استمع إلى الملخص
- ارتفاع تكاليف الأعلاف وتأثيرها: أسعار منتجات الألبان والأعلاف ارتفعت بشكل كبير، مما زاد من معاناة المربين. عدنان النوري يشير إلى أن القيود الاقتصادية وارتفاع تكاليف الاستيراد جعلت توفير الأعلاف بأسعار معقولة صعباً.
- تأثيرات اجتماعية واقتصادية ودعوات للدعم: المهندس راشد العيس يحذر من العواقب العميقة لتراجع الثروة الحيوانية على المجتمع المحلي ويدعو المنظمات الإنسانية لتقديم الدعم. عبد الحي اليوسف يشير إلى إجراءات لدعم المربين مثل تخصيص مراعيَ وتقديم خدمات بيطرية مجاناً.
تواجه الثروة الحيوانية في محافظة إدلب، شمال غربي سورية، تراجعاً حاداً، بما يهدد مصادر الرزق لآلاف العائلات التي تعتمد أساساً في تربية المواشي، هذه الأزمة تفاقمت في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها المنطقة جراء النزاع المستمر، وارتفاع تكاليف العلف والرعاية البيطرية إلى جانب تدهور المناخ.
وفي هذا الصدد، قال لـ"العربي الجديد" محمد السليمان، أحد مربي الماشية ونازح مقيم في مخيمات قاح: "كانت تربية الأبقار والأغنام مصدر دخلي الوحيد، لكن مع ارتفاع أسعار الأعلاف، أصبح من الصعب جداً تلبية احتياجات هذه الحيوانات، لم يعد يكفي ما أبيعه من ألبان وأجبان فأضطر الآن إلى بيع بعض المواشي لتغطية تكاليف الأعلاف والرعاية الصحية للبقية". ويضيف أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، إذ أصبحت الأدوية البيطرية التي كانوا يشترونها لعلاج الحيوانات باهظة الثمن، وإذا لم يتمكنوا من توفير العلاج المناسب في الوقت المناسب، فسوف يخسرون المواشي بسبب الأمراض.
أما نوال الغزول، وهي أرملة ومربية مواش تقيم في قرية كفر يحمول، شمالي إدلب، فتقول وهي تنظر إلى قطيعها المتناقص: "بعد وفاة زوجي الذي كان يربي الأغنام والماعز أصبحت المسؤولة عن رعاية الحيوانات التي تشكل مصدر رزقنا الوحيد، ولكن مع الوقت عجزت عن تغطية تكاليف العلف". وتتابع أن الأمر لا يقتصر على الخسائر الاقتصادية، بل إن هناك جانباً نفسياً أيضاً، حيث إن "الحيوانات التي ربيناها أصبحت جزءاً من حياتنا، أجد نفسي مضطرة إلى بيع بعضها، وهو قرار صعب للغاية، أشعر أنني أفقد جزءاً من عائلتي".
في غضون ذلك، وصل سعر كيلوغرام الجبن الغنم إلى 100 ليرة تركية وكيلو جبن البقر 90 ليرة تركية، وكيلو اللبن الغنم 35 ليرة تركية والبقر 20 ليرة تركية، وذلك بعدما بلغ سعر طن الشعير الأبيض 180 دولاراً والشعير الأبرش والأسود 190 دولاراً، ولا يكفي الطن الواحد منها لعشرة رؤوس من الماشية والأغنام أكثر من عشرين يوماً بحسب مربي مواش في إدلب.
وفي السياق، قال تاجر الأعلاف عدنان النوري لـ"العربي الجديد" إن التحديات المتعلقة بالثروة الحيوانية لا تقتصر على المربين فقط، بل تشمل أيضاً تجار الأعلاف، خاصة أنهم يواجهون صعوبة في استيراد الأعلاف بسبب القيود الاقتصادية وارتفاع تكاليف الاستيراد والعبور، حتى الأعلاف التي كانوا يشترونها بأسعار معقولة أصبحت تكلف أضعافاً مضاعفة. ويضيف: "نحاول تقديم بعض التسهيلات للمربين، لكن الأمر أصبح خارج سيطرتنا، الأزمة تتفاقم يومياً، وإذا استمر الوضع على هذا النحو، فربما لا نجد حيوانات نبيع لها الأعلاف."
بدوره، المهندس الزراعي راشد العيس حذر في تصريح لـ"العربي الجديد" من عواقب تراجع الثروة الحيوانية لما له من تأثيرات عميقة على المجتمع المحلي، وقال إن العديد من العائلات اضطرت إلى بيع مواشيها بأسعار منخفضة بسبب عدم القدرة على توفير الرعاية لها، هذه الأزمة تضاعف معاناة الناس في ظل النزاع المستمر والفقر.
وأكد أن الثروة الحيوانية ليست مجرد مصدر للغذاء، بل هي جزء أساسي من الدورة الاقتصادية في المنطقة، ومع تدهور هذا القطاع، يعاني المزارعون فقدان مصدر مهم للدخل، بالإضافة إلى تراجع إنتاج الحليب واللحوم، ما يؤثر بشكل مباشر على الأمن الغذائي. وأشار إلى أن تغير المناخ يلعب دوراً سلبياً في هذه المشكلة، خاصة في السنوات الأخيرة التي شهدت فترات طويلة من الجفاف، ما أثر على توفر المراعي الطبيعية، وأجبر المربين على الاعتماد أكثر على العلف الصناعي، وهو ما رفع التكلفة كثيراً.
ويحث العيس المنظمات الإنسانية على تقديم الدعم لمربي المواشي في إدلب، ولا سيما الأعلاف والأدوية البيطرية بأسعار مدعومة أو مجاناً ، لمساعدة هؤلاء المربين في الحفاظ على مواشيهم، وإنقاذ مزيد من التراجع في هذا القطاع الحيوي.
من جانبه، قال رئيس دائرة الصحة الحيوانية في حكومة الإنقاذ عبد الحي اليوسف إن ضيق المساحات الرعوية وغلاء أسعار الأدوية البيطرية وعدم تناسب أسعار الحليب مع أسعار الأعلاف من أهم التحديات التي تواجه الثروة الحيوانية في إدلب. وأرجع أسباب ارتفاع أسعار اللحوم الكبير في الآونة الأخيرة إلى ارتفاع تكاليف التربية لدى المربين من أدوية وأعلاف وأجور مرابط، نافياً وجود أي تصدير للثروة الحيوانية إلى الخارج.
وكشف لـ"العربي الجديد" عن إجراءات متخذة من قبلهم لمساعدة المربين وتقديم سبل الدعم لهم، عبر تخصيص مساحات من أملاك الدولة مراعيَ، وتقديم الخدمات البيطرية مجاناً، وتوجيه المنظمات الإنسانية لدعم المربين بالأعلاف.