الدولارات المختفية وأزمة الدواجن في مصر

03 مارس 2023
معالجة الحكومة للقفزات الحالية في أسعار الدواجن واللحوم يكشف عن تفضيلها الاستيراد (Getty)
+ الخط -

تستسهل الحكومة المصرية الاستيراد من الخارج، فتضرب الصناعة الوطنية، حتى لو كان قطاعاً استراتيجياً وحيوياً كصناعة الدواجن والثروة الداجنة التي يعمل فيها نحو 3 ملايين مواطن، وتستسهل الاقتراض، فتغرق البلاد في بحار من الديون، وكلا الأمرين يشكل ضغطاً شديداً على احتياطي الدولة من النقد الأجنبي، ويعمق الفجوة التمويلية وعجز الميزان التجاري، ويطيل أزمة العملة، وينعش السوق السوداء، والأخطر أنه قد يفقد ثقة المواطن بالدولة. 

في المسألة الثانية المتعلقة بالتوسع المفرط في الاستدانة، حدث ولا حرج، ويكفي القول إن ديون مصر الخارجية تجاوزت 155 مليار دولار، وأن مصر كانت مطالبة بسداد 41 مليار دولار خلال العام الجاري، وفق أرقام البنك الدولي، وأنه رغم المخاطر المتزايدة، لا تزال وزارة المالية تعلن من وقت لآخر خططاً للحصول على مزيد من القروض، سواء عبر الصكوك السيادية "5 مليارات دولار"، أو السندات الدولية، أو عبر الاقتراض المباشر من مؤسسات مالية دولية أو إقليمية، أو عبر بيع أصول الدولة.

أما في المسألة الأولى المتعلقة بالاستيراد، فإن معالجة الحكومة للقفزات الحالية في أسعار الدواجن واللحوم يكشف عن تفضيلها سياسة الاستيراد، على الرغم من أن حصيلة الاستيراد الدولارية كان من الممكن أن تساهم في حل أزمة استيراد الأعلاف التي اعتبرها البعض مفتعلة من قبل جهات رسمية في الدولة بهدف التربح.

معالجة الحكومة للقفزات الحالية في أسعار الدواجن واللحوم يكشف عن تفضيلها سياسة الاستيراد

أحدث مثال على ذلك، ما كشفه وزير التموين المصري علي المصيلحي، يوم الاثنين الماضي، عن فتح اعتمادات مستندية بالدولار لدى البنوك لاستيراد 25 ألف طن من الدواجن البرازيلية المجمدة، لزيادة المعروض خلال شهر رمضان، وكبح ارتفاع أسعار الدواجن في السوق المحلية الذي أرجعه إلى زيادة أسعار الأعلاف عالمياً، وتخارج كثير من صغار المربين بالتزامن مع دخول فصل الشتاء.

وفي اليوم نفسه رفع السفير نادر سعد، المتحدث باسم الحكومة المصرية، الرقم إلى الضعف، حيث كشف عن أن الحكومة تعتزم استيراد 50 ألف طن من الدواجن من البرازيل؛ لسد العجز في السوق المحلية وتأمين الاحتياطي الاستراتيجي من اللحوم خلال موسم رمضان المقبل، بعد انخفاض المعروض منها وارتفاع أسعارها المحلية لمستويات قياسية خلال الفترة الماضية.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

وقبلها استوردت جهات مسؤولة في الدولة كميات ضخمة من الدواجن البرازيلية بلغت آلاف الأطنان، بعد أن بلغت الأسعار مستويات قياسية وصلت إلى 110 جنيهات للكيلو المجمد.

في أزمة الأعلاف اختفت الدولارات، وقيل للمربين إن الدولة ليس لديها ما يكفي من النقد الأجنبي لاستيراد الأعلاف، وبالتالي حل أزمة قطاع الدواجن المهدد بالانهيار، لكن هذه الدولارات المختفية ظهرت مع موجة حكومية لاستيراد كميات ضخمة من الدجاج البرازيلي المجمد.

استوردت جهات مسؤولة في الدولة كميات ضخمة من الدواجن البرازيلية بلغت آلاف الأطنان

هذه السلوكيات وغيرها تُفقد رجل الشارع الثقة بقرارات الحكومة وسياساتها، وتجعله يقبل بتصديق أي مزاعم، حتى لو كانت من عيّنة تربح الدولة في المواطن، واستيراد شحنات دواجن مجمدة فاسدة ومنتهية الصلاحية ومضرة بالصحة العامة. وهنا لن يجدي نفعاً نفي الحكومة لما يتردد على ألسنة العامة. 

المساهمون