تقدم البنوك التركية أرخص القروض في العالم، لكنها متاحة فقط لقلة مختارة. وذلك لأن صانعي السياسة يريدون تجنب أزمة العملة مع الحفاظ على نمو اقتصادي قوي قبل انتخابات العام المقبل، حيث يسعى الرئيس رجب طيب أردوغان إلى فترة ولاية أخرى.
يجبر المنظمون المقرضين التجاريين على إعطاء الأولوية للمصدرين والشركات الصغيرة التي تمثل ما يقرب من ثلاثة أرباع سوق العمل، بحسب تقرير نشرته "بلومبيرغ" اليوم. وارتفعت قروض الليرة الجديدة للشركات الصغيرة، وهي مجموعة رئيسية تستهدف نمو الائتمان، بما يقرب من 10 أضعاف على أساس سنوي خلال الأشهر العشرة الأولى من هذا العام، مقارنة بزيادة سبعة أضعاف للشركات الكبيرة، وفقاً للبنك المركزي.
الشركات التي لا تتناسب مع تقييم الحكومة للمقترضين الجديرين، تكافح لتأمين ائتمان رخيص، حتى مع انخفاض أسعار الفائدة إلى 9% يوم الخميس على الرغم من وصول التضخم إلى 85%. وقد يؤدي تقليص الإقراض بهذه الطريقة إلى إضعاف النمو المتوقع أن يصل إلى 5% هذا العام.
وقال إرين جونول، مدير المبيعات في شركة لتصنيع الأثاث في أنقرة: "فقط المصدّرون الذين لديهم احتياجات استيراد قليلة يمكنهم الحصول على قروض، وهي قلة قليلة فقط من الناس". وأضاف جونول إن شركته لا تهدف إلى النمو بسبب الحاجة إلى الحصول على قروض بتكاليف مرتفعة من أجل استيراد المزيد من المواد الخام، وهي خطوة باهظة مع وصول الليرة إلى أدنى مستوياتها القياسية.
وبحسب "بلومبيرغ" تهدف قواعد الإقراض إلى تعزيز الصادرات دون تأجيج التضخم. تشكل الحدود القصوى لمعدلات الإقراض بالفعل عقبة أمام الرغبة في الإقراض، وسيؤدي التعارض مع السياسات الأخرى إلى زيادة الحد من نجاح هذه السياسات. وتعتبر الوكالة الأميركية أنه "من المؤكد أن صندوق ضمان الائتمان المدعوم من وزارة الخزانة سيحفز الطلب ويغذي التضخم".
يمكن للبنوك إما تقديم قروض رخيصة للعملاء ذوي الأولوية العالية أو الإقراض بتكاليف أعلى للآخرين. ومع ذلك، فإن هذا الأخير يتطلب منهم شراء مبلغ كبير من الدين الحكومي ليتم إيداعه في البنك المركزي. هذا لا يترك حافزاً كبيراً لإقراض عملاء من الدرجة الثانية.
وأصبح التأثير أكثر وضوحاً، وفق "بلومبيرغ" بعد أن بدأت تركيا في خفض أسعار الفائدة في أغسطس/ آب بما يتماشى مع مطالب أردوغان. الهدف الرئيسي هو تجنب الانخفاض الحاد في الليرة الذي أعقب الفترات الماضية من النمو السريع في القروض.
ويعد التعديل جزءاً أساسياً من خطة أردوغان للعبة للحفاظ على استقرار الأسواق قبل الانتخابات الرئاسية العام المقبل. وتزايد الاستياء من ضغوط الأسعار يجعل من الأهمية بمكان تثبيت الليرة. لكن تركيا تعاني من انخفاض في صافي الاحتياطيات الأجنبية، ولا يعد رفع سعر الفائدة للدفاع عن العملة في حالة حدوث هزيمة أخرى خياراً، لأن ذلك قد يتسبب في ركود قبل الانتخابات مباشرة.
وبالتالي، يدفع صانعو السياسة من أجل "الإقراض الانتقائي"، وهي ممارسة تسمح فقط لبعض الشركات التركية بالاستفادة من أسعار الفائدة المنخفضة.