ضاعف الركود الاقتصادي التي عاشته الجزائر في السنوات الأخيرة، هاجس الإفلاس لدى الآلاف من الشركات الجزائرية الناشطة في مجال البناء والمقاولات، حيث وجدت نفسها في ضائقة مالية، بالرغم من سير الحكومة على نهج إرخاء الحزام وفتح كماشة التقشف ومضاعفة الإنفاق العام.
"حالة الركود التي مست المقاولات الصغيرة والمتوسطة بدأت منذ 2016، مع اشتداد الأزمة المالية وفرض الحكومة آنذاك لسياسة شد الحزام، إلا أن الوضعية زادت تعقيدا في السنوات الأخيرة، وتحديداً من بداية 2019، مع تداعيات الحراك الشعبي وبعدها الجائحة الصحية"، حسب ما قاله مسير شركة مختصة في البناء والأشغال العامة، حسن بلهومة.
وأضاف بلهومة لـ "العربي الجديد": "انعدام المشاريع بات يهدد مستقبل شركتي، فحتى المشاريع القليلة التي أنجزتها السنة الماضية لم أتلق بعد مستحقاتها"، موضحاً أن أربع فواتير له تنتظر الدفع منذ يونيو/ حزيران 2022، منها المتوقفة عند وزارة النقل وأخرى أبرمت مع بلديات".
وتابع: يجب معرفة حقيقة أخرى، وهي تخوف المسؤولين من تحمل مسؤولية منح الصفقات والمشاريع، مع ما تعيشه الجزائر من محاربة للفساد، فالكل بات يعطل منح المشاريع أو التوقيع على الفواتير خوفا من الملاحقات الإدارية والقضائية.
وبدأ الاقتصاد الجزائري يتفاعل مع ارتفاع عائدات النفط، ووضع الحكومة لأكبر موازنة في تاريخ البلاد، بقرابة 98 مليار دولار، وهو ما أظهر بصيصا من الأمل في نفق أزمة مقاولات الجزائر.
وعاشت القطاعات الاقتصادية مرحلة صعبة، بين 2019 و2022، دخلت فيها الشركات مرحلة الإنعاش، بعد انكماش معدل النمو جراء تواصل تجميد الإنفاق العام من قبل حكومة.
وكان قطاع البناء والأشغال العامة أكثر القطاعات تضرراً من استمرار الركود الاقتصادي في الجزائر، مكملاً ثلاث سنوات من الانكماش، بعد وعود بعودة النشاط إلى هذا القطاع مع ارتفاع أسعار النفط خلال عام 2022. وانعكست الأزمة بإقفال أبواب العديد من مؤسسات البناء والشركات الذي ترافق مع تسريح العديد من العمال.
وفي السياق، كشف الناطق باسم الجمعية العامة للمقاولين الجزائريين، مبارك جمال الدين لزهر، أن "1400 شركة مقاولات في مجال البناء والأشغال العامة توقفت عن النشاط، بسبب غياب مخططات واضحة، وباتت 3000 شركة أخرى معرضة للإفلاس بسبب التأخير في دفع المستحقات".
عاشت القطاعات الاقتصادية مرحلة صعبة، بين 2019 و2022، دخلت فيها الشركات مرحلة الإنعاش
وأضاف نفس المتحدث لـ "العربي الجديد" أن "التقديرات تشير إلى وجود 26 ألف شركة ناشطة في مجال البناء، في حين أبلغت الجمعية عن ضياع 125 ألف وظيفة في هذا القطاع".
وفي السياق، يحذر نائب رئيس الكونفدرالية الجزائرية لأرباب العمل، نذير بوعباس، من "تواصل الوضعية التي تعرفها الجزائر على الصعيد الاقتصادي وانعكاسها على مناخ المشاريع العقارية وبرامج البناء بالمقام الأول، بحكم أن حالة الركود المستمر يهدد المئات من الشركات الخاصة بإسدال الستار".
وأضاف نفس المتحدث لـ"العربي الجديد" أن "80 % من شركات البناء على شفا إعلان الإفلاس بسبب الصعوبات اليومية التي تعاني منها، الأمر الذي يهدد المئات من مناصب العمل المباشرة للإحالة على البطالة، فضلا عن مناصب الشغل غير المباشرة، لذلك نأمل أن تكون موازنة 2023 طوق نجاة للمقاولات، حيث قررت الحكومة بعث المشاريع الحكومية، خاصة في قطاعات السكن والتعليم والصحة والنقل، ما سيحرك مياه القطاع الراكدة".
وأكد نائب رئيس الكونفدرالية الجزائرية لأرباب العمل، أن "العديد من الشركات الأجنبية للبناء خاصة الصينية والتركية والإيطالية، حازت على المشاريع الكبرى، ونطلب من الحكومة ألا تنسى الشركات الجزائرية، كل حسب حجمها، على الأقل بمنحها مشاريع بالتراضي وتسوية مستحقاتها العالقة".