التضخم يثير الجدل أميركياً: دعوات تغيير 2% رقماً مستهدفاً

10 يونيو 2024
مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي، 30 يونيو 2010 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- التضخم في الولايات المتحدة لا يزال أعلى من النسبة المستهدفة بـ 2% من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما يثير قلق الأميركيين ويؤثر سلبًا على معنويات المستهلك والاقتصاد.
- بعض الاقتصاديين يدعون لرفع المعدل المستهدف للتضخم فوق 2%، خاصة بعد الأزمة المالية في 2008، لتجنب المخاطر الاقتصادية في حالة الركود وتعزيز قدرة البنك المركزي على التحفيز الاقتصادي.
- على الرغم من الدعوات لرفع هدف التضخم، يؤكد مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي، بما في ذلك رئيسه جيروم باول، على أن الوقت الحالي ليس مناسبًا لتغيير الهدف نظرًا لاستمرار التضخم عند مستويات مرتفعة.

قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية إنه بالرغم من انخفاض التضخم عما كان عليه، فإنه لا يزال أعلى من نسبة 2% التي يستهدفها بنك الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي في الولايات المتحدة)، مشيرة إلى أن هذه المستويات يمكن أن تكون مقبولة لولا عدم تقبل الأميركيين بشكل عام لنسبة تضخم فوق النسبة المشار إليها.

وذكرت الصحيفة أنه كانت هناك دعوات مماثلة في السابق لرفع المعدل المستهدف لأعلى من 2%، ففي عام 2008 وهو عام الأزمة المالية الذي تبعه التضخم المنخفض وأسعار الفائدة المتدنية للغاية وانتعاش اقتصادي فاتر، وهو ما دفع بعض الاقتصاديين البارزين إلى الضغط من أجل معدل تضخم مستهدف أعلى بكثير من 2%.

وأشارت وول ستريت جورنال إلى أن هؤلاء الاقتصاديين رأوا أن سعر الفائدة المعدل حسب التضخم والذي كان مناسبا للحفاظ على سير الاقتصاد قد انخفض بصورة كبيرة، وهذا من شأنه أن يضع الاقتصاد في حالة محفوفة بالمخاطر.. مضيفة أنه إذا حدث ركود، فلن يكون لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي مجال كبير لخفض أسعار الفائدة قبل أن تصل إلى الصفر.

وذكرت أن مشكلة "الحد الأدنى الصفري" تعني أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف يحتاج إلى اللجوء إلى طرق أقل فعالية لتحفيز الاقتصاد، مثل شراء الأصول، ونتيجة لهذا فإن التعافي الاقتصادي سوف يتوقف، مع انزلاق الملايين من العمال مرة أخرى إلى فترات طويلة من البطالة.

التضخم وارتفاع الأسعار

ولفتت وول ستريت جورنال إلى أن معنويات المستهلك الأميركي، في الوقت الحالي، لا تزال منخفضة للغاية، وذلك على الرغم من انخفاض مستويات البطالة واستمرار نمو الأجور، مشيرة إلى أن تجربة التضخم في السنوات القليلة الماضية كانت سببا رئيسيا.

وأضافت أنه حتى مع تراجع المقياس المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي عن مستوى 7.1% الذي سجله في يونيو 2022، فإن الأسعار أعلى بكثير مما كانت عليه قبل الجائحة.

وقد أبرز الاستطلاع الأخير الذي أجرته الخبيرة الاقتصادية في جامعة هارفارد ستيفاني ستانتشيفا وزملاؤها الباحثون، مدى كراهية الناس للتضخم، فقد وجدوا على سبيل المثال، أن الناس في المتوسط ينظرون إلى زيادة بمقدار نقطة مئوية واحدة في المعدل على أنها أسوأ بمرتين من زيادة بمقدار نقطة مئوية واحدة في معدل البطالة، وفقا للصحيفة.

وأضافت أنه لم تكن أسباب المشاركين في الاستطلاع في كرههم للتضخم مبنية على المخاوف بشأن ارتفاع الأسعار الذي يؤثر على قوتهم الشرائية فحسب، بل على وجهة نظر مفادها بأن التضخم مرهق عقليا، فالتعامل مع ميزانية مقيدة يؤدي إلى خسائر نفسية ومالية.

وقالت ستانتشيفا إنها أيضا مسألة تعقيد، فحتى لو لم تقم بتشديد معايير الميزانية، فإن التضخم لا يزال يتطلب منك إعادة التفكير في الأمور طوال الوقت، وإعادة ضبط الميزانية، وهو في الأساس عبء كبير.

ونوهت الصحيفة بأنه على الرغم من التجربة الأخيرة، يعتقد بلانشارد، الذي يعمل الآن في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، أنه ينبغي لبنك الاحتياطي الفيدرالي في نهاية المطاف أن يرفع هدف التضخم للمساعدة في التأمين ضد المشاكل المستقبلية، ومن أجل مصداقية بنك الاحتياطي الفيدرالي، فإن التضخم يحتاج إلى الوصول إلى 2% قبل أن يحدث ذلك.

ليس الوقت المناسب

وذكرت الصحيفة أن مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي، بمن في ذلك رئيسه جيروم باول، يصرون على أن البنك المركزي لا يمكنه التفكير في تغيير الهدف مع استمرار التضخم عند المستويات الحالية. ونقلت الصحيفة عن باول قوله إن هذا ليس الوقت المناسب الذي يمكننا فيه البدء في الحديث عن تغييره.

ونقلت الصحيفة عن لورانس بول من جامعة "جونز هوبكنز" أنه متمسك بموقفه بشأن الهدف الأعلى. وقال إن ما جعل الناس منزعجين حقا من التجربة الأخيرة هو فجائيتها، مع ارتفاع التضخم من أقل من 2% قبل الوباء مباشرة إلى أعلى مستوى له منذ عام 1981. وأضاف أن بنك الاحتياطي الفيدرالي في عهد بول فولكر في أوائل الثمانينيات كان له الفضل في التغلب على التضخم، لكن الأخير في أواخر الثمانينيات كان حوالي 4%.

ومن وجهة نظره، لا يحتاج بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى وصول التضخم إلى 2% لرفع هدفه لاحقا إلى 4 %، مشيرا إلى أنه بدلا من ذلك، يستطيع صناع السياسات أن يتركوا هدف الـ 2% كما هو بشكل رسمي، ولكن لا بأس في عدم الوصول إلى هذا الهدف على الإطلاق. وبعد بضع سنوات، يمكنهم اعتماد هدف أعلى.

واختتمت الصحيفة بالإشارة إلى ستينسون الخبير الاقتصادي في جامعة كاليفورنيا قد توصل إلى تبني وجهة نظر رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي السابق ألان غرينسبان، بشأن المستوى المناسب للتضخم، وهي أنه عندما لا يعتبر الناس التضخم عاملا في قراراتهم، فإن عدم رفع الهدف لأعلى من 2% يكون منطقيا.

(قنا، العربي الجديد)