لم تتمكن الحكومة التونسية من اختيار مسؤول جديد لتسيير شركة الطيران الحكومية بعد أكثر من أربعة أشهر من إقالة المدير العام السابق إلياس المنكبي، فيما يزيد فراغ القيادة من صعوبات الخطوط التونسية التي تواجه تحدي الصمود أمام أسوء أزمة تمر بها الشركة منذ تأسيسيها.
وتواجه الحكومة صعوبة في استقطاب كفاءات لتسيير الشركة الحكومية رغم عرض المنصب في أكثر من مناسبة على مسيرين في القطاع الخاص، ما يطيل انتظار الحلول في الشركة التي تخضع للتسيير المؤقت من قبل متصرف إداري.
ونهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أعلنت وزارة النقل في بيان رسمي لها عن تسمية واصف العيادي مديرا عاما للشركة، وهو مهندس طيران يشرف على مشروع تنفيذي لتطوير الأجهزة التقنية لصالح شركة "لوفتهانزا" الألمانية.
غير أنه بعد أكثر من أسبوعين من الانتظار أُعلن بشكل غير رسمي عن تخلّي العيادي عن المنصب وعدم مباشرته لمهامه دون ذكر الأسباب.
وقال مصدر مسؤول في شركة الخطوط التونسية لـ"العربي الجديد" أنه تقرر إلغاء تعيين عيادي في خطة مدير عام للشركة، وأن المسؤول الذي تم تعيينه على رأس المؤسسة منذ أسبوعين لم يباشر مهامه.
وذكر ذات المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، أنه لم يتم التوّصل إلى اتفاق بين الحكومة والعيادي حول الأجر الذي سيتقاضاه هذا الأخير باعتبار أن المدير العام للخطوط التونسية يخضع لسلم الأجور في المؤسسات العمومية.
وقال إن العيادي لم يقبل بالأجر المخصص لمدير عام الخطوط التونسية، مرجحا تسمية مدير عام آخر لسد الشغور على رأس الإدارة العامة الذي يتواصل منذ شهر يوليو/ تموز الماضي بعد إقالة إلياس المنكبي.
وبسبب ضعف الأجور تواجه الحكومة صعوبات في إقناع كفاءات تعمل في القطاع الخاص على تسيير شركات حكومية، مقابل تواصل موجة هجرة كبار الكوادر الحكومية نحو شركات خاصة بحثا عن آفاق عمل أرحب.
وكان الوزير المكلّف بالوظيفة العمومية في الحكومة السابقة محمّد عبّو، اقترح تغيير الحوكمة بالمؤسسات العمومية ومن بينها الخطوط التونسية وإخضاع أجور كبار الموظفين إلى قرارات مجالس الإدارات بهدف إمكانيات تسييرها، غير أنه لم يتم اعتماد هذا المقرح.
وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي، محمد منصف الشريف، إن الحكومة مطالبة بالتعجيل بإعادة النظر في سلم تأجير كبار الموظفين والمسيرين في القطاع العام وتنظيرها مع رواتب القطاع الخاص.
وأضاف الشريف في تصريح لـ"العربي الجديد" أن القطاع الحكومي فقد جاذبيته في السنوات الأخيرة لأسباب ذاتية وأخرى موضوعية ومن بينها ضعف الرواتب المقترحة على كبار المسيرين وصعوبة العمل في هذه الشركات التي تعاني من تركة ديون ثقيلة وأجواء اجتماعية محتقنة بسبب تصلّب نقابتها، وفق قوله.
تنتظر الخطوط التونسية مسيّرا جديدا من أجل خطة الإنقاذ العاجلة التي اقترحها مجلس إدارة الشركة على الحكومة، مقابل تفاقم صعوباتها بسبب تداعيات أزمة الكوفيد على النقل الجوي.
وقدرت وزارة النقل الخسائر المادية لشركة الخطوط الجوية التونسية بسبب تعليق الرحلات الجوية بـ400 مليون دينار (145 مليون دولار)، دون اعتبار الكلفة غير المباشرة الضرورية لصيانة الطائرات خلال فترة الحجر الصحي بسبب مرض فيروس كورونا الجديد.
وقالت الوزارة إن تلك الخسائر ناتجة عن توقف الملاحة الجوية، عملا بقرار تعليق الرحلات التجارية للنقل الجوي من وإلى المطارات التونسية منذ منتصف شهر مارس/ آذار الماضي.
وكانت شركة الخطوط الجوية التونسية تتجه نحو شراء 5 طائرات جديدة دفعة واحدة، "لكن الوضع العالمي بسبب تأثيرات مرض كورونا تسبب في تأخير تسلم هذه الطائرات التي سيتم اقتناؤها على دفعات، أي طائرة واحدة خلال سنة 2021 وطائرتان سنة 2022 وطائرتان سنة 2023.
وتشتغل الخطوط التونسية على خطة إنقاذ تشمل فتح رأس مال الشركة لمساهمة أجنبية، وتسريح جزء من الموظفين، كما طلبت من الحكومة إسنادها بتوفير دعم بـ100 مليون دينار لتمكينها من استئناف نشاطها بعد جائحة كورونا. وتواجه الحكومة التونسية أزمة مالية حادة، بسبب تداعيات تفشي فيروس كورونا على مختلف القطاعات الاقتصادية، ما يعرقل إمكانية دعمها للخطوط التونسية مالياً خلال هذه المرحلة.
وبدأت الشركة أول العام الحالي في تنفيذ خطة لتسريح 1200 موظف على ثلاث سنوات بكلفة 170 مليون دينار كان يفترض أن توفرها الشركة من إمكانياتها الخاصة، بعد أن عجزت الدولة عن توفير الاعتمادات اللازمة لبرنامج تأهيل الخطوط التونسية.