طبّقت الحكومة السودانية زيادات جمركية جديدة، مؤخراً، بنسبة بلغت 100% لتغطية عجز الإيرادات في الموازنة العامة للدولة للعام الحالي 2022 فيما أبقت سعر الدولار الجمركي دون تعديل عند مبلغ 430 جنيهاً.
وشملت الزيادة سلع الأواني المنزلية، والأجهزة الكهربية والأخشاب والأثاث، والملبوسات الجاهزة والحلويات بزيادة رسمها الإضافي بنسبة 25%، وإطارات السيارات الصغيرة 25% والسيارات الكبيرة 10%، فضلاً عن زيادة الرسم الإضافي للدقيق لنسبة 25%، ومستحضرات التجميل بنسبة 40%.
وطبقت الحكومة الانتقالية في السودان في 28 يونيو/ حزيران الماضي تحريراً كاملاً للدولار الجمركي بزيادة أسعاره من 28 إلى 430 جنيهاً.
ووصف المدير العام السابق للجمارك السودانية الفريق صلاح الدين الشيخ، في حديث لـ"العربي الجديد"، الزيادات الجديدة بأنها تسهم في انهيار الاقتصاد السوداني وتراجع الإيرادات الجمركية بنسبة كبيرة بسبب عزوف الموردين وأصحاب الأعمال والمستثمرين عن ممارسة نشاطهم هرباً من الرسوم العالية وارتفاع التكلفة، كما تتسبب في ارتفاع كبير في أسعار السلع والخدمات.
وشملت التعديلات في التعرفة الجمركية زيادات جديدة في الرسوم على الخضر والفاكهة من 10 إلى 40% وثبات رسوم كل من الفول المصري والبن والشاي في نسبة 3% واستمرار إعفاء كل من العدس والأرزاق وتقاوى البطاطس والثوم والذرة الشامي من الرسوم الجمركية.
ومن جانبه، قال رئيس شعبة تجار التجزئة بالخرطوم لـ"العربي الجديد" إن الزيادات الجمركية تسببت في زيادات فورية بالسلع الاستهلاكية الضرورية والكمالية معاً، خاصة السكر والدقيق وألبان الأطفال، لافتاً إلى تضاعف مستوى الكساد الشرائي بأسواق الخرطوم من قبل المواطنين والذين صاروا عاجزين عن توفير احتياجاتهم الغذائية من السلع بسبب محدودية الدخول والغلاء الطاحن الذي تتسبب به الحكومة بطريقة مباشرة وغير مباشرة.
غير أن المحلل الاقتصادي والضريبي عادل عبد المنعم كان له رأي مؤيد للزيادات الجمركية ووصف في حديث لـ"العربي الجديد" الزيادات التي أقرت بالحتمية لتوفير إيرادات للموازنة الحالية لعام 2022 والتي يتجاوز حجمها 3 تريليونات جنيه وتحتاج إلى مصروفات كبيرة، خاصة بعد تخصيص ربعها والبالغ 735 مليار جنيه للصرف على الفصل الأول (الأجور والمرتبات)، لمقابلة الزيادة التي أقرتها الحكومة على الأجور وارتفاع معدلات التضخم لمستويات قياسية.
ونفى عبد المنعم تضرر المواطنين من الزيادة الجمركية الجديدة والتي قال إنها طبقت على سلع كمالية فقط كـ(الأثاثات وقطع السيارات، وغيرها)، فيما أبقت على إعفاء السلع الغذائية الضرورية كافة من الرسوم الجمركية والقيمة المضافة كـ(الأرز والعدس، والتقاوى الزراعية والأدوية)، لافتاً إلى أنها تقلل من هوامش الأرباح العالية التي يتحصلها التجار والموردون، ولن تتسبب في تراجع الإيرادات الجمركية كما يظن البعض.
قال رئيس شعبة تجار التجزئة بالخرطوم لـ"العربي الجديد" إن الزيادات الجمركية تسببت في زيادات فورية بالسلع الاستهلاكية الضرورية والكمالية معاً
وعبّر عبد المنعم عن مناهضته للتوجه نحو فتح باب استيراد السلع الكمالية بحجة زيادة الإيرادات الجمركية، مؤكداً أن ذلك يؤدي إلى زيادة الطلب على الدولار بالسوق الموازي وزيادة أسعاره والتي قاربت آنياً خانة الـ700 جنيه، مشدداً على ضرورة تركيز الحكومة على ترشيد استيراد السلع الكمالية لمنع انفلات سعر الصرف.
وكان وزير المالية والتخطيط الاقتصادي جبريل إبراهيم قد تبرّأ في تغريدة على حسابه الشخصي، بعد مضي 3 أيام من صدور منشور الزيادات، مما يشاع حول فرض المالية لرسوم جمركية جديدة أو تعديل الفئات السارية، وقال إن ذلك لا أساس له من الصحة والوزارة لا تملك سلطة فرض رسوم جديدة أو تعديلها إلا بموافقة مجلس الوزراء واجتماع مجلسي الوزراء والسيادي، عازياً أي تغيير يطرأ على الرسوم الجمركية لتغيير سعر صرف العملة الوطنية.