السلع المقلدة تُغرق أسواق اليمن... إثراء سريع للتجار

31 مارس 2024
تردي القدرات الشرائية لمعظم اليمنيين وسط الغلاء وتراجع الدخول (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الأسواق اليمنية تعاني من انتشار السلع المقلدة والمغشوشة، مما يهدد صحة المستهلكين ويزيد من أرباح التجار غير المشروعة، خصوصًا خلال شهر رمضان حيث يرتفع الطلب على السلع الغذائية.
- جمعية حماية المستهلك تحث على الحذر من شراء السلع المعروضة بطرق غير سليمة وتدعو لاختيار المحال التي تلتزم بشروط التخزين الصحيح، في ظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.
- الهيئات الرقابية والتجارية تسعى لتعزيز الرقابة والتوعية بأهمية الالتزام بالمواصفات القياسية لحماية الاقتصاد وصحة المستهلكين، لكن تظل الحاجة ماسة لجهود أكبر لمكافحة السلع المقلدة والمغشوشة.

تعجّ الأسواق اليمنية بالسلع المقلَّدة والمغشوشة، لتتحول إلى مصدر للإثراء السريع لبعض التجار، وسط اتهامات للسلطات المعنية بالتقاعس عن كبح هذه الظاهرة التي تتمدد وسط تردي القدرات الشرائية لمعظم المواطنين.

ويُعَدّ شهر رمضان فرصة موسمية مهمة اعتاد بعض التجار استغلالها بطرق متعددة لتسويق المنتجات الفاسدة والمنتهية أو قريبة الانتهاء، والتي لم تعد صالحة للتداول والاستخدام.

يقول رئيس جمعية حماية المستهلك اليمنية، فضل منصور، لـ"العربي الجديد" إن "بعض التجار ضعاف النفوس يقومون بعرض وبيع سلع مغشوشة ومقلدة وقريبة الانتهاء، مستغلين إقبال المستهلكين على شراء احتياجاتهم لشهر رمضان".

كذلك، تُعرَض السلع الغذائية وتُتَداوَل بطرق غير سليمة على أبواب المحال التجارية وفي الأسواق الشعبية داخل أسواق العاصمة صنعاء والمحافظات، وفق منصور، الذي يؤكد أنّ هذه السلع تتعرّض لأشعة الشمس والبرودة بالوقت نفسه، وتصبح غير صالحة للاستهلاك نتيجة تغير في صفاتها الكيميائية والفيزيائية، وذلك بالرغم من مطالبات الجمعية للجهات المختصة بمنع تداول السلع الغذائية وعرضها على أبواب المحالّ التجارية، وفي الشوارع تحت أشعة الشمس ولكن دون فائدة.

وتدعو جمعية حماية المستهلك اليمنية، المستهلكين إلى عدم شراء مثل هذه السلع أياً كان نوعها، لكونها أصبحت غير صالحة للاستهلاك، وإلى الشراء من المحالّ التجارية التي تلتزم عرض السلع وتخزينها في أماكن جيدة وغير معرضة للشمس.

يشير رئيس حماية المستهلك إلى أن ما تشهده الأسواق، يتزامن مع ضعف شديد في القدرات الشرائية وارتفاع أسعار بعض السلع نتيجة ما يحدث في البحر الأحمر وخليج عدن من اضطرابات، الذي أثر بارتفاع أجور النقل والتأمين المتعدد للسفن والبضائع.

ويواجه البلد العديد من الأزمات، منها انهيار سعر صرف الريال، والتقلبات الحادة في تداولاتها، ولا سيما في مناطق الحكومة، وارتفاع التضخم، واشتداد الاضطرابات الاجتماعية وتسببها في تراجع أداء القطاعات الاقتصادية المختلفة.

ووفق بيانات أممية، فإن أكثر من 21.6 مليون شخص، أي 75% من سكان اليمن، يحتاجون إلى مساعدات، منهم 17 مليون شخص في فقر مدقع نتيجة انعدام الأمن الغذائي.

ويرصد "العربي الجديد" انتشاراً واسعاً لظاهرة التقليد للكثير من العلامات التجارية، خصوصاً لدى التجار الجدد الذين يرى رئيس جمعية حماية المستهلك اليمنية أنهم يطمحون إلى الإثراء السريع على حساب المستهلكين.

وتتسع قائمة هذه السلع لتشمل المنتجات الغذائية والملابس والأجهزة الكهربائية والإلكترونية ومواد البناء وكذلك الأدوية، حيث أصبحت تشكل نسبة طاغية وقياسية من حجم التجارة في اليمن.

ويتهم خبراء ومدافعون عن حماية المستهلك القطاع التجاري الخاص باستغلال الأوضاع الراهنة، ولا سيما في موسم رمضان، وإغراق الأسواق بالسلع المقلدة والمخزنة التي تكون غالباً منتهية أو قريبة الانتهاء وغير صالحة للتداول والاستخدام.

ويقول إن القطاع الخاص يتمتع بعلاقات تعاون وشراكة مع جمعية حماية المستهلك، لما فيه مصلحة المستهلك ودعم المنتجات الوطنية والصناعة المحلية ذات الجودة والمواصفات المعتمدة، مضيفاً أن "حماية المستهلك هي أيضاً حماية للتاجر، فهما معاً خط أحمر كما حدده القانون، حيث إن التلاعب بغذاء الناس ودوائهم خط أحمر وجريمة يعاقب عليها".

لكن محمد صلاح نائب رئيس الغرفة التجارية والصناعية المركزية في أمانة العاصمة صنعاء، ينفي ذلك في حديث لـ" العربي الجديد"، قائلاً "ليس صحيحاً أن التجار يقومون بإخراج المواد والسلع المقربة على الانتهاء أو منتهية الصلاحية، لأننا كتجار نلتزم بالمواصفات القياسية اليمنية التي تصدرها الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة وهي تمتلك صلاحيات واسعة في الرقابة على دخول السلع من المنافذ الجمركية ولا تسمح بدخول بضائع غير مطابقة مطلقاً".

يضيف صلاح، أن هناك جهات رقابية صحية تتابع السلع في السوق وهي تقوم بعملها جيداً كصحة البيئة وأجهزة الرقابة التابعة لوزارة الصناعة والتجارة والسلطات المحلية، وهذه محدد عملها في القانون وتعرف اختصاصاتها وتقوم بعملها جيداً، فلا داعي لأي مخاوف كما يرى، داعياً إلى "التعقل وعدم شيطنة القطاع الخاص وإظهاره بمظهر سلبي".

في السياق، تقول هيئة المواصفات والمقاييس وضبط الجودة في صنعاء، إنها بدأت بالتوعية بدليل سلامة المستهلك، التي تجعل المستهلك والتاجر شريكين في الصحة والسلامة للسلع كافة.

ويشير مسؤولون في الهيئة تحدثوا لـ"العربي الجديد"، إلى قرب إطلاقها لمنصة تسجيل السلع المستوردة التي ستمكن التجار من تسجيل سلعهم المستوردة لدى الهيئة قبل الاستيراد لكي توافيهم الهيئة رقمياً بكل التفاصيل عن الاشتراطات والمواصفات المطلوبة لتلك السلع، ما يسهل عليهم عملية الاستيراد وعمليات الفحص والمطابقة قبل الإفراج، وهو ما سيقلل التكلفة عن التجار، ويسهم في رفع معارفهم بالسلع ويحفظ رأسمالهم من المخاطر.

كذلك تقول وزارة الصناعة والتجارة في صنعاء، إنها تنفذ عمليات رقابة يومية على الأسواق للحفاظ على الاستقرار السعري والتمويني وحماية المستهلك من الاستغلال والغش، خصوصاً في المواسم الاستهلاكية.

وأكدت الوزارة في بيان لها أخيراً أنها على تنسيق مستمر مع القطاع الخاص بشأن توفير الخيارات المناسبة للمواطنين من السلع الاستهلاكية وبأسعار مناسبة.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

وأضافت أن "المعروض الكبير من السلع المختلفة يؤكد نجاح خطط الوزارة بالتعاون مع المنتجين والمستوردين في توفير بدائل السلع المشمولة بقرارات مقاطعة البضائع الأميركية ومنتجات الشركات الداعمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي".

وبينما يتربح تجار من انتشار السلع المقلدة والمغشوشة، تدعو العديد من مؤسسات القطاع الخاص الإنتاجية إلى ضرورة كبح هذه الظاهرة للحفاظ على الرأسمال الوطني.

ويؤكد المحلل الاقتصادي محمد الرماح، لـ"العربي الجديد"، أن هذه الظاهرة لا تقلّ خطورة عن بقية الأزمات الاقتصادية والمؤسسية وغيرها من الأزمات التي تعاني منها البلاد بسبب الصراع الداخلي، إذ تعتبر انتهاكاً واضحاً للحقوق التجارية التي تحفظها وتكفلها القوانين والتشريعات، إضافة إلى كونها أحد أسباب مغادرة رأس المال الوطني وإيقاف التوسع في الإنتاج الصناعي والتهرب الضريبي وانخفاض سعر العملة نتيجة لزيادة الطلب على العملات الأجنبية بهدف استيراد السلع وتهريبها إلى الداخل.

المساهمون