الدولار الأميركي في طريقه لتسجيل أسوأ شهوره هذا العام.. فمن هم الرابحون والخاسرون

29 نوفمبر 2023
الدولار الأميركي يتراجع بالتزامن مع تزايد توقعات خفض الفائدة (Getty)
+ الخط -

يتجه الدولار الأميركي نحو تحقيق خسارة بنسبة 3.7% هذا الشهر، مقابل سلة من ست عملات رئيسية، في ما سيكون أسوأ أداء شهري للعملة الخضراء خلال عام.

ويمثل تراجع الدولار أخباراً جيدة بالنسبة للبلدان التي تعتمد على واردات السلع الأساسية، والتي يتم تداول معظمها بالدولار، فضلا عن الدول التي تسدد ديونها بالعملة الأميركية. لكن الشركات والمستهلكين الأميركيين قد ينتهي بهم الأمر إلى دفع المزيد مقابل السلع المستوردة.

وكان مؤشر الدولار الأميركي في حالة تذبذب خلال الفترة بين منتصف يوليو/تموز وأوائل أكتوبر/تشرين الأول، حيث ارتفع بأكثر من 7%، بدعم من مجموعة من البيانات الاقتصادية الإيجابية الصادرة في الاقتصاد الأكبر في العالم، والتي تسببت في تزايد التوقعات بإبقاء بنك الاحتياط الفيدرالي أسعار الفائدة مرتفعة لفترات مطولة.

وعادة ما تتسبب معدلات الفائدة المرتفعة في تعزيز قيمة العملة، حيث تجذب إليها المزيد من رؤوس الأموال من الخارج، سعياً وراء معدلات العائد المرتفعة، في ما يعرف باسم "تجارة الفائدة". 

ولكن في الأسابيع الأخيرة، ظهر العديد من العلامات التي تشير إلى أن الاقتصاد الأميركي قد بدأ أخيرا في التباطؤ، ما دفع المستثمرين إلى افتراض انتهاء البنك الفيدرالي من رفع تكاليف الاقتراض، وجعلهم يتوقعون توجهه قريباً لخفض أسعار الفائدة.

وقال أولريش لوختمان، رئيس أبحاث الصرف الأجنبي في "كومرتس بنك"، لشبكة "سي أن أن": "أرى الدولار الأميركي ضعيفاً في ربعين آخرين (من العام)، خاصة إذا زادت احتمالات تخفيض البنك الفيدرالي للفائدة في وقت قريب".

ويتوقع كاميرون ويلارد، من فريق أسواق رأس المال في بنك هاندلس بانكن السويدي، أن يستمر الدولار في التراجع بشكل مطرد خلال النصف الأول من العام المقبل، لكنه يعتقد أن الدولار سيعكس مساره في وقت لاحق من العام، بسبب المخاطر الجيوسياسية، ومنها عدم اليقين حول نتائج الانتخابات في العديد من البلدان.

وفي الأوقات المضطربة، ومع ارتفاع المخاطر الجيوسياسية، يرى المستثمرون الدولار باعتباره ملاذا آمنا، حيث ستحافظ أموالهم على قيمتها، كونه عملة الدولة العظمى الأهم، في وقتنا الحالي.

وقال ويلارد لشبكة "سي أن أن": "أواجه صعوبة في رؤية انخفاض في قيمة الدولار على المدى الطويل". وأضاف: "لكي يحدث ذلك، يجب أن يكون لديك بديل موثوق به... فالدولار لا يزال العملة الاحتياطية في العالم، والعملة الأكثر أمانا في العالم، ولا أرى أن هذا يتغير في الوقت الحالي".

من يربح من ضعف الدولار

بالنسبة للبلدان التي تعتمد على واردات السلع الأساسية، فإن ضعف الدولار يعني أن عليها أن تدفع أقل مقابل السلع التي تستوردها، مثل المواد الغذائية والطاقة. وهذا بدوره يمكن أن يؤدي إلى تهدئة التضخم الكلي في تلك الاقتصادات.

وعلى سبيل المثال، تعتمد اليابان وكوريا والهند، والعديد من الدول التي تستخدم اليورو، على واردات السلع الأساسية، حسبما قال مارك ماكورميك، الرئيس العالمي لقسم النقد الأجنبي واستراتيجية الأسواق الناشئة في شركة "تي دي سيكيوريتيز".

ومن المنتظر أن يستفيد المصدرون الأميركيون أيضاً، لأنه مع انخفاض أسعار منتجاتهم بالعملات الأخرى، يصبحون أكثر قدرة على المنافسة في الخارج.

وفي الوقت نفسه، قال لوختمان، إن انخفاض قيمة الدولار يرفع تكلفة الواردات إلى الولايات المتحدة، مما يساعد الشركات الأميركية على البيع في السوق المحلية، وأيضاً على التنافس ضد المنتجين الأجانب، لأن المنتجات المحلية تصبح أرخص نسبيا.

وهي أيضًا أخبار جيدة للأسواق الناشئة، حيث تورط بعضها في اقتراض مبالغ ضخمة بالعملة الأميركية، ومن الممكن أن يؤدي ضعف الدولار إلى جعل خدمة تلك الديون أقل تكلفة.

وقال ماكورميك لشبكة "سي أن أن" إن انخفاض قيمة العملة الأميركية يشير أيضًا إلى فرص استثمار أفضل للمستثمرين خارج الولايات المتحدة. وأضاف: "إن ضعف الدولار هو بمثابة مد متصاعد يرفع جميع القوارب"، مستثنياً بالتأكيد أصحاب رؤوس الأموال والدخول بالعملة الأميركية.

ومن يخسر من ضعف الدولار

يشكل ضعف الدولار خبراً سيئاً بالنسبة للمستهلكين الأميركيين، حيث يتعين على هؤلاء دفع المزيد في مقابل السلع المستوردة، مثل النبيذ الفرنسي أو الألعاب الصينية الصنع، كما العطلات اتي يرغبون في قضائها خارج بلدهم.

وقال لوختمان: "إن ضعف الدولار يجعل الولايات المتحدة أكثر فقراً، لأنهم يدفعون أكثر مقابل السلع التي يستوردونها، ويحصلون على مبالغ أقل مقابل السلع التي يصدرونها".

وأضاف أنه في حالة تساوي جميع العوامل الأخرى، فإن ذلك يؤدي إلى ارتفاع معدل التضخم بأميركا، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن هذا المعدل يتأثر بعوامل أخرى أيضًا.

وأضاف: "أنا متأكد من أن التضخم سينخفض بشكل أكبر في الولايات المتحدة، لكن سرعة هذا التطور ستكون أقل مما كان يمكن أن يحدث مع ارتفاع الدولار".

ويشير ويلارد، من هاندلسبانكن، إلى تباطؤ سوق العمل والإسكان في الولايات المتحدة باعتبارهما عاملين من المرجح أن يبقيا التضخم الرئيسي تحت السيطرة، حتى لو ارتفعت أسعار الواردات.

وقال: "لا أعتقد أن بنك الاحتياط الفيدرالي سوف يشعر بالقلق الشديد في هذه المرحلة".

المساهمون