الحكومة المصرية تبحث عن كيفية زيادة تحويلات المغتربين المتراجعة

22 ابريل 2024
ازدواج سعر الجنيه أحد أسباب تراجع تجويلات المغتربين (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تراجع تحويلات المصريين في الخارج للعام الثاني، مما دفع الحكومة لتشكيل لجان فنية لاستكشاف بدائل تعزيز الاقتصاد وتحفيز التحويلات، بما في ذلك إطلاق مبادرات خدمية وتخفيضات ضريبية.
- الحكومة تسعى لجذب استثمارات المصريين في الخارج عبر تقديم مشروعات مهمة وتعزيز التعاون مع دول الخليج وأوروبا لاستقطاب العمالة المصرية، مما قد يعيد معدلات التحويل إلى مستوياتها القياسية.
- تواجه الحكومة تحديات في سوق العمل المحلي مثل البطالة الهيكلية وندرة الوظائف، مما يستدعي تغييرات في منظومة التعليم وتعميم مراكز التدريب لتحسين الوضع الاقتصادي وتقليل الهجرة غير الشرعية.

دفع تراجع تحويلات المصريين في الخارج للعام الثاني على التوالي، الحكومة إلى تشكيل لجان فنية للبحث عن بدائل تعيد إلى الاقتصاد زخم التحويلات التي شهدت أقصى عوائدها عام 2022، بقيمة 31.6 مليار دولار.

وأشارت وزيرة الهجرة وشؤون المصريين في الخارج، سها الجندي إلى أن الأزمة الاقتصادية والتى خلفت ازدواجاً في سعر الصرف سبّبت تراجع تحويلات العاملين المصريين في الخارج خلال الفترات الماضية، وهو ما أدى إلى التفكير فى خلق بدائل لهذه التحويلات من خلال طرح مبادرات خدمية جديدة، يتم سداد مقابلها بالدولار أسوة بمبادرتي سيارات المصريين في الخارج، وبيت الوطن في وزارة الإسكان.

وقالت الوزيرة، إن الحكومة تبحث عن مسارات بديلة للتحويلات، تشمل تقديم خدمات وتخصيص أراض ومشروعات وتخفيضات ضرائب للمصريين في الخارج، تساعدهم على توجيه أموالهم المدخرة في الخارج، والقنوات الرسمية في الداخل، في مشروعات مطلوبة من جانبهم، ومهمة للدولة، تساعد على زيادة عوائد التحويلات التي تراجعت إلى 21.3 مليار دولار عام 2023، ويتوقع تباطؤها خلال العام الجاري.

الوزيرة سها الجندي: الحكومة تبحث عن مسارات بديلة للتحويلات، تشمل تقديم خدمات وتخصيص أراض ومشروعات وتخفيضات ضرائب للمصريين في الخارج

وتوقعت الجندي في ندوة موسعة بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية، حول "الطلب في سوق العمل" بمصر ودول الخليج، عودة معدلات التحويل إلى مستوياتها القياسية، خلال الفترة المقبلة، مع ارتفاع الطلب على العمالة الماهرة بكل من السعودية والكويت والإمارات وقطر، التي تستهدف تخصصات المبرمجين، والمهندسين والعاملين في السياحة والتسويق والنقل البري والبحري.

ويرصد برنامج تحليل الطلب على الوظائف، من يونيو/حزيران 2021، اتجاهات الطلب على المهارات في سوق العمل المصري وكيفية تغيره بمرور الوقت استجابة للتطورات الاقتصادية محلياً وإقليمياً ودولياً.

ووفقاً للتقرير، يعاني سوق العمل أمام شباب الخريجين وملايين الباحثين عن فرصة عمل، ندرة الوظائف إلى البطالة الهيكلية، حيث يزيد الطلب على الوظائف مع زيادة العرض من الخريجين والعاطلين.

وأفصحت الدراسة عن "توجه خطير" بعدم تعيين حديثي التخرج من الجامعات والمدارس، في الشركات الخاصة والعامة، مبينة عدم اهتمام طالبي التوظيف بتشغيل الخريجين الحاصلين على الماجستير أو الدكتوراه، في مقابل طلب زيادة سنوات الخبرة السابقة على طلب الوظائف، مع ندرة شديدة في طلب تشغيل ذوي الاحتياجات الخاصة.

ورصدت الدراسة ربع السنوية للمركز، عودة الزخم على طلب المصريين للعمل في السعودية والكويت والإمارات وقطر، في أعمال البرمجة والإدارة والتسويق، والمحاسبة، مع تخفيف مدة سنوات الخبرة عن السوق المصري، مقابل اشتراط أن يكون الشخص حاصلاً على مؤهل عال.

