التفاؤل بمحادثات سقف الدين الأميركي يدعم الدولار والنفط.. والذهب يتكبد أكبر خسارة أسبوعية منذ فبراير
أشاع التفاؤل بقرب توصل السياسيين الأميركيين إلى اتفاق وشيك بشأن رفع سقف الدين، تلافيا لتعثر سداد واشنطن لديونها، ارتياحا بين المستثمرين، أدى إلى دعم الدولار والنفط في آخر أيام التداول لهذا الأسبوع، فيما تكبد الذهب أكبر خسارة أسبوعية منذ فبراير/ شباط الفائت.
في التفاصيل أن الدولار اقترب من أعلى مستوى في 6 أشهر تقريبا مقابل الين اليوم الجمعة، ودفع اليورو إلى أدنى مستوى في أكثر من 7 أسابيع، إذ أثار التفاؤل بشأن محادثات سقف الدين الحكومي في واشنطن توقعات بأن أسعار الفائدة الأميركية ستظل مرتفعة لفترة أطول.
وقال المفاوضون الديمقراطيون للرئيس الأميركي جو بايدن، اليوم الجمعة، إنهم يحرزون "تقدما مطردا" في المحادثات مع الجمهوريين بهدف تجنيب الولايات المتحدة أزمة تخلف عن سداد الديون، وذلك بعد أيام فقط من تأكيد بايدن والجمهوري كيفن مكارثي، رئيس مجلس النواب، عزمهما على إبرام اتفاق قريبا لرفع سقف الدين الحكومي البالغ 31.4 تريليون دولار.
وأدى ذلك إلى تهدئة المخاوف من تخلف كارثي غير مسبوق عن السداد، مما دفع الأسواق إلى مراجعة توقعاتها بشأن مسار أسعار الفائدة الأميركية.
وفي الوقت نفسه، أدت البيانات التي تشير إلى انخفاض عدد الأميركيين الذين قدموا طلبات جديدة للحصول على إعانات البطالة أكثر من المتوقع الأسبوع الماضي إلى زيادة التوقعات بأن مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) قد يرفع أسعار الفائدة مرة أخرى الشهر المقبل، في محاولة للسيطرة على التضخم.
وظل الدولار مرتفعا في التعاملات الآسيوية اليوم، وسجل في أحدث التعاملات 138.47 ينا، بعدما اقترب من أعلى مستوى في نحو ستة أشهر عند 138.75 مقابل الين في الجلسة السابقة، وفقا لبيانات "رويترز". ويتجه الدولار إلى تحقيق مكاسب أسبوعية بنحو 2% مقابل العملة اليابانية، في أكبر ارتفاع له منذ فبراير/ شباط.
وانخفض اليورو إلى أدنى مستوى في أكثر من 7 أسابيع عند 1.076 مقابل الدولار، بينما ارتفع مؤشر الدولار 0.07% إلى 103.57 نقاط ليقترب من أعلى مستوى في شهرين الذي سجله أمس الخميس عند 103.63 نقاط. واتجه المؤشر صوب الارتفاع للأسبوع الثاني على التوالي بنحو 0.9%.
ووفقا لأداة (فيد ووتش) التابعة لمجموعة (سي.إم.إي)، تتوقع أسواق المال حاليا بنسبة 33% أن يرفع مجلس الاحتياطي الاتحادي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس أخرى الشهر المقبل مقارنة بتوقعات بنحو 10% فقط في الأسبوع السابق.
كما خفض المتعاملون من التوقعات بشأن حجم الخفض المتوقع لأسعار الفائدة في وقت لاحق من العام الجاري، مع توقع رفع الأسعار فوق 4.6% بقليل بحلول ديسمبر/كانون الأول.
وارتفعت عوائد سندات الخزانة الأميركية على خلفية السياسة المتشددة لمجلس الاحتياطي الاتحادي في رفع أسعار الفائدة، وفي ظل زيادة الإقبال على المخاطرة. وتزيد العوائد مع انخفاض أسعار السندات. واستقرت سندات الخزانة لأجل عامين عند 4.2510%، في حين سجلت عوائد السندات لأجل عشر سنوات في أحدث التعاملات 3.6402%.
ومن بين العملات الأخرى، انخفض الجنيه الإسترليني 0.1% إلى 1.2396 دولار. وارتفع الدولار الأسترالي 0.2% إلى 0.6635 مقابل الدولار. وتراجع اليوان في كل من التعاملات داخل الصين وخارجها إلى أدنى مستوى منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي مع ارتفاع الدولار والمخاوف من تعثر التعافي الاقتصادي في الصين.
النفط
ارتفعت أسعار النفط، اليوم الجمعة، بعد انخفاضها بأكثر من 1% في اليوم السابق مع تفاؤل المستثمرين الحذر بشأن تلاشي مخاطر تخلف الولايات المتحدة عن سداد ديونها. وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 73 سنتا، أو 1%، إلى 76.59 دولارا للبرميل بحلول الساعة 06:50 بتوقيت غرينتش، كما صعد خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 62 سنتا، أو 0.9%، إلى 72.48 دولارا.
خبير الأسواق في آي.جي يب يون رونغ قال: "أعتقد أن الأسواق تستبعد مخاطر تخلف الولايات المتحدة عن سداد الديون، وهو ما يترجم إلى زيادة إقبال المستثمرين على المخاطرة".
وجدد الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس مجلس النواب كيفن مكارثي الأسبوع الجاري عزمهما التوصل إلى اتفاق قريبا لرفع سقف الدين الاتحادي البالغ 31.4 تريليون دولار، واتفقا على إجراء محادثات بحلول يوم الأحد، فيما لا تزال المعنويات متباينة، إذ يوازن المستثمرون بين التفاؤل بشأن تحاشي الولايات المتحدة أزمة تخلف عن سداد ديونها وبين بيانات التضخم التي قد تنذر بأن البنوك المركزية في العالم سترفع أسعار الفائدة.
كما يبدو أن التضخم في الولايات المتحدة لا ينخفض بالسرعة الكافية التي تسمح لمجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) بوقف تحركاته لرفع أسعار الفائدة، وفقا لاثنين من صناع السياسات الاتحاديين.
الذهب والمعادن النفيسة
في سوق المعادن الثمينة، ارتفعت أسعار الذهب اليوم، لكنها اتجهت لأكبر انخفاض أسبوعي لها في 3 أشهر ونصف الشهر، إذ أدت الآمال بأن تتوصل المفاوضات لحلٍ لأزمة سقف الدين الحكومي الأميركي وتلاشي التوقعات بخفض أسعار الفائدة بحلول نهاية العام إلى تراجع الذهب.
وزاد سعر أونصة الذهب في المعاملات الفورية 0.3% إلى 1963.39 دولارا بحلول الساعة 04:18 بتوقيت غرينتش، لكنه اتجه صوب انخفاض أسبوعي بنسبة 2.4%، هو الأكبر منذ أوائل فبراير/شباط. كما ارتفعت العقود الآجلة للذهب 0.2% إلى 1964.6 دولارا.
رئيس وحدة الاقتصاد الكلي العالمي في تيستيلايف إيليا سبيفاك قال إن الأسواق تتوقع نهاية إيجابية لمحادثات سقف الدين الحكومي الأميركي، إذ تتحدث التصريحات الجديدة عن إحراز تقدم "ومع ارتفاع عائدات سندات الخزانة والدولار في نفس الوقت يتراجع الذهب".
وانخفض مؤشر الدولار بشكل طفيف خلال اليوم، لكنه حام قرب أعلى مستوى في شهرين، مما يجعل الذهب أكثر تكلفة للمستثمرين الأجانب.
وقال اثنان من صناع السياسات في مجلس الاحتياطي الاتحادي، إنه لا يبدو أن التضخم في الولايات المتحدة ينخفض بالسرعة الكافية التي تسمح للبنك المركزي الأميركي بتعليق رفع أسعار الفائدة.
ومن المقرر أن يتحدث رئيس مجلس الاحتياطي جيروم باول في فعالية في وقت لاحق من اليوم، وسيبحث المتعاملون عن أي دلائل تشير إلى مسار السياسة النقدية.
وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، ارتفع سعر الفضة في المعاملات الفورية 0.6% إلى 23.64 دولارا. وصعد سعر البلاتين 0.3% إلى 1052.43 دولارا. وزاد البلاديوم 1.5% إلى 1474.63 دولارا.
بورصات الأسهم
إلى ذلك، صعدت الأسهم الأوروبية اليوم، ودفعت المؤشر داكس الألماني نحو مستويات قياسية مرتفعة، وذلك بدعم من مؤشرات على إحراز تقدم في مفاوضات سقف الديون الأميركي. وتقدم المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 0.4% بحلول الساعة 07:08 بتوقيت غرينتش، ويتجه لإنهاء الأسبوع مسجلا مكاسب ضئيلة. وحققت أسهم شركات التعدين والخدمات المالية أكبر المكاسب بين القطاعات الأوروبية.
وارتفع المؤشر داكس الألماني 0.3% بعدما أنهى الجلسة أمس الخميس عند أعلى مستوى في 2023. ويبعد المؤشر الآن أقل من 100 نقطة عن أعلى مستوياته على الإطلاق البالغ 16290.19، والذي سجله في نوفمبر/تشرين الثاني 2021. وحقق المؤشران ستاندرد أند بورز وناسداك في وول ستريت أقوى مستوى إغلاق في أكثر من 8 أشهر أمس الخميس، مدعومين بالتفاؤل المتزايد إزاء إمكانية التوصل لاتفاق بخصوص سقف ديون الولايات المتحدة في غضون أيام.
وأظهرت بيانات ارتفاع أسعار المنتجين الألمان أكثر بقليل من المتوقع إلى 4.1% في إبريل/نيسان على أساس سنوي، مما سيجعل البنك المركزي الأوروبي على الأرجح متمسكا بمسار المزيد من رفع أسعار الفائدة.
وفي طوكيو، ارتفع المؤشر نيكاي الياباني، اليوم الجمعة، إلى أعلى مستوى منذ أغسطس/آب 1990، خلال ما يعرف بعصر "الفقاعة" الاقتصادية في البلاد، مدفوعا بمجموعة من العوامل الإيجابية مثل الأرباح القوية والاقتصاد الذي يظهر علامات على الانتعاش وتفاؤل بشأن محادثات سقف الديون الأميركي.
وقفز المؤشر نيكاي إلى 30924.57 نقطة قبل أن ينهي الجلسة مرتفعا 0.77% عند 30808.35 نقاط، في سابع جلسة على التوالي من الصعود. وواصل المؤشر توبكس الأوسع نطاقا ارتفاعه مسجلا 2171.37 نقطة، قبل أن يتراجع منهيا الجلسة بمكاسب 0.18% عند 2161.69.
وجاء ارتفاع الأسهم اليابانية مدعوما بموسم أرباح قوي بوجه عام، وضعف الين الذي عززته توقعات مواصلة بنك اليابان المركزي التحفيز لفترة أطول، فضلا عن الاقتصاد الذي بدأت علامات الانتعاش ما بعد جائحة كوفيد تظهر عليه. واستمد المؤشر نيكاي خلال صعوده إلى ذروة 33 عاما الزخم من التفاؤل المتزايد حيال توصل المشرعين الأميركيين إلى اتفاق بخصوص سقف الدين وتجنب تخلف كارثي عن السداد.
ومن بين 33 قطاعا في بورصة طوكيو، قاد قطاع الآلات الدقيقة الارتفاع وصعد 1.43%، تليه الخدمات بزيادة 1.35%، وقطاع الآلات الذي ارتفع 1.08%. وكان سهم فاست ريتايلينغ مشغلة متاجر يونيكلو الرابح الأكبر من حيث النقاط على المؤشر نيكاي، وارتفع 2.19%.
وبدأت أسهم مصنعي الرقائق اليوم بقوة في أعقاب ارتفاع أسعار نظيراتها في الولايات المتحدة، لكنها فقدت مكاسبها أو سجلت تراجعا حادا في وقت لاحق. وصعد سهم أدفانتست 3.35% في البداية، لكنه أنهى اليوم مسجلا أسوأ أداء على المؤشر نيكاي، بهبوطه 2.86%.
وشهدت أسهم القطاع المالي انخفاضا 1.56% بعدما سجلت أعلى مستوى في شهرين أمس الخميس.
وول ستريت
وكانت المؤشرات الرئيسية في وول ستريت ارتفعت في ختام تعاملات أمس الخميس، بفضل التفاؤل المتزايد بإمكانية التوصل خلال أيام لاتفاق لرفع سقف الدين الحكومي، وقدم سهم وول مارت دعما إضافيا بعدما رفعت الشركة توقعاتها للمبيعات السنوية.
وعوض المؤشر ستاندرد أند بورز 500 خسائره المبكرة بعدما نقلت تقارير عن كبير الجمهوريين بالكونغرس كيفن مكارثي قوله إنه يمكن التوصل لاتفاق لرفع سقف الدين أو تعليقه في وقت مناسب يسمح بالاقتراع عليه في مجلس النواب الأسبوع المقبل.
ووفقا لبيانات أولية، أغلق المؤشر ستاندرد أند بورز500 مرتفعا 39.07 نقطة أو 0.94% إلى 4197.84 نقطة وزاد المؤشر ناسداك المجمع 188.60 نقطة أو 1.51% إلى 12689.44 نقطة. وصعد المؤشر داو جونز الصناعي 117.25 نقطة أو 0.35% إلى 33538.02 نقطة. وارتفع سهم وول مارت، بعدما أعلنت شركة التجزئة العملاقة أرباحا أفضل من المتوقع للربع الأول ورفعت توقعاتها للمبيعات والأرباح عن 2023 بأكمله.