يتصدّر ملف رفع الدعم عن مواد غذائية وسلع استهلاكية المشهد اللبناني، في ظلّ الانهيار المعيشي والارتفاع الجنوني للأسعار، بعدما بات احتياطي البنك المركزي بالعملات الأجنبية في مسار انحداري مع تراجعه إلى 14 مليار دولار، في حين يبلغ الدعم الشهري للسلع بحسب مصرف لبنان ووزارة المالية ما بين 500 إلى 600 مليون دولار.
وتقول مصادر وزارة الاقتصاد لـ"العربي الجديد" إن ملف رفع الدعم ما يزال قيد البحث والدرس ولم يتخذ بشأنه أي قرار بعد، بانتظار ما ستؤول إليه الأوضاع في لبنان، إذ يمكن أن تختلف الأمور كثيراً في حال عودة الاستقرار السياسي، وتشكيل حكومة تجذب الدعم الدولي المالي للخروج من الانهيار.
ويتخوّف اللبنانيون من سيناريو رفع الدعم الذي يتجه إليه البلد وفق تصريحات العديد من المسؤولين، وهم عاجزون عن شراء الحاجات الأساسية، في ظلّ تضخّم الأسعار وارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء إلى مستويات تاريخية.
وتقول رانيا يونس، وهي أم لولدين، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحياة انقلبت رأساً على عقب، وبات الحرمان من ضمن يومياتنا، حيث إن زيارة السوبرماركت باتت محصورة بشراء المواد الغذائية والسلع الضرورية المدعومة، فيما أحرم أولادي من الكثير من المنتجات التي لا أستطيع شراءها".
وتلفت إلى أن رفع الدعم عن هذه السلع سيكون بمثابة الجحيم لأسرتها. ويشرح نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي لـ"العربي الجديد" أنه لا يمكن تقدير مخزون المواد الغذائية المدعومة، ولا سيما أنها باتت وكأنها غير مرئية في السوق نتيجة التهريب الذي ما يزال متفلتاً من دون رقابة أو إجراءات لردعه.
ويشير بحصلي إلى أن تقلبات سعر صرف الدولار اليومية دفعت أصحاب المحال الغذائية إلى إقفال أبوابها الخميس، خوفاً من النقص في البضائع، لافتاً في المقابل إلى أنه ليس هناك انقطاع للمواد الغذائية بل شح فيها، أما السكر فهو مقطوع لأنه مدعوم بالاسم، ولكنه غير موجود في السوق.
ويلفت بحصلي إلى أنه لا يمكن اليوم معرفة مسار الأسعار في حال رفع الدعم لأنه سيكون مرتبطاً بسعر الصرف صعوداً أو نزولاً، باعتبار أن المواد عند رفع الدعم سيتم شراؤها بالدولار نقداً من التجار الذين سيؤمنون العملة الصعبة تبعاً لسعر الصرف.
من جهته، يقول وسام فهد، صاحب عدد من فروع سوبرماركت فهد، لـ"العربي الجديد"، "الوضع اليوم يمكن وصفه بالكارثي، خصوصاً في ظلّ عدم تنظيم آلية توزيع المواد المدعومة، بحيث أن الطلب يتخطى العرض، والناس باتت تشتري البضائع الأرخص، في حين أنّ الدعم للأسف يهرب بأكثريته الى الخارج، ويقع تحت يد السوق السوداء".
ونتيجة الشح في المواد المدعومة، والخشية من تهريبها، تعمد بعض المحال والسوبرماركت على حدّ قول فهد إلى بيعها لزبائنها الذين تعرفهم، وبكميات طبعاً محدودة حتى يمكن أن يستفيد منها أكبر قدر من الناس، وهذا أحياناً ما يؤدي إلى حصول إشكالات بين الزبائن أو مع الموظفين. ويكشف فهد أن أكثر 4 أصناف مدعومة تواجه مشاكل اليوم هي الزيت، الرز، السكر والحليب، إذ لا يمكن للسوق أن يلبي حاجات المستهلك منها.