كما أظهرت التحليلات عدم رغبة طالبي العمل المصريين والخليجيين، في تشغيل خريجي المدارس الفنية والمتوسطة، وتفضيلهم توظيف الحاصلين على المؤهلات العليا، وإن كان العمل لا يحتاج إلى مؤهل عال.

يعاني سوق العمل أمام شباب الخريجين وملايين الباحثين عن فرصة عمل، ندرة الوظائف إلى البطالة الهيكلية، حيث يزيد الطلب على الوظائف مع زيادة العرض من الخريجين والعاطلين

وقالت الوزيرة، إن الحكومة تسعى إلى تعميم مراكز التدريب من أجل التوظيف وربط الدراسة بسوق العمل، مشيرة إلى بروز اتجاه متزايد للتعاون مع عدد من الدول، خاصة الأوروبية التى تعاني فجوة ديموغرافية وتهتم باستيراد العمالة المصرية، وتوظيفها في الحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية، وزيادة القدرة التنافسية للعمالة المصرية، على غرار ما تفعله الصين والهند والفيليبين. 

ونفت الجندى، وجود رغبة لدى دول الخليج في الاستغناء عن العمالة المصرية، مؤكدة أن جولتها الأخيرة في السعودية أظهرت حاجة تلك الدول، إلى استقطاب عمالة مدربة على مستوى عالٍ ورغبة السعودية في تكرار تجربة المركز المصري الألماني لتدريب العمالة من أجل السفر إلى ألمانيا.

وأشارت الوزيرة إلى رجوع نحو مليون عامل مصري من السعودية أثناء جائحة كوفيد 19، مع استمرار نحو مليوني مصري يعملون بكل التخصصات والمهن في المملكة حتى الآن. 

موقف
التحديثات الحية

وذكرت الوزيرة إلى انتشار سماسرة من الدول الأوروبية والمملكة المتحدة يسعون لاجتذاب الأطباء والممرضين المصريين للسفر، لحاجتهم الشديدة إلى تلك الفئات، ورغبة كل من إيطاليا وهولندا وبلجيكا وإنكلترا والسعودية، في الحصول على العمالة المدربة، للعمل بصفة دائمة، وطلب العمالة الموسمية فى مجالات الزراعة والمقاولات والتشييد. وتناول الخبراء أزمة البطالة باعتبارها من أهم الأسباب التي تدفع الشباب إلى الهجرة غير الشرعية، خاصة من أطفال أسر مغرقة في الفقر.

من جانبه، ذكر السفير إسماعيل خيرت مساعد وزير الخارجية للشؤون القنصلية والمصريين في الخارج، أن أهم التحديات التي تواجه العمالة المصرية في الخارج، يتمثل في توطين الوظائف، خاصة فى دول الخليج، معترفاً بأن الأجهزة الحكومية لا تملك أية إحصائيات جيدة عن العمالة في الخارج، مع تعرض كثير من المصريين للمشكلات والسجن في الدول المستجلبة لهم، لغياب الوعي بالقوانين الحاكمة للمجتمع وقواعد العمل.

وبيّن خيرت أن الطلب على كمية العمالة ونوعيتها بدول الخليج يتغير بين مرحلة وأخرى، فبعد أن اقتصر الطلب لفترة طويلة على المدرسين والأطباء أصبح متجهاً إلى المبرمجين والعاملين في قطاع السياحة والنقل الجوي والبحري.

مساعد وزير الخارجية للشؤون القنصلية والمصريين في الخارج: الأجهزة الحكومية لا تملك أية إحصائيات جيدة عن العمالة في الخارج

وحذر خيرت من تفاقم مشكلة الهجرة غير الشرعية، حيث تغامر بعض الأسر، بدفع الشباب ومنهم القصر، نحو السفر إلى أوروبا بحراً في "رحلة الموت"، أملاً في تحسين وضعهم الاقتصادي، ويتعرض أغلبهم للغرق، مؤكداً القبض على ما بين  500 – 1000 شاب شهرياً أثناء محاولتهم الهجرة غير الشرعية عبر الشواطئ الليبية. 

وأكدت الدراسة الميدانية استئثار العاصمة بما فيها مدينتا القاهرة والجيزة، بنحو 88% من فرص العمل المتاحة لطبقة المديرين وذوي الياقات البيضاء، مع تركزها في مناطق القاهرة الجديدة والمعادي ومصر الجديدة، بنسبة 75%، مع تراجع فرص العمل من المنزل، التي انتشرت عقب انتشار وباء كوفيد 19 عام 2020، لتبقى في الربع الأول من العام الجاري، في حدود 4% من فرص العمل المتاحة أمام طالبي العمل، مع رغبة 95% من الشركات السعودية التي تعمل على توظيف مصريين عن بعد، في أعمال البرمجة والإدارة وخدمة العملاء وانتقال موظفيها إلى مقراتهم بالمملكة.

