الحظر يغير ملامح رمضان والفطر في إسطنبول... ماذا لو لم يكن؟

15 مايو 2021
كورونا يلقي بظلاله على أجواء العيد في إسطنبول (Getty)
+ الخط -

خلال عيد الفطر، تحاول الكثير من العائلات استغلال المناسبة للاجتماع، والقيام بجولات في أماكن ذات روحانية عالية. تختلف المدن في كيفية الاحتفال بالعيد وكذلك في استقبال رمضان، بسبب الاختلاف في العادات والتقاليد، إلا أن القاسم المشترك الذي يجمع غالبية العواصم الزينة والأنوار التي تبهر الناظرين، ما يجعل السكان يعيشون تجربة استثنائية. 
صحيح أن لكل مدينة طقوسها الخاصة، لكن عيد الفطر وكذلك صيام شهر رمضان تحديداً في مدينة إسطنبول التركية، كانت لهما مكانة أخرى، سواء من خلال التراتيل الدينية التي تعلو من المساجد، أو من خلال المطاعم والمقاهي التي تقدم أطباقاً خاصة بالشهر الكريم. إلا أن انتشار فيروس كورونا هذا العام غيّر هذا الواقع. ولكن ماذا لو لم يكن الحظر مفروضاً في هذه المدينة التركية؟ كيف كانت ستكون أجواء رمضان والفطر؟ 

إسطنبول تتلألأ
بعدما كانت منارة العالم الإسلامي لقرون ماضية، خاصة أثناء الخلافة العثمانية، تعتبر إسطنبول اليوم واحدة من أهم المدن التي تتميز بطقوس احتفالية مميزة لشهر رمضان وعيد الفطر.

لا شك في أن احتواء إسطنبول على عدد كبير من المساجد، جعل الأجواء الرمضانية لها طابع خاص. من أهم هذه الطقوس إنارة المآذن بعد أذان المغرب إلى حلول الفجر، وتُسمى هذه العادة بـ "المحيا"، والتي تعطي صورة فنية رائعة لشكل المآذن التي يفوق عددها 100 مأذنة، وهذا ما لم يغيره الحظر.

 

ومن الطقوس الأخرى التي كان لا يمكن تفويتها قبل انتشار كورونا، استضافة المساجد للصغار بعد أذان العصر، لتعليهم أصول الدين والفقه، وتعليمهم الأناشيد التراثية، إذ كانت المساجد تضج في هذه الفترة بأصوات الصغار وهم ينشدون التراث التركي القديم. وما إن يحين وقت الإفطار حتى تستعد المدافع في الساحات العامة لإطلاق الطلقات النارية، وهي عادة درجت عليها تركيا منذ الحقبة العثمانية.

بورصة وثقافتها
تعد بورصة من الوجهات المثالية التي كان يتوجه إليه الناس وضمناً السياح خلال شهر رمضان وعيد الفطر، نظراً لما تمتع به من أجواء إسلامية مفرحة. قبيل بدء شهر رمضان، يبدأ السكان بإعداد بعض الأطباق أو كما يطلق عليها اسم المونة الرمضانية، فترى النساء في الأسواق يتبضعن كل ما يمكن تخزينه للشهر الكريم.

كما تتميز بورصة، عن غيرها من الأماكن التركية، بمشاركة السكان وأهالي الأحياء في تزيين الشوارع، وهي عادة، يقوم بها الأطفال والكبار قبل يوم أو يومين من بدء الشهر الكريم.

تتميز بورصة باحتوائها على الكثير من المساجد ذات العمارة الإسلامية-التركية، والتي تفتح أبوابها من أذان الظهر حتى ساعات الفجر الأولى. تستضيف المساجد حلقات تراثية وفنية إسلامية، وتختص بعض الحلقات الثقافية في تعريف السكان بالتقاليد القديمة لإحياء شهر رمضان، كحياكة الثياب الحريرية للأطفال، كهدية رمزية يتم تقديمها في أيام العيد، أو حتى الاستمتاع بحلقات فن الدراويش.
المأكولات الشهية
صحيح أن المائدة الرمضانية وتلك التي توضع خلال عيد الفطر تبدو مختلفة نوعاً ما عن باقي أيام السنة، نظراً  لتنوعها وغناها، وعلى الرغم من هذا الغنى، إلا أن الكثير من العائلات تفضّل تذوق مأكولات لا تتم صناعتها أو تحضيرها إلا خصيصاً في شهر رمضان، ومنها أطباق الحلويات المغطاة بالقشطة والمكسرات، والتي تشتهر بها إسطنبول خلال رمضان.

بعد صلاة العشاء، تحاول الأسر الاستمتاع بالأجواء الفرحة، من خلال التجول في الأسواق  الشعبية التراثية، وتناول المخبوزات التركية، ومن أبرزها "بيدا"، ومن ثم الاستراحة عند بائعي الحلويات، لتناول أطباق الكنافة والبقلاوة والقطايف. إلا أن انتشار كورونا وإجراءات منع التجول غيّرا هذه العادات.

وجبات السحور لا تبدو أقل أهمية من الإفطار، حيث كانت تفتح المحال والمطاعم أبوابها حتى وقت السحور، لتحضير الخبز الخاص برمضان، وهو أشبه بفطائر تكون إما سادة أو محشوة بالجبن أو البطاطا.

الأسواق الشعبية
كانت الأسواق الشعبية تستقبل المواطنين بعد صلاة التراويح، حيث تكون المحال التجارية قد فتحت أبوابها وتستمر إلى ساعات الصباح الأولى.

خلال النصف الأول من الشهر، تكون الأسواق التجارية، خاصة البازارات، مكاناً للتنزه والترفيه، ولكن في النصف الثاني من الشهر، تتحول إلى مكان أشبه بخلية النحل، استعداداً لقدوم العيد، لكن كل هذه الأجزاء اختلفت اليوم في ظل انتشار كورونا.

أسواق
التحديثات الحية

 

وما كان يجعل فرصة زيارة البازارات استثنائية ومميزة هو إحياء العادات القديمة التي كانت تشتهر بها الخلافة العثمانية، ومن أبرزها، تجول الدراويش في الشوارع والأحياء. أما عند منتصف الليل، فيجول "الطبال" في الأحياء والحارات. وعلى وقع طبلته، وصوته الرنان، يستيقظ السكان، لتناول السحور. 

المساهمون