الرسوم الجمركية في الجزائر ترفع أسعار المواد الغذائية

15 مايو 2021
التضخم يطاول المواد المستوردة (Getty)
+ الخط -

قفزت أسعار المواد الغذائية المستوردة واسعة الاستهلاك في الجزائر، بمعدل تخطى 100 في المائة، بالتزامن مع تراجع كبير في الاستهلاك في ظل ضعف القدرة الشرائية. ويؤكد محمد تونسي، الناطق باسم شعبة المواد الغذائية في الغرفة التجارية في العاصمة الجزائرية، أن "هناك حالة من الركود تضرب الأسواق هذا العام بسبب ارتفاع الأسعار".

ويضيف لـ "العربي الجديد"، أن "معظم التجار لم يتمكنوا من تصريف أكثر من 30 في المائة من جملة مشترياتهم، بالرغم من مرور رمضان، الذي يرتفع فيه عادة الإقبال على عدد من السلع، خاصة المكسرات والفواكه المجففة والأجبان والحلويات".

ويرجع تونسي أسباب ارتفاع الأسعار إلى عدة عوامل منها "زيادة التعرفة الجمركية على عدد من السلع باعتبارها سلعا كمالية"، لافتا إلى أن "هناك أيضا سببا غير مباشر، فعند ارتفاع الأسعار يضطر التاجر إلى تقليل حجم مشترياته، ما يعني ارتفاع التكاليف الثابتة، والتي تنعكس بدورها على المستهلك في النهاية، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار النقل التي أثرت بشكل مباشر في أسعار كافة السلع في الجزائر".

ويقول عمر زيان، تاجر في شارع "المنظر الجميل" المشهور ببيع المواد الغذائية لـ "العربي الجديد"، إن "حجم المبيعات في تراجع عن العام الماضي بمعدل 40 إلى 50 في المائة، بسبب ارتفاع الأسعار، وتضاؤل القدرة الشرائية".

ويشرح أن أصحاب المداخيل المتوسطة والمنخفضة، كانوا حريصين خلال الأعوام الماضية على عدم حرمان طاولاتهم من المكسرات والأجبان وغيرها من المواد الكمالية، من خلال شراء أوزان بسيطة منها، أما الآن، فإن الأوزان القليلة أصبحت عصية عليهم، ما اضطر البعض إلى الإحجام عن الشراء نهائياً".

فقد اعتاد عمار زبار مثلاً، وهو موظف في إحدى الشركات العمومية، على شراء المكسرات وغيرها من المواد الغذائية الثانوية، ويؤكد لـ "العربي الجديد" أن "الأسعار ارتفعت بمعدل 300 في المائة على بعض المواد"، مشيرا إلى أن "انخفاض القدرة الشرائية لراتبه دفعه إلى تقليل الكميات التي كان يشتريها".

ويقول المواطن الجزائري إن "الدخل لا يكفي الآن لشراء مثل هذه الكماليات، إذ خرجت المكسرات والشوكولا وبعض الأجبان من القائمة بعد ارتفاع أسعارها، بالإضافة إلى بعض أنواع العصائر الصناعية المستوردة". وكانت الحكومة الجزائرية قد قررت رفع التجميد عن العديد من المواد المستوردة، على غرار المنتجات الغذائية والزراعية، والفواكه، إضافة للعصائر والمشروبات وموادّ التجميل والرخام والسيراميك والموادّ البلاستيكية.

وفرضت الحكومة على استيراد هذه السلع وغيرها أعباءً جمركية تحت مسمى "الرسم الجمركي الوقائي المؤقت"، يتراوح ما بين 30 إلى 200 في المائة، ما اضطر المستوردين وتجّار الجملة لرفع أسعار المنتجات لضمان هامش ربح جيد مع تطبيق الإجراءات الجديدة. ويرى عبد الله عوادي، تاجر تجزئة أن "حالة من الركود ضربت تجارته بـ 50 في المائة نتيجة ارتفاع الأسعار، بسبب عدم تمكن الناس من الشراء نتيجة الأوضاع المعيشية السائدة.

وأبدت الجمعية الجزائرية للتجّار والحرفيين، تحفظا على الرسوم المرتفعة التي مسّت الموادّ المستوردة، ورأت أن هذه الرسوم فتحت المجال للاحتكار وأدت إلى ارتفاع الأسعار، ما أثر سلبا على القدرة الشرائية وخاصّة إذا لم تستطع المؤسسات تسديدها.

ويرى رئيس الجمعية طاهر بولنوار أن "الحكومة مطالبة بمراجعة هذه الرسوم، التي جاءت مرتفعة على بعض الموادّ، فمثلاً مادّة اللوز واسعة الاستهلاك عليها رسم جمركي إضافي بأربعين في المائة، يضاف إليه الرسم الجمركي الأصلي بخمسة وعشرين في المائة، أي سعر هذه المادّة ارتفع بأكثر من 70 في المائة على التاجر إذا احتسبنا هامش ربح المستورد، وذلك من دون احتساب هوامش ربح التجار".

ويضيف بولنوار في حديثه لـ "العربي الجديد"، أن السيناريو ذاته يتكرر مع الكاكاو والشوكولا، اللذين تعدى رسمهما الجمركي الإضافي 50 في المائة، ما يعني أننا أمام رفع الأسعار بطريقة مقنّعة بالحمائية".

وتحاول الحكومات الجزائرية منذ 2016، الحدّ من فاتورة الواردات لمواجهة تآكل احتياطي النقد الأجنبي، بداية من إخضاع عمليات الاستيراد لرخص إدارية مسبقة ثم التجميد الكلي للاستيراد، غير أن تلك الطرق كلها لم تؤدِ إلى النتائج المتوقعة. فقد بقيت فاتورة الواردات عند مستويات مرتفعة، ولا سيما ما تعلق بالمعدّات الصناعية والموادّ الخام، وكذا السلع واسعة الاستهلاك.

المساهمون