عاد شبح الجفاف ليخيم على الجزائر مع ارتفاع درجات الحرارة إلى ما فوق عتبة 50 درجة مئوية، وعادت معه أنظار المزارعين لتتوجه إلى السماء، فيما تتخبط مشاعرهم بين خوف من تواصل مسلسل الجفاف، وتفاؤلٍ بنهاية كابوس شح الأمطار الذي أرق الفلاحين منذ قرابة شهرين، وسط تذمرهم من ضعف المساعدات الحكومية، وخوفهم من تضرر المحاصيل الموسمية، خاصة الخضر والفواكه، وضياع موسم حرث الأراضي المخصصة للقمح بعد نهاية حملات الحصاد.
ويهدّد نقص المياه ملايين الهكتارات بالتشقق والبوار، خاصة مع انطلاق موسم الحرث بالنسبة لمحاصيل القمح والشعير، وينتظر مزارعو الجزائر أسابيع "الفصل" بعد أن باتت المحاصيل مهددة بنقص الأمطار، التي انحبست منذ مايو/أيار المنصرم، ما يقلص من آمال نجاح موسم حصاد وافر يعوض المزارعين ما تكبدوه من خسائر خلال الأعوام الماضية بسبب الجفاف أيضاً.
وقال محمود غوماري، رئيس غرفة الزراعة بولاية المسيلة (300 كم جنوب العاصمة الجزائرية)، لـ"العربي الجديد"، إن "منسوب المياه انخفض بنسبة كبيرة مع بداية فصل الصيف في محافظات الهضاب العليا (وسط البلاد) التي تتميز بجغرافيا شبه صحراوية، كما لا تصل مياه الري إلى جميع الأراضي المزروعة خاصة مزارع القمح المنتشرة في المنطقة".
وأضاف المسؤول أنه تلقى العديد من شكاوى المزارعين الذين اضطر الكثير منهم لشراء صهاريج المياه لإنقاذ محاصيلهم من البوار. وينتظر المزارعون الأمطار الموسمية التي تتساقط كل سنة في بداية شهر أغسطس/آب إلى مطلع سبتمبر/أيلول بفارغ الصبر، بالرغم من عدم تسجيل مصالح الأحوال الجوية الجزائرية أي تساقط محتمل في الأسابيع القادمة على الأقل، فيما تشير توقعات إلى استمرار موجات الحر إلى غاية منتصف الشهر المقبل.
ولجأ عدد من المزارعين إلى حيل مختلفة لإنقاذ زراعتهم، منها استخدام ماكينات سحب المياه أو شراء صهاريج المياه كما هو حال المزارع عمور الهادي، الذي كشف لـ "العربي الجديد" أنه "اضطر إلى شراء 4 صهاريج أسبوعيا سعة كل واحد 3 آلاف ليتر لسقي الأراضي التي حرثها ورمى فيها أول بذور القمح بعد الحصاد، ما يكلفه قرابة 12 ألف دينار أسبوعيا (95 دولارا) وذلك بعدما رفضت شعبة الزراعة في محافظة الجلفة (400 كم جنوب العاصمة) منحه عتاد الري بحجة عدم امتلاكها العتاد".
وهو ما اعتبره المزارع "غير معقول، بل يتحججون بعدم وجود العتاد حتى يحصلوا على رشوة، وهو المشهد الذي يتكرر كل سنة". وقدر الأمين العام للاتحاد العام للمزارعين الجزائريين عبد اللطيف ديلمي "نسبة المساحات المتضررة من الجفاف وانتشار التشققات بنحو 65 في المائة من المساحات المزروعة، فيما تنخفض هذه النسبة إلى نحو 40 في المائة في المحافظات التي تقع فيها سدود كبيرة".
وأضاف ديلمي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "نسبة الأضرار مرشحة للوصول إلى أرقام كارثية إذا لم تشهد البلاد أمطاراً خلال الأيام القادمة، ما يهدد إنتاج الجزائر من القمح وكذا المحاصيل الموسمية. واعتبر أن الحكومة تتفرج على المزارعين وهم "يموتون ببطء" في وقت تنفق قرابة ملياري دولار لاستيراد الحبوب من قمح وشعير وذرة".