ووصفت مدير المركزي المصري، عبلة عبد اللطيف، عدم الاعتداد بالمؤهلات المتوسطة في مهن فنية لذوي الياقات الزرقاء، تعكس تدني نوعية التعليم وعدم اعتراف أصحاب الأعمال بمخرجاته.

وبينت نتائج تحليل الطلب على وظائف ذوي الياقات الزرقاء أن الاقتصاد المصري ينتج نصف الوظائف الفنية لذوي الياقات الزرقاء خلال العامين الماضيين، في حين تمثل الوظائف الصناعية 10% فقط في المتوسط من إجمالي إنتاج الوظائف في الدولة.

وتظهر النتائج تزايد إنتاج الوظائف الصناعية باستمرار منذ بداية 2023 بعد تراجع متواصل عام 2022، مع تعافي القطاع السياحي نسبياً خلال النصف الأول من 2023، ثم تراجعه مرة أخرى في الربع الثالث 2023 قبيل العدوان الإسرائيلي على غزة. وتشترط 38% على الأقل من الوظائف، حصول طالب الوظيفة على تعليم عالٍ.

وسجل التحليل ارتفاع إنتاج الوظائف الجديدة لذوي الياقات البيضاء بنحو 22 ألف وظيفة،  مقارنة بالربع السابق الذي سجل نحو 19 ألفاً، مع تراجع إنتاج الوظائف الجديدة، بقوة بداية من الربع الرابع 2022 حتى الربع الثاني 2023 أعقبه عودة إلى الارتفاع.

تحليل غير رسمي يرصد وجود فرص عمل متاحة أمام المصريين ذوي الياقات البيضاء في دول الخليج ، خاصة بدولة الإمارات والسعودية

ورصد  التقرير استمرار المركزية الشديدة بإنتاج الوظائف، باستمرار للربع التاسع على التوالي، حيث يتركز 87% من إنتاج الوظائف في العاصمة.

وجاء قطاع خدمة العملاء ودعمهم الأكثر إنتاجاً للوظائف بنحو 30.1% من وظائف المنتجة  في الدراسة، وسجلت قطاعات تطوير البرمجيات والمبيعات والتجزئة تراجعاً مستمراً، مع ارتفاع شبه مستمر في وظائف الهندسة المدنية والمعمارية، واستقرار المحاسبة والتمويل.

كما رصد التحليل وجود فرص عمل متاحة أمام المصريين ذوي الياقات البيضاء في دول الخليج ، خاصة بدولة الإمارات والسعودية، مع ظهور فرص للعمل في الخليج على مواقع التوظيف المصرية لأول مرة منذ أكثر من عامين، ومثلت 40% من الوظائف المصرية المتاحة أمام طالبي العمل في الربع الأول من العام الجاري2024. 

موقف
التحديثات الحية

وأظهرت نتائج التحليل أن الفرص المتاحة للوظائف فى دول الخليج تتطلب العمل من داخل الدولة طالبة التشغيل، وتنحصر 75% من الوظائف بها في ثمانية مجالات تشمل، تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، إدارة الأعمال، الهندسة المدنية والمعمارية، المحاسبة والمالية، تطوير الأعمال، اللوجستيات.

ويعتبر مجال تكنولوجيات المعلومات والاتصالات الأكثر إنتاجاً لوظائف  المصريين في السعودية والثاني بالإمارات وقطر والخامس في الكويت. وتعد دول الخليج الأكثر طلباً لمستويات الخبرة الأعلى للراغبين في الالتحاق بفرص العمل بها.

يعتبر مجال تكنولوجيات المعلومات والاتصالات الأكثر إنتاجاً لوظائف  المصريين في السعودية والثاني بالإمارات وقطر والخامس في الكويت

وأوضحت الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز، أن نتائج التحليل تظهر تراجع مهارات العمالة خاصة الخريجين، بما يتطلب تغييراً هيكلياً ومؤسسياً في منظومة التعليم بالكامل واتخاذ خطوات جادة من الحكومة للحفاظ على الكفاءات من الشباب في قطاع البرمجيات الأكثر تدريباً خلال فترة الدراسة، وطلباً في السوق المحلي والعالمي.

وقالت الرئيس التنفيذي للموارد البشرية في البنك الأهلي المصري، حنان الشيخة، إنه على مدار ثلاث سنوات بفترة التحليل  يظهر تراجع مهارات الخريجين، وهو ما يتطابق مع الواقع تماماً، إذ لم يعد الخريج مؤهلاً لسوق العمل سواء من الناحية المهنية أم المهارات الحياتية، باستثناء خريجي تكنولوجيا المعلومات، مؤكدة ضرورة وجود وقفة لتأهيل خريجي الجامعات إلى متطلبات سوق العمل.

المساهمون