الجزائر: قفزات في الأسعار رغم التدابير الحكومية

الجزائر: قفزات في الأسعار رغم التدابير الحكومية

11 مارس 2024
قفزة في أسعار الخضروات والفواكه (Getty)
+ الخط -

ما كان يخشاه الجزائريون في مثل هذا الموسم حدث هذه السنة أيضاً، رغم المساعي الحكومية الحثيثة لوقف الغلاء.

إذ سجلت أسعار المواد واسعة الاستهلاك قفزات كبيرة، فاقت المائة بالمائة على بعض الأنواع، ما فاقم أزمات المواطنين رغم طمأنات الحكومة المتواصلة بإغراق السوق بمختلف المواد لكبح جشع المضاربين.

في أسواق الجزائر العاصمة مع دخول موسم رمضان، عرفت أسعار الخضر والفواكه واللحوم ارتفاعاً جنونياً، حيث قفزت أسعار اللحوم الحمراء من 1800 دينار (13.3 دولارات) للكيلوغرام الواحد من لحم الخروف، إلى 2200 دينار (16.29 دولاراً).

وارتفعت أسعار الخضر، حيث قفزت أسعار البطاطا -على سبيل المثال- من 50 ديناراً إلى 70 ديناراً للكيلوغرام.

ويحلّ شهر رمضان لسنة 2024 على الجزائر، في وقت تترنح فيه القدرة الشرائية للمواطن بفعل انهيار قيمة العملة المحلية (الدينار)، بعدما فقد بريقه مقابل العملات الأجنبية الكبرى، فيما يطاول التضخم أغلب السلع، ولا سيما الأساسية.

"كلّ شيء زاد ثمنه إلا مدخول (مداخيل) الجزائريين"، كما يقول المواطن عبد الرزاق بركاوي الذي التقته "العربي الجديد" في سوق "الحراش" الشعبي شرقيّ العاصمة الجزائرية.

وأضاف: "هذا كثير، قالوا لنا إنه لن تكون هناك زيادات في الأسعار، والعكس هو الذي وقع، أصحاب "الجيوب الصغيرة" لن يستطيعوا شراء أي شيء".

التذمر نفسه كان في كلام المتقاعد عمار معتوق، الذي تساءل في حديث مع "العربي الجديد": "أين الرقابة؟ كل شيء في السوق سعره مرتفع، المواطن لم يعد يعرف ماذا يشتري وماذا يأكل، والحكومة لا تهتم لحالنا". 

تقاذف للمسؤولية 

ومثل كل مرة، يتقاذف التجار "كرة" المسؤولية حول ارتفاع الأسعار. فتجار الجملة يبرئون ذمتهم بتوافر العرض، وتجار التجزئة يردون بتحميل تجار الجملة الغلاء، بل يتهمونهم بالمضاربة في الشهر الكريم.

إلى ذلك، أكد رئيس الجمعية الجزائرية للتجار والحرفيين، الحاج الطاهر بولنوار، بأن "الأسواق الجزائرية شهدت ارتفاعاً متوسطاً في الأسعار لزيادة الطلب واستقرار العرض في أسواق الجملة، ولا سيما بالنسبة إلى الخضر والفواكه".

وأضاف بولنوار لـ"العربي الجديد" أن "أسعار الخضر والفواكه وكل أنواع السلع الاستهلاكية ستعرف تراجعاً ملحوظاً يزيد على الـ50% بداية من اليوم الرابع أو الخامس من الشهر الكريم، وذلك بسبب بداية تراجع مستوى الطلب والتهافت على الأسواق".

واعتبر بولنوار أن "أسواق الرحمة" التي قررت الحكومة فتحها، وستكون من المنتج إلى المستهلك مباشرة، ليست كافية لكسر المضاربة وضمان استقرار الأسواق، مؤكداً أهمية تعميمها عبر كل البلديات في شكل أسواق شعبية، لحماية القدرة الشرائية للمواطنين، ومحاربة أي تلاعبات من قبل المضاربين". 

تدابير حكومية 

كانت الحكومة قد كثفت حملات طمأنة المواطنين، في الوقت الذي تلوّح فيه بالتصدي للتجار الذين يسعون لتسويق منتجات بأسعار مرتفعة في ظل زيادة حركة الطلب على المعدلات الطبيعية في موسم الصيام، وذلك تفادياً لسيناريو "رمضان 2022" الذي شهد أكبر موجة غلاء في تاريخ الجزائر.

وتقول الحكومة إنها بدأت بتقييم ملف تموين السوق المحلية وتتبّع مستوى أسعار المواد واسعة الاستهلاك، وتبحث سبل تعزيز التنسيق بين مختلف الهيئات التي تعود إليها حماية المستهلك.

وقررت الحكومة فتح باب استيراد اللحوم الحمراء والبيضاء، بعد تجميد دام لأكثر من 7 سنوات، مع تحديد أسعارها مُسبقاً، بعد تخفيض الرسوم الجمركية والضريبية المطبقة على عمليات استيراد هذه المنتجات، على أن يسوّق لحم البقر بـ 1200 دينار للكيلوغرام الواحد.

وفي السياق، أكد مدير التنظيم وتطوير الإنتاج الزراعي بوزارة الفلاحة، عبد الحكيم زرواط، أنه استعداداً لشهر رمضان، "اتخذت الحكومة جميع الإجراءات اللازمة لتوفير جميع المواد الأساسية، بخاصة الفلاحية والغذائية، كالحبوب والحليب والخضر والفواكه، بالإضافة إلى اللحوم البيضاء والحمراء".

وبخصوص اللحوم، كشف زرواط في حديث مع "العربي الجديد" عن أنّ "الحكومة سمحت باستيراد اللحوم الحمراء والبيضاء المُجمدة، وعجول التسمين (عجول تستورد حيّة وتسمّن داخل البلاد) للقطاع الخاص وديوان اللحوم الحمراء الحكومي، بدءاً من شهر فبراير/ شباط الماضي، ما سيسمح بضخّ كمية تقدَّر بـ 55 ألف طن من اللحوم الحمراء في السوق الوطنية، ستساهم في ضبط السوق أكثر، وبالتالي جعل اللحوم في متناول الجميع".

وأضاف أنّ "الجزائر تنتج كميات معتبرة من اللحوم تبلغ 10 ملايين قنطار، منها 5 ملايين قنطار من اللحوم الحمراء، و5 ملايين قنطار من اللحوم البيضاء، وخلال شهر رمضان هناك تدابير خاصة من قبل دواوين اللحوم لتموين السوق وضخّ كميات إضافية مستوردة في نقاط التوزيع التي سيرتفع عددها إلى 150 نقطة مع بداية رمضان، لتخفيف ضغط الطلب على المنتج المحلي".

المساهمون