداداً لتلك التجربة. 

ويلفت الطوقي، في هذا الصدد، إلى حجم رأس مال الصندوق، الذي يبلغ 2 مليار ريال عماني (5.2 مليارات دولار)، ما يؤشر على نفوذه المالي، مشيراً إلى أن صندوق الأجيال جزء من جهاز الاستثمار العماني، ويهدف إلى الاستثمار في الشركات الناشئة وشركات التكنولوجيا وشركات رأس المال الجريء.

والاستثمار الجريء (Venture Capital)، أو ما يطلق عليه أيضاً "الاستثمار المغامر"، شكل من أشكال التمويل الذي يوفر الأموال للشركات الناشئة التي لديها إمكانات نمو عالية في المراحل المبكرة، في مقابل الحصول على حصة من الملكية.

إسناد صندوق الأجيال 

وخبرة هذا النوع من الاستثمار متوافرة لدى عديد الشركات الأوروبية، ومن هذا المنطلق يركز جهاز الاستثمار العماني على الاستثمارات المشتركة مع تلك الدول، خصوصاً إسبانيا، التي أثبتت تجربة الصندوق الاستثماري الأول معها آفاق نجاح واعدة، بحسب الطوقي. 

ويضيف الخبير العماني أن عائد صندوق "التملك الخاص" من شأنه أن يرفد الاقتصاد الكلي للسلطنة بإيرادات مهمة، عبر زيادة التبادل التجاري بينها وبين إسبانيا من جانب، ومحاولة جذب المشروعات الكبيرة إلى أرض السلطنة من جانب آخر، فضلاً عن زيادة تنافسية الاقتصاد العماني.

ويلفت الطوقي، في هذا الصدد، إلى أن صناع القرار الاقتصادي حول العالم لديهم رؤية واضحة، مفادها أن "حل الإشكاليات الكبيرة لا يكون إلا بالاستثمارات الكبيرة"، ومن شأن صندوق "التملك الخاص"، المشترك مع إسبانيا، أن يعزز وضع عمان على خريطة هذه الرؤية. 

ويضيف أن "هكذا استثمارات تمثل محاولة لتحقيق أكثر من هدف في آن واحد، كنقل التكنولوجيا وزيادة الاستثمارات والصادرات، وخلق وظائف جديدة، ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من خلال المشروعات الكبيرة.

وتسعى الحكومة العمانية لاستقطاب هذه المشروعات إلى أرض السلطنة، وخصوصاً إلى المناطق الصناعية الكبيرة، مثل الدقم؛ بسبب موقعها الجغرافي الذي يتميز ببعده عن مضيق هرمز ومشكلاته الجيوسياسية من جانب، وقربه من الأسواق الكبيرة ذات الكثافة السكانية الكبيرة، في أفريقيا وشرق آسيا والصين والهند، من جانب آخر. 

المساهمون