حذّرت منظمة الصحة العالمية، من أن مناطق نزاع في السودان معرضة لخطر مجاعة "كارثية" بين إبريل/ نيسان ويوليو/ تموز المقبلين، وهي "فترة عجفاء" بين موسمَي الحصاد، في وقت يكافح فيه الملايين هناك من أجل إطعام أنفسهم.
وحذر ممثل منظمة الصحة العالمية في السودان بيتر غراف، منتصف شهر فبراير/ شباط الماضي، من أن "عاصفة حقيقية" تتشكل مع وقوع أشخاص أضعفهم الجوع ضحية أمراض معدية، بينما انهار النظام الصحي على وقع القتال المتواصل في البلاد منذ إبريل الماضي. وقال عبر رابط فيديو من القاهرة: هناك خشية من أن يؤدي الموسم الأعجف المقبل إلى مستويات كارثية من الجوع في المناطق الأكثر تضررا.
وخلال الفترة العجفاء، أي الفترة التي تسبق الحصاد مباشرة والتي تستنفد فيها الحبوب من المحصول السابق وتمتد من إبريل إلى يوليو، ترتفع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير مع انخفاض المخزونات.
وحذر مختصون من الآثار السلبية لاستمرار النزاع بين الطرفين. وقالوا إن تأثيراتها ستمتد لتشمل دول الإقليم كافة ودول المنطقة والجوار، وطالبوا الجيش والدعم السريع بالتوصل لتفاهمات قبل أن تتفاقم الكارثة.
أكد مواطنون وخبراء لـ"العربي الجديد" قرب نفاد مخزون السلع الأساسية، خاصة في عشر ولايات وهي ولايات دارفور الخمس، وولايات كردفان الثلاث إضافة لولايتي الجزيرة والخرطوم بعد أن نُهبت وحُرقت المخازن الرئيسة فيها، مع فشل الموسم الزراعي في دارفور وكردفان نتيجة انعدام الأمن واستمرار المواجهات المسلحة.
وقال الخبير الاقتصادي كمال توفيق لـ"العربي الجديد" إن ثمة مؤشرات قوية تضاف إلى انعدام السلع، وهي توقف إمداد الغذاء لبعض الولايات التي أصبحت محاصرة مثل ولايتي الجزيرة والخرطوم، إذ تعانيان من انخفاض كبير في واردات السلع عبر المداخل المختلفة، والتي باتت تسيطر عليها قوات الدعم السريع، ما انعكس سلبا على الأمن الغذائي للمواطنين.
ويقول المواطن محمد إبراهيم بابكر من ولاية الخرطوم في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد" إن غالبية المواطنين ظلوا على مداومة وجبة واحدة في اليوم، حيث يأكلون البليلة فقط بسبب إغلاق الطرق والأسواق.
في ولاية الجزيرة قالت الموظفة أم الحسن لـ"العربي الجديد" إن الأوضاع تزداد سوءا يوما بعد يوم، بعد نهب مخزون السلع وحرق المحاصيل، إذ أصبحنا نعيش على وقع انتشار المرض والجوع وعدم وجود مستشفيات أو مراكز صحية. وأضافت: حتى الكوادر الطبية في قرى الجزيرة تم اعتقالها لتضييق الخناق على المواطنين، مؤكدة زيادة وفيات المرضى وانتشار الأمراض المعدية بسبب سوء التغذية.
ورغم هدوء الأحوال نسبيا في ولاية سنار المجاورة لولاية الجزيرة، إلا أن التجار والمزارعين أكدوا لـ"العربي الجديد" أن الحرب ألقت بظلال سلبية على زراعة الفاكهة والموز، حيث خسرت تجارتهم لانعدام الطرق الآمنة للنقل من وإلى مناطق الاستهلاك.
وفي هذا السياق، يقول المزارع ياسين التوم: خسرت كل إنتاجي بسبب الحرب والتهديد من العصابات التي طالبت بمبالغ كبيرة لضمان استمرار الإنتاج.
وحسب مواطنين، شهدت ولايتا الجنوب سنار والنيل الأزرق ارتفاعات كبيرة في الأسعار، في ظل توقف الأعمال واستمرار نزوح المواطنين والتجار إلى دول الجوار، إثيوبيا وجنوب السودان خصوصاً.
ولم تسلم معسكرات النزوح من خطر المجاعة، بعد أن توقفت سبل الإمداد وأغلقت الطرق والمنافذ الواصلة إليها، وأصبحت تعيش وطأة جحيم الحرب وانعدام الغذاء والدواء.
ويقول الخبير في مجال الإغاثة، بلة إسماعيل، لـ"العربي الجديد": إذا لم تتوقف الحرب فلن تستأنف الوكالات الإغاثية أعمالها لما تعرضت له من اعتداءات لأفرادها ونهب لمخازنها.
ويضيف أن القليل الذي تبقى من مساعدات لا يلبي الاحتياجات الأساسية خاصة الصحية. ويحتاج حوالى 25 مليون شخص، أي نحو نصف سكان السودان إلى المساعدات، بينهم نحو 18 مليونا يواجهون انعداما حادا للأمن الغذائي، وفق بيانات الأمم المتحدة.