مع توالي الإعلان عن شراء حصص في شركات ألعاب الفيديو أو إنشاء أخرى جديدة، تزداد أهمية القطاع الناشئ للاقتصاد السعودي، في ضوء مؤشرات تحسن كشفها تقدير وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات بالمملكة لنمو صناعة وتطوير ألعاب الفيديو بنسبة 41.1% على أساس سنوي.
وتبدي إدارة صندوق الثروة السيادي بالسعودية اهتماما خاصا باستثمارات القطاع، وآخرها شراء حصة قيمتها 265 مليون دولار في شركة ألعاب الفيديو الصينية VSPO.
ويعود الاهتمام السعودي الكبير بقطاع ألعاب الفيديو إلى شعبية تلك الألعاب والرياضات الإلكترونية الكبيرة في المملكة، التي يبلغ عدد سكانها نحو 35 مليون نسمة، أغلبهم دون سن الـ25 عاما.
ووصلت قيمة سوق هذه الألعاب في السعودية إلى مليار دولار في عام 2021، وهو الأعلى من بين دول المنطقة، حسب تقرير عن سوق الألعاب في الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا أصدرته شركة "نيكو بارتنرز"، المتخصصة في هذا القطاع.
ويتوقع تقرير لمجموعة بوسطن الاستشارية، صدر عام 2021، أن يقفز هذا الرقم ليصل إلى 6.8 مليارات دولار بحلول عام 2030.
لكن السعودية تستهدف طموحا أعلى، وهو أن يسهم قطاع الرياضات والألعاب الإلكترونية بـ50 مليار ريال (13.3 مليار دولار) في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، بحلول عام 2030، وذلك ضمن الاستراتيجية الوطنية للألعاب والرياضات الإلكترونية، التي كشف عنها ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في سبتمبر/أيلول 2022، مشيرا إلى أنها تهدف إلى تحويل المملكة إلى مركز عالمي للرياضات الإلكترونية والألعاب بحلول عام 2030.
وتشمل الاستراتيجية السعودية 86 مبادرة تديرها نحو 20 جهة حكومية وخاصة، وتستهدف استحداث أكثر من 39 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة في قطاع ألعاب الفيديو، وإنتاج أكثر من 30 لعبة منافسة عالمياً في استوديوهات المملكة، والوصول إلى تصنيف أفضل 3 دول في عدد اللاعبين المحترفين للرياضات الإلكترونية.
ولتنفيذ الاستراتيجية، اتبعت الحكومة السعودية مسار ضخ المزيد من الاستثمارات في شركات التكنولوجيا الآسيوية تحديدا، ومنها شركة "كاكاو" الكورية الجنوبية، التي تدير مجموعة تطبيقات تنشر عروض الرسوم المتحركة والروايات الشهيرة عبر الإنترنت والتي جمعت 930 مليون دولار من مستثمرين.
وجمعت الشركة الكورية 1.2 تريليون وون (912 مليون دولار) من خلال إصدار نحو 2.26 مليون سهم بسعر 255116 وون (193.8 دولارا) لكلٍ من صندوق الاستثمارات العامة السعودي وشركة "بورب"، ومقرها سنغافورة، في واحدة من أكبر جولات التمويل على الإطلاق في كوريا الجنوبية.
وفي أيلول/سبتمبر الماضي، أُعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي (السيادي) عن تخصيص 142 مليار ريال (38 مليار دولار) لضخها في قطاع الألعاب الإلكترونية حتى عام 2030.
ويشمل الاستثمار 70 مليار ريال (18.7 مليار دولار) لشراء العديد من حصص الأقلية في شركات أساسية تدعم أجندة التطوير التي تنتهجها سافي و50 مليار ريال (13.33 مليار دولار) للاستحواذ على أفضل شركات نشر الألعاب وتطويرها لتصبح شريكا استراتيجيا فعالا.
وتكلل الاهتمام المتزايد بقطاع ألعاب الفيديو بإطلاق الصندوق السيادي السعودي مجموعة "ساڤي"، في كانون الثاني / يناير الماضي، وهي التي أبرمت صفقة شراء حصة من VSPO الصينية.
وحسب الرئيس التنفيذي لمجموعة ساڤي، براين وورد، فإن الصفقة "تمنح سافي موطئ قدم في منطقة آسيا المهمة"، مشيرا إلى أن المجموعة السعودية "تتطلع إلى تنويع بصمتها الجغرافية جنبا إلى جنب مع VSPOحسبما أوردت وكالة رويترز.
تشمل الاستراتيجية السعودية 86 مبادرة تديرها نحو 20 جهة حكومية وخاصة، وتستهدف استحداث أكثر من 39 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة في قطاع ألعاب الفيديو
وفي 20 فبراير/شباط، قال وزير الإعلام السعودي ماجد القصبي، خلال فعاليات المنتدى السعودي للإعلام بالرياض، إن حكومة المملكة تعتبر "ألعاب الفيديو" ضمن تصنيفها لأشكال الإعلام، باعتبارها ذات محتوى يؤثر في الجمهور.
وعلى مدى العامين الماضيين، ركز الصندوق السيادي السعودي على حصص الشركات المُصنِّعة لألعاب الفيديو والرياضات الإلكترونية، وكشف عن شراء حصص تزيد عن 5% في شركتي ألعاب مُدرجتين في اليابان، هما "كابكوم"، المصنعة للعبتي "ستريت فايتر" و"ريزيدنت إيفل"، ومزودة الألعاب عبر الإنترنت "نيكسون".
كما بدأ الصندوق ببناء مركز استثماري في شركة "أكتيفيجن" للألعاب لأول مرة بنهاية عام 2020، وامتلك حوالي 37.9 مليون سهم في الشركة بنهاية سبتمبر/أيلول الماضي.
وأصبح الصندوق أكبر مساهم في شركة "نينتندو" اليابانية، بعد أن رفع حصته إلى 8.26% من 7.08%، وفق إفصاح أصدره في 17 فبراير/شباط الجاري.
وقال المستشار الياباني في صناعة الألعاب الإلكترونية سيركان توتو: "أعتقد أن صندوق الاستثمارات العامة لم ينته عند هذا الحد، ولن أتفاجأ إذا استمر بزيادة حصته في نينتندو في المستقبل"، حسبما أوردت وكالة "بلومبيرغ".
وتنص خطة الإصلاح الاستراتيجية طويلة المدى، رؤية 2030، على استهداف السعودية لوصول نسبة إسهام صناعة ألعاب الفيديو، بما في ذلك الرياضات الإلكترونية، إلى 1% من الاقتصاد بحلول عام 2030.
وحسب مراقبين، يؤشر النمو السريع لسوق الألعاب الإلكترونية في السعودية إلى إمكانية تحقيق هذا الطموح، بما يدعم استراتيجية المملكة للتحول إلى اقتصاد رقمي وتوطين الصناعة في البلاد، ضمن خططها لتنويع مصادر دخلها وعدم الاقتصار على واردات النفط والغاز.