قال مسؤول بوزارة المالية السودانية إنّ المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي قرّر أنّ السودان بلغ نقطة أخذ القرار المطلوبة وفقاً لمبادرة البلدان الفقيرة المثقلة بالديون، ما يعني أنّ بوسعه البدء بتلقي مساعدات بشأن ديونه التي تتجاوز 50 مليار دولار.
وقال مسؤول بالصندوق، الشهر الماضي، إنه بعد ربع قرن من إطلاق صندوق النقد والبنك الدولي المبادرة، أصبح السودان الاقتصاد قبل الأخير الذي يجتاز هذه العملية وهو "الحالة الكبرى على الإطلاق بفارق كبير".
وفي إطار ما يسمى بنقطة أخذ القرار، من المتوقع أن يعلن الصندوق عن تسهيل ائتماني ممدد للسودان، وهو من أكبر الدول الأفريقية من حيث المساحة وتعداد السكان، يحصل بموجبه على تمويل جديد في صورة منح وقروض بأسعار فائدة منخفضة.
وكتب مجدي أمين، المستشار البارز لوزارة المالية، على "تويتر"، أمس الإثنين، "سنتفاوض مع الدائنين في يوليو/ تموز... كان هذا ممكناً فقط لأنّ الناس حملوا العبء الثقيل للإصلاح بقوة وصبر".
سيبدأ اجتماع مجلس إدارة صندوق النقد الدولي الساعة 9:30 مساءً بتوقيت الخرطوم. إذا كان هذا القرار إيجابياً ، فسيتم فتح الباب لرفع العبء الثقيل للديون غير المستحقة على هذا البلد. سنتفاوض مع الدائنين في يوليو
— Magdi M. Amin (@Magdi_Amin) June 28, 2021
كان هذا ممكنا فقط لأن الناس حملوا العبء الثقيل للإصلاح الاقتصادي بقوة وصبر
وكان مقرراً أن يجتمع المجلس التنفيذي لصندوق النقد، أمس الإثنين، ويتوقع أن ينشر قراره اليوم.
ويقول محللون إنّ القرار اتخذ بوتيرة سريعة غير مسبوقة وهو نتيجة إبداء دولي لحسن النوايا تجاه القادة المدنيين في البلاد، وإصلاحات اقتصادية سريعة ومؤلمة.
أعباء ديون السودان لا تقل عن 50 مليار دولار. ويدين بمبلغ 19 مليار منها لدول نادي باريس والمبلغ ذاته لدول من خارج النادي
وقال إيان كلارك الشريك بمكتب الاستشارات القانونية "وايت أند كيس"، الذي يقدم الاستشارات للحكومة بشأن إعادة هيكلة الدين، من خلال المبادرة مع المستشار المالي "لازارد"، "كانت الرحلة طويلة للسودان، لم تنته بعد، لكنه تقدم مهم حقاً على طريق البلد نحو مستقبل أكثر رخاء".
وعانى السودان من العزلة والعقوبات على مدار عقود، وشهد خلال الأزمة الاقتصادية اقتراب معدل التضخم من 400%، ونقص في السلع الأساسية والخدمات وتراجع الأمن الغذائي.
وعقب الإطاحة بعمر البشير، في إبريل/ نيسان 2019، توصل الجيش والمدنيون لاتفاق تقاسم سلطة هش. وعلى مدار العام المنصرم، نفذت الحكومة الانتقالية العديد من الإصلاحات الاقتصادية الرئيسية من بينها إلغاء دعم الوقود وخفض حاد لسعر صرف العملة، في ظل برنامج ضروري للإعفاء من الدين تحت رقابة صندوق النقد الدولي.
ماذا بعد؟
يمهد تأكيد نقطة القرار الطريق لإعفاء مؤقت فوري من بعض ديون السودان. ولكي يحصل السودان على خفض شامل لا يمكن العدول عنه للدين ينبغي أن يفي بشروط "نقطة الاستكمال" والتي يتوقع البعض أن يبلغها في غضون ثلاثة أعوام.
وقال أمين، لوكالة "رويترز"، قبل القرار، إنّ "السودان يحتاج الآن لأن يبين للصندوق أنه حقق استقراراً على مستوى الاقتصاد الكلي، ومستمر في تحسين مؤسساته، وأنه سيستغل الأموال التي تتاح له نتيجة تخفيف عبء الدين لخفض الفقر". وأضاف أنّ الخرطوم لا يسعها التخلف عن سداد الديون المتبقية خلال تلك الفترة.
وأعباء ديون السودان لا تقل عن 50 مليار دولار. ويدين بمبلغ 19 مليار منها لدول نادي باريس، والمبلغ ذاته لدول من خارج النادي مثل الكويت والسعودية والصين.
وتبلغ الديون التجارية الضخمة ما لا يقل عن ستة مليارات دولار ومثلها لمنظمات متعددة الجنسيات قبل تسوية الديون المتأخرة العام الجاري.
ولم تتم تسوية الدين بالكامل وحساب الفائدة السابقة المستحقة، وهذا يعني أنّ المبلغ سيكون أكبر، ويقدر البعض بأنه قريب من 60 مليار دولار.
كانت الإصلاحات اللازمة لبلوغ هذه النقط باهظة التكلفة: واضطر عدد كبير من الأسر لخفض الإنفاق على الغذاء والانتقالات مع ارتفاع الأسعار
وفي الشهر المقبل، سيحدد نادي باريس نسبة الإعفاء من الدين، ويُتوقع أن تكون حوالي 70%. وعادة يسري اتفاق مماثل على دائنين آخرين.
ليس حلاً ناجعاً
من بين 39 دولة مؤهلة للمبادرة، لم يتبق سوى السودان وإريتريا من الدول المشاركة.
وثبت أن البرنامج ليس حلاً ناجعاً. فقد تقدمت ثلاث من الدول التي أنهت البرنامج، وهي إثيوبيا وزامبيا وتشاد، حالياً بطلبات لتخفيف عبء الدين ضمن برنامج إطار عمل مشترك لمجموعة العشرين أطلق العام الماضي، كما اضطرت دول أخرى مثل موزمبيق والكونغو، لإعادة هيكلة ديون.
وقال مسؤول بصندوق النقد إنّ بلوغ نقطة القرار يعني أنه من المتوقع أن يقدم صندوق النقد للسودان تسهيلاً ائتمانياً ممدداً لمدة ثلاثة أعوام لإتاحة تمويل مباشر، فيما تمضي الخرطوم قدماً في تنفيذ إصلاحات.
وهذا أمر حيوي لحكومة السودان المثقلة بالأعباء، والتي تكافح لتمويل واردات الوقود والعقاقير. ويقدر الصندوق أنّ السودان سيحتاج تمويلاً خارجياً يتجاوز سبعة مليارات دولار خلال العامين المقبلين.
وبالنسبة لسودانيين كثيرين، كانت الإصلاحات اللازمة لبلوغ هذه النقط باهظة التكلفة: واضطر عدد كبير من الأسر لخفض الإنفاق على الغذاء والانتقالات مع ارتفاع الأسعار.
وقال جوناس هورنر محلل شؤون السودان لدى "مجموعة الأزمات العالمية"، إنّه "من الضروري أن تبلغ (الحكومة) على نحو سليم المواطنين التسلسل والمنحنى الذي سيأخذه كي لا ينظرون ولا يرون سوى الألم".
(رويترز)