الحرب تخرّب النفط السوداني: خسائر بـ5 مليارات دولار

الحرب تخرّب النفط السوداني: خسائر بـ5 مليارات دولار

08 مارس 2024
تحصل الخرطوم على عوائد جراء نقل نفط جنوب السودان (فرانس برس)
+ الخط -

يواجه قطاع النفط في السودان وجنوب السودان تهديداً خطيراً بسبب وقف تدفّق الشحنات إلى الخارج وعمليات التكرير، وسط الحرب المستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حالياً.

وفقد السودان حوالي 210 آلاف برميل من الخام، نتيجة تخريب مستودع الخام بمصفاة الجيلي في الخرطوم، وقدّر وزير النفط السوداني، محيي الدين نعيم محمد سعيد، في حديث للوكالة السودانية الرسمية للأنباء "سونا"، حجم الدمار الذي لحق بقطاع الطاقة والنفط بـ5 مليارات دولار.

ويلعب قطاع النفط دوراً مهماً في الاقتصاد السوداني، حيث يعتبر مصدر الدخل الأساسي للبلاد، نظراً لامتلاكها موانئ عدة على البحر الأحمر، وهو ما يسهّل عمليات التصدير إلى الخارج. ويُنتج السودان نحو 60 ألف برميل نفط يومياً، بعد انفصال جنوب السودان، وحيازة الدولة الجديدة نحو ثلاثة أرباع الإنتاج النفطي.

وتمتلك دولة جنوب السودان ثالث أكبر احتياطيات نفطية في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء، لكنها تعتمد على السودان الذي انفصلت عنه في عام 2011، لبيع نفطها عبر شبكة خطوط الأنابيب ومصافي التكرير والموانئ.

وقال مسؤولون من جنوب السودان إن قطاع النفط والاقتصاد في جنوب السودان تعطّلا بشكل كبير بسبب الحرب في السودان. 

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

وبسبب تخريب في خط أنابيب النفط في الخرطوم الذي ينقل صادرات نفط جنوب السودان إلى ميناء بورتسودان على البحر الأحمر، وأُلغيَت حمولة شحن واحدة على الأقل تبلغ 600 ألف برميل من النفط، بسبب عطل خط الأنابيب.

وتصاعدت حدة التوترات العسكرية في السودان أخيراً، ما أدى إلى تدمير مصفاة الجيلي، أكبر مصفاة نفط في السودان، وإلى إعادة توجيه 28 ألف برميل يومياً، بعيداً عن المصفاة إلى بورتسودان.

وتهدد الحرب الدائرة حالياً بوقف العمليات النفطية، وتعطيل تدفقات الخام الذي يُعَدّ شريان الحياة لجنوب السودان.

وأشار وزير النفط السوداني إلى تدني الإنتاج النفطي طوال هذه الفترة، ما أدى إلى فقدان حوالي سبعة ملايين برميل من خام النفط.

ويأتي تخريب خط الأنابيب وسط الحرب المستمرة في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ويعتمد جنوب السودان على خطوط الأنابيب والمصافي السودانية، فضلاً عن ميناء بورتسودان على البحر الأحمر، لتصدير 150 ألف برميل من النفط يومياً.

وبدأت صادرات جنوب السودان النفطية بالانخفاض وسط الحرب في السودان والوضع في البحر الأحمر.

وبلغت الصادرات النفطية من محطة بشاير النفطية الواقعة على ميناء البحر الأحمر، أدنى مستوى لها منذ 11 شهراً عند 79 ألف برميل يومياً في فبراير/ شباط. ويُصدَّر نفط السودان وجنوب السودان عبر محطة بشاير.

ويعتمد جنوب السودان بشكل كبير على النفط كمورد رئيس. وأشار البنك الدولي في تقرير صدر عام 2022 إلى أن البترول يشكل 90% من إيرادات البلاد وجميع صادراتها تقريباً.

ويكشف الاستهداف لقطاع النفط عن خريطة مسار الحرب في الفترة المقبلة، حيث تتركز على مسارات مرتبطة بوصول النفط من مصفاة بورتسودان وإليها، وإلى المناطق الأخرى.

وتوقع خبراء اقتصاد أن تزداد المخاطر الاقتصادية على البلدين مع استمرار تفاقم الأزمة، وعدم وضوح الرؤية الخاصة بشأن حلّ هذا النزاع العسكري.

وقالوا إن استمرار النزاع وتوسّع دائرة الحرب سيؤديان إلى تداعيات حادة على سلاسل الإمداد السودانية، وبالتالي ستؤثر في جميع مؤشرات الاقتصاد الكلي بالبلدين.

وقال الخبير النفطي، بابكر مصطفى، إن السودان يستفيد من النفط الذي تنتجه جارته الجنوبية، إذ تحصل الخرطوم على عوائد جراء نقل نفط جنوب السودان الذي يقدَّر حجمه بحوالي 150 ألف برميل يومياً.

وأضاف أن الاقتتال الحالي أعاق الروابط اللوجستية وأنابيب النقل بين حقول النفط في جنوب السودان، حيث تقع معظم منشآت تخزين النفط الخام والمنتجات المكررة في السودان في ميناء بشاير بشرق السودان، الذي يحتوي على محطة تخزين بسعة 2.5 مليون برميل يومياً، وأخرى للتصدير والاستيراد بسعة تكرير بنحو 1.2 مليون برميل يومياً.

وحصل السودان بعد الانفصال على رسوم نظير عبور نفط دولة الجنوب، عبر خطوط الأنابيب إلى التصدير، وفق الاتفاقية الموقعة بين البلدين عام 2012.

وقال الخبير الاقتصادي، محمد الناير، لـ"العربي الجديد"، إن استمرار استهداف المنشآت النفطية ينذر بكارثة أخرى، في ظل انخفاض قيمة الجنيه السوداني والتضخم الكبير في البلاد ونقص إيرادات الدولة. 

وأضاف: ستظهر قريباً أزمة وقود وإمداد في البلاد، مشيراً إلى أن السودان كان يستورد حوالي 40% بالمائة من احتياجاته النفطية، ومع تدهور الأوضاع الاقتصادية ستواجهه معضلة في الاستيراد، في ظل انفلات أمن البحر الأحمر.

وقال الناير إن المرحلة القادمة تتطلب تأمين المنشآت النفطية بشكل كامل حتى لا يفقد السودان ما يُنتَج محلياً، ويلجأ إلى استيراد الكميات التي يحتاجها بالكامل من الخارج، ما يشكل ضغطاً على النقد الأجنبي، وذلك لأن توقف مصافي النفط يُعَدّ أحد أسباب تراجع قيمة الجنيه السوداني نتيجة استيراد الوقود.

وتعرّض حقل بليلة النفطي، الواقع غربي البلاد، لتخريب، وتُقدَّر احتياطاته بنحو 1.3 مليون برميل، وينتج خام النفط الثقيل لتغذية مصفاة الخرطوم التي كانت توفر معظم احتياجات البلاد من المشتقات النفطية.

وتراجع إنتاج السودان من النفط بعد انفصال جنوب السودان عام 2011، من 450 ألف برميل يومياً إلى 60 ألف برميل يومياً، ما دفع البلد إلى استيراد أكثر من 60 % من احتياجاته النفطية.

المساهمون