تباطأ معدل التضخم السنوي في الولايات المتحدة إلى أدنى مستوياته في 15 شهراً، ليسجل 6.4% خلال يناير/كانون الثاني الماضي، مقابل 6.5% في ديسمبر/كانون الأول، إلا أنه جاء أعلى من التوقعات، التي انتظرت تراجعه إلى 6.2%، الأمر الذي أعاد إلى الأذهان المخاوف من تمسك مجلس الاحتياط الفيدرالي بالسياسات النقدية المتشددة، التي اتبعها منذ الربع الأول من العام الماضي، وتأثير ذلك على احتمالات دخول الاقتصاد الأكبر في العالم في ركود.
وأظهرت بيانات وزارة العمل، الصادرة في واشنطن صباح الثلاثاء، تسارع معدل التضخم في الولايات المتحدة، على أساس شهري، إلى 0.5%، في يناير، كما كانت التوقعات، وذلك بعد أن ارتفع في ديسمبر بنسبة 0.1% فقط.
وجاءت زيادة التضخم على أساس شهري متأثرة جزئيا بارتفاع أسعار وقود السيارات، التي زادت 3.6% في يناير، وفقا لبيانات حكومية.
وباستثناء أسعار المواد الغذائية والطاقة شديدة التقلب، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي بنسبة 0.4% الشهر الماضي، وهي النسبة نفسها التي ارتفع بها في ديسمبر.
ومع بداية التعاملات، في أعقاب نشر البيانات، تقلبت الأسواق بصورة كبيرة، حيث تراجع مؤشر داو جونز الصناعي بنحو 200 نقطة من مستواه عند البداية، ثم ارتفع عنه نحو 120 نقطة، قبل انخفاضه عنه مرة أخرى 300 نقطة، نتيجة لحيرة المستثمرين بين التفاؤل بتراجع معدل التضخم السنوي لأدنى مستوياته في 15 شهراً، والتخوف من اتخاذ البنك الفيدرالي البيانات ذريعة، للإبقاء على معدلات الفائدة مرتفعة لفترات مطولة.
وقال مكتب إحصاءات العمل التابع للوزارة في تقريره إن ارتفاع تكاليف المساكن مثل نحو نصف الزيادة الشهرية. ويشكل هذا المكون أكثر من ثلث المؤشر، وارتفع بنسبة 0.7% على أساس شهري وبنسبة 7.9% عن العام الماضي.
وأظهر التقرير أيضاً مساهمة قوية لقطاع الطاقة، الذي ارتفع بنسبة 2% على أساس شهري، و8.7% على أساس سنوي، بينما كانت الارتفاعات المقابلة في تكاليف الغذاء 0.5% و10.1%، على التوالي.
ويمثل ارتفاع الأسعار خسارة في الأجور الحقيقية للعمال، التي كانت قد شهدت انخفاضا في متوسط الأجر للساعة بنسبة 0.2% مقارنة بالشهر الماضي، وبنسبة 1.8% مقارنة بالعام الماضي، وفقًا لتقرير منفصل أصدره مكتب إحصاءات العمل.
ويأتي ذلك على الرغم من جهود البنك الفيدرالي لتهدئة الأوضاع، حيث قام برفع سعر الفائدة على أمواله ثماني مرات منذ مارس/آذار 2022، بالتزامن مع ارتفاع التضخم لأعلى مستوياته منذ 41 عامًا في الصيف الماضي.
ووصل معدل الفائدة إلى نطاق 4.50% - 4.75%، بعد أن كان قريباً من الصفر في مارس/ آذار الماضي.
وعلى الجانب الآخر، ينظر البعض نظرة إيجابية نحو الإجراءات التي اتخذها البنك الفيدرالي خلال الأشهر الأخيرة، حيث يقول جيفري روتش، كبير اقتصاديو "إل بي إل فايننشال" إن "التضخم آخذ في التراجع لكن الطريق لن يكون سلسًا"، مؤكدًا أن البنك الفيدرالي لن يتخذ قرارات بناءً على تقرير واحد فقط.
وأضاف روتش، في حديثة لقناة سي إن بي سي الإخبارية يوم الثلاثاء "يبدو أن المخاطر تتزايد، حيث أن التضخم لم يخفض من سرعته بالشكل المرضي للبنك الفيدرالي".
والأسبوع الماضي، تحدث رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي، جيروم باول، عن القوى التي تلعب دورًا في تعطيل التضخم، مشيراً إلى تسارع معدلات نمو الأجور، كما البطالة المتدنية. وأكد باول، خلال حديثه في النادي الاقتصادي بواشنطن العاصمة، أن "البنك المركزي ربما لا يزال لديه عمل للقيام